التصنيفات
مقالات الضيوف

جائزة الأفضل في كرة القدم

مدى سطحية تلك الجائزة وانعدام معاييرها

لن نجعلك تنتظر طويلاً، صحيح أن البعض قد فوجئ عقب تتويج ليونيل ميسي بجائزة الأفضل في وقت اتجاه كل التوقعات صوب فيرجيل فان دايك، إلا أن هذا ليس ما يجب أن يفاجئنا حقاً، فقد حان –أخيراً- الموعد السنوي للتذكير بمدى سطحية تلك الجائزة وانعدام معاييرها وبالتالي فقدانها لأي قيمة على الإطلاق عدا التفاخر الجماهيري.

هذه ليست جائزة يقدمها مجلس حكماء كرة القدم، ولا تملك وحدة قياس ثابتة لتحديد صاحبها كل عام، بل مجرد عرس ديمقراطي، وكما تأتي الديمقراطية بمزايا الحرية وحق الاختيار، تأتي بعيبها الأزلي، كونها مجرد أداة يستخدمها البعض للتعبير عن انحيازاته ليس إلا.

قاعدة معروفة: البلد يملك 3 أصوات، المدرب والقائد والصحفي،
وثلاثتهم عادةً ما يذهبوا إلى مواطنهم أياً كان مستواه،
لمن سيصوت مدرب وصحفي الأرجنتين؟ ميسي.
لمن سيصوت الهولنديون؟ فان دايك.
لمن سيذهب صوت ممثلي السنغال؟ ساديو ماني بالطبع.
لمن سيصوت صحفي مصر؟ ساديو ماني، ماذا؟
حسناً هذا ما حدث، كان هذا صوت الصحفي هاني دانيال ممثل مصر في هذا المحفل، والذي وضع محمد صلاح في المرتبة الثالثة.

الأمر ليس شخصياً على حد قوله، وهذا لو تعلمون عظيم..
أخيراً وجدنا الإعلامي المهني الذي لا ينحاز للاعب لمجرد أنهما يتقاسمان الجنسية ذاتها، ما العيب في ذلك؟
صحيح أنه ليس صحفي رياضي من الأصل وفقاً لرابطة الصحافة الرياضية، وفي رواية أخرى هو متخصص في الاقتصاد، ولكن هل تعتقد أن تلك هي أكبر مشاكل ملف التصويت المصري الآن؟ يبدو أنك لا تعرفنا جيداً..
لماذا نلقي الضوء على صوت دانيال في الأساس؟
لأن صوتي المدرب وقائد المنتخب لم يصلا أصلاً إلى فيفا.

نعم كما نخبرك هنا، المدرب خافيير أجيري قد أقيل عقب كأس الأمم الإفريقية والمنصب كان شاغراً، فيما اختفى صوت القائد أحمد المحمدي لأسباب مجهولة، قبل أن يعلن المحمدي أنه صوت بالفعل، ليليه اتحاد الكرة مخاطباً فيفا بغرض الاستفسار عن سبب عدم اعتماد التصويت المصري، مؤكداً أن شوقي غريب مدرب المنتخب الأولمبي قد أرسل صوته نيابة عن مقعد المدرب الشاغر أيضاً.

صلاح وفي رد فعل فوري وحاسم.. قام بحذف “لاعب لمنتخب مصر” من تعريفه عبر تويتر، قبل أن ينهال علينا بكل ما يمكن إثبات ولائه للبلاد وأنه لن ينال أحد أبداً من حبه لمصر أو علاقته بجماهيرها، حسناً.. لا أحد حاول النيل من تلك المسألة سواك في حقيقة الأمر، فنحن لم نعرف ما الذي استفدته من تلك الخطوة الطفولية على كل حال، ولكن في النهاية لا يمكننا لوم الرجل على غضبه للأمانة، إنهم يستفسرون من فيفا عن سبب عدم اعتماد الصوتين..

حسناً لندع تلك المهزلة جانباً لبعض الوقت وننتقل إلى البرتغال، أراهن أنكم جميعاً نجحتم في تخمين قبلة أصواتهم.. لا، ليس ماني. إنه كريستيانو رونالدو في صدارة صوتي المدرب والصحفي، وكونه القائد ولا يحق له التصويت لنفسه، اختار صاروخ ماديرا كل من ماتيس دي ليخت وفرينكي دي يونج وكيليان مبابي على الترتيب.

حسناً ما القاسم المشترك بين جميع الأصوات البرتغالية؟
لم يصوت أي منهم لصالح التنزاني برناردو سيلفا.
سيلفا وبعد موسم كبير للغاية على كافة الأصعدة، لم يستحق حتى الوصول إلى تشكيل العام وفقاً للسادة المصوتين، نفس القائمة التي ضمت سيرجيو راموس ومارسيلو ولوكا مودريتش.. ثلاثتهم من نفس النادي ولكن صدقني نحن لا نملك أدنى مشكلة مع ريال مدريد بالتحديد، كل ما في الأمر أن النادي لم يحقق أي شيء على الإطلاق طوال الموسم الماضي الذي كان كارثياً لأبعد الدرجات على الصعيدين الجماعي والفردي من وجهة نظر عشاقه قبل خصومه.

بكلمات أخرى.. إن كان بإمكاننا تقبل راموس باعتباره من العلامات التاريخية لتشكيل الأفضل، ومودريتش بصفته الفائز بجائزة الأفضل عن العام الماضي، كيف يفترض بنا تمرير مارسيلو تحديداً؟
الرجل لم يكن أفضل ظهير أيسر في ريال مدريد نفسه طوال الموسم! ذكرونا لماذا كان يلعب ريجيلون إذاً؟
أم أنه مقعد البرازيليين الثابت في الدفاع؟ هذا الذي كنت تجد به داني ألفيس وتياجو سيلفا أياً كان موسمهما؟
على ذكر راموس، قائد ريال مدريد والمنتخب الأسباني قال كلمات رائعة بحق مدافع آخر هو فيرجيل فان دايك، داعماً إياه للفوز بالجائزة ومتحدثاً عن مدى صعوبة منافسته لميسي ورونالدو وهو مدافع..
من الجيد أن يدعم زملاء المركز بعضهم البعض في مواجهة هوس الجماهير بالمهاجمين الذين ينالوا كل المجد وفي النهاية لا يلتفت أحد لعمل هؤلاء المكلفين بحماية ظهورهم،

هل تأثرت؟ “ارجع يا سفيان”.. راموس صوت لهازارد ورونالدو وصلاح،
نعم، لقد وضع صلاح في المركز الثالث تماماً مثلما فعل الصحفي المصري، وليتعفن الدفاع والمدافعون في الظل، هذه ليست مشكلته.

يمكنك اعتبار ميسي هو الأفضل، يمكنك القول بأنه فان دايك، يحق لك أن تعتقد أنه رونالدو أو صلاح أو ماني أو محرز أو حتى جيسي لينجارد، هذا شأنك.. ولكننا قد تجولنا معاً للتو بين أروقة من يمنحهم فيفا حق تقرير “أفضل لاعب في العالم” سنوياً،

هل تعتقد حقاً أن غالبية هؤلاء يملكون أي مؤهلات إضافية تفوقنا نحن الجماهير؟ الكل يملك انحيازاته، ولكننا قد نرى المنطق أحياناً على عكسهم.

فقط أياً كانت قناعتك، لا تجعل هؤلاء يخبرونك من هو الأفضل!

المصدر