التصنيفات
المدونة

ده كده Unfair

عن نزعة الاستحقاق

قرأت بوست امبارح خطير (وهشرح ليه خطير) وكان مفاده إن:
“هوا علشان يعني إنسان عنده كرومسوم Y (ذكر) فده يديله مزايا مالية في الميراث, ويديله سلطة على الأنثى كولاية الأب أو ولاية الزوج؟

طيب افرض الأنثى أذكى منه أو أقدر على اتخاذ القرارات منه, مش هيا كده أكثر استحقاقا وكان مفروض التشريع يقوم بإعطاء المميزات دي بناء على مؤهلات أكتر من مجرد كروموسومات؟!
ده كده Unfair!

مجرد قراءتي للكلام ده جعل مجموعة من المشاهد تقفز لذهني مباشرة!

المشهد الأول: إبليس

رفض السجود لآدم, مستنكرا اختيار الله أن يعلي قدر آدم!
وشاف ده أمر Unfair !
“أأسجد لمن خلقت طينا؟” !!!
وكان عنده نزعة استحقاق ” أنا خير منه”, وقّدم ال argument بتاعه: “خلقتني من نار وخلقته من طين”

المشهد التاني: من بُعِث فيهم طالوت ملكا

استنكروا اختيار الله أن يملّك عليهم طالوت!
وشافوا ده اختيار Unfair!
“أنّى يكون له الملك علينا”
وكان عندهم نزعة استحقاق “ونحن أحقّ بالملك منه” +
وقّدموا ال argument بتاعهم بأنهم مش شايفين عنده مؤهلات كفاية ” لم يؤت سعة من المال”!

المشهد الثالث: من أُرسل فيهم محمد رسول الله

استنكروا اختيار الله أن يختار محمدا نبيا
= “أبعث الله بشرا رسولا؟!!”
وشافوا لو هيختار بشر -ولا بدّ- فاختيار محمد ده اختيار Unfair!
“وقالوا لولا نُزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ؟! “

فكانوا شايفين candidate تاني هو أكثر استحقاقا = الوليد بن المغيرة! وقدموا الـ arugment بتاعهم إن الوليد بيتّسم بمؤهّل العظمة -بمعيارهم- واللي هوا الوصف الفارق في الأهلية في الحالة دي من وجهة نظرهم!

كيف أجاب الله كل هؤلاء؟

أجاب إبليس بـ : ” أستكبرت؟”

يعني انت شايف قدرك ومنزلتك وكرامتك والـ self-worth بتاعتك أعلى من إنك تخضع لإرادتي واختياري واصطفائي لآدم That false sense of entitlement!!

وأجاب من بُعث فيهم طالوت على لسان نبيهم: “قال إن الله اصطفاه عليكم”!

ببساطة يعني ومن الآخر! ثم شرح بعض المقومات الأخرى بعد ذلك “وزاده بسطة في العلم والجسم”! ثم عاد ليؤكد أحقيّة الله المطلقة في الاختيار بلا مقومات ولا مؤهلات معلنة ” والله يؤتي ملكه من يشاء”

وأجاب قوم نبينا بـ: ” أهم يقسمون رحمة ربّك؟!

نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات” … تأكيد شديد تاني أن القسمة لله, يرفع ويضع, ويعطي ويمنع, قدرا وتشريعا!

وفي سياق الرجل والمرأة تحديدا, خصّه الله بنص مباشر:

” ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض, للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن, واسألوا الله من فضله”

نعم ..فالله يفضّل ويميّز في التشريع بنص الآية … ونهانا عن تمني الحصول على هذه الأفضلية التشريعية،كما أنه سبحانه يفضّل ويميّز في الرزق بواقع الحسّ وبنصّ الآية أيضا
“والله فضّل بعضكم على بعض في الرزق”!

فما تستشكله في تفضيلات التشريع يرد مثله على تفضيلات الرزق فالله من يرزق ويحكم, وما تجيب به عن أحدهما تجيب به عن الآخر!

وفي نصّ عامّ محكم آخر:

“وربّك يخلق ما يشاء ويختار, ما كان لهم الخيرة”
يخلق رجال .. يخلق نساء .. يخلق جنس آخر .. يختار بين الأجناس, يختار داخل الجنس! يختار كما يشاء! ليس لك الخيرة!
باختصار وجمل شديدة الصراحة!

لكنّنا نعلم يقينا في الوقت ذاته, أنّ اختيار الله لا ينفك عن العدل والحكمة, فالله لا يظلم مثقال ذرة, والله أحكم الحاكمين!

لكن مورد الإشكال ابتداء هو عدم التسليم لإرادة الله خلقا أو قدرا أو شرعا بتنصيب الإنسان نفسه منزلة متوهمة!

متوهمة تارة في الاستحقاق!

ومتوهمة تارة أخرى في الإحاطة الأخلاقية,
فهو يحدد للإله بوصلته الأخلاقية!
يخبره عن العدل وما الذي يتوجب عليه فعله واختياره!!

فالخلاصة، نعوذ بالله أن نكون ممن سفه نفسه بترك الاستسلام الكامل لإرادة الله واختياره على ملة أبينا إبراهيم!

المصدر