التصنيفات
مقالات الضيوف

تكتيكات التبرير

لماذا نخترع حكمة لأفعالنا العشوائية؟

رق طفل قلما من المدرسة فعاتبه والده بشدة قائلا: “لماذا تفعل ذلك؟ قل لي إنك تريد قلما وسوف آتيك بخمسة أقلام من الشركة التي أعمل بها”

(نكتة شهيرة)

كان الكونت فرونسكي، وهو ضابط وسيم أنيق يمكن أن تلاحظه بسهولة في حفلات العائلات الأرستقراطية المطرزة بمظاهر البذخ في مدينة سان بطرسبرج ذات الهندسة المعمارية البديعة، كان شخصا معقدا، لا تمتلك الكثير من الجمل لتصفه، رغم معرفتك أنه شخصية متقلبة حينما يتطرق الأمر للعلاقات بين الجنسين، حيث اعتقد أنها مسألة متعة وليست قضية أخلاقية، فهو يتعامل مع الزواج كمؤسسة اجتماعية سخيفة لا تفعل أي شيء سوى أنها تزيد الطين بلّة، لكن الانغماس في هذا العالم النزوي دعا “ليو تولستوي” للقول عن بطل روايته واسعة الشهرة “آنا كارنينا”:

“لكن تلك القواعد متغيرة. على سبيل المثال، لا يجوز لأحد أن يقول كذبة لرجل، لكن يجوز أن يفعل ذلك لامرأة؛ من المفترض ألا يغش أحد أبدا، لكن يجوز للزوج أن يفعل ذلك؛ لا يمكن لأحد أن يعفو عن إهانة، لكن قد يُسمح بأن تمر من أحدهم، وهكذا. ربما لم تكن هذه المبادئ معقولة أو جيدة، لكنها لم تخيّب الظن أبدا. طالما تمسك بها، شعر فرونسكي أن قلبه في سلام وثقة”آلة الأعذار

للوهلة الأولى، تظن أن تلك القواعد غير أخلاقية بالمرة، وهي كذلك فعلا، لكن ما قصده توليستوي هنا كان أكثر عمقا، إنه أمر نمارسه بشكل يومي في حياتنا دون أن ندري، هل حدث مثلا أن رفضت إخبار شريك حياتك بشيء ما بحجة أن إخباره سيدمر العلاقة وأنك ستتغير وتصبح أفضل والمهم هو أن تستمر العلاقة؟ هل حدث أن قلت في نفسك عن خطأ ارتكبته: “على الأقل لم أفعل ما هو أسوأ (وتذكرت أمرا أسوأ بالفعل)”؟ أو ربما حدث وقررت الاستمرار في علاقة ضارة لأنك تخشى أن تكون وحيدا لكنك تحجّجت بأن “شيئا ما سيحدث ويغير الأمور للأفضل”؟

أكيد أن ذلك حدث ذات مرة، أن تم رفضك في وظيفة ما ثم قلت لنفسك: “لم أكن أريدها على أي حال، فقط كنت أجرب”، أو أنك قلت في نفسك إن “الأسعار ترتفع يوما بعد يوم” كمبرر لشرائك هاتفا ذكيا مرتفع الثمن رغم أنك اشتريته ليجعل شكلك أكثر أناقة أمام زملاء وزميلات العمل، أو ربما قد تكاسلت في أداء عملك بالوظيفة الحكومية، لأي سبب ممكن، لكنك أخبرت نفسك أنك تفعل ذلك لأن مرتبك ضعيف، أو بالتعبير المصري الشهير “على قد فلوسهم”

من حين لآخر يحدث أن نحكي لأنفسنا قصصا مشابهة تخفّف عنّا حمل الحقائق، فكيف -على سبيل المثال- يمكن بسهولة أن تتقبل فكرة أنك قد رُفضت في علاقة ما؟ لا بد أن تخرج بحكاية تقول فيها لنفسك إن “الخطأ خطؤهم” أو إنك “لم تكن تهتم” أو أي شيء آخر، لكن حينما نفعل ذلك فنحن نستخدم آلية دفاعية شهيرة تحدّث عنها سيجموند فرويد قبل نحو مئة سنة تسمى “العقلنة” (Rationalization)، وتعني(1) قدرتنا على تبرير سلوك أو فكرة أو شعور غير مقبول بطريقة منطقية، وبالتالي نتجنب السبب الحقيقي للمشكلات.

في حديثها مع ميدان، تقول كريستين لورين، أستاذة علم النفس من جامعة بريتش كولومبيا: “أحد الأسباب المتوقعة لهذا السلوك هو أن الناس يريدون أن يشعروا بالرضا عن ذواتهم”، وتقصد لورين أن هذا الشعور بالرضا هو جزء رئيس من تركيبتنا، لأنه متعلق بالمستقبل كذلك، فتضيف:”اذا أقنعت نفسي أنني لم أخطئ، فلابد وأن نتائج ما فعلت ستكون غير ضارة في المستقبل أيضًا

لا يعني ذلك أن نجد فقط حجّة عاطفية، ولكن أن تكون تلك الحجة مقبولة ومنطقية بالنسبة لنا، لفهم تلك الفكرة يمكن أن نتطرق لحالة أكثر تطرفا، لنفترض أنه قد تم استفتاء العالم كله، كل فرد في الكوكب، حول “الاحتيال”، هل هو أمر جيد أم سيئ؟ في ذلك الاستفتاء كانت اختيارات الجماهير سرّية، بحيث لا يمكن لأحد أن يعرف أنك اخترت “جيّد” أم “سيئ”، هنا لا شك أن الغالبية العظمى الساحقة من الناس ستقول إن الاحتيال هو أمر سيئ، لكن على الرغم من ذلك فإن الأرقام العالمية(2) للاحتيال الإلكتروني تقول إن 66% من الشركات تعرضت له على الأقل مرة واحدة في العام الفائت فقط، وخسرت البشرية نحو 4 تريليون دولار، بسبب الاحتيال بكل أنواعه!

لماذا نحتال على الآخرين؟

عند هذه النقطة، يتدخل عالم الجريمة الأميركي الشهير “دونالد كريسي” ليقول إن المشكلة ليست في قناعاتنا بما هو جيد أو سيئ، هذا التعميم لا يفيد في توقع النتائج الصحيحة لأننا -كبشر- بخضوعنا للظروف نفسها، قد نجيب بالفعل عن هذا السؤال بـ “سيئ”، لكن سلوكنا في حالات الاحتيال يتعلق بثلاثة عوامل مهمة تضغط علينا، وهي العوامل التي جمعها كريسي في “نظرية مثلث الاحتيال”(3)(Fraud Triangle)، هذه العوامل هي “الضغط” و”الفرصة” و”العقلنة”.

“الضغط” هو أمر مفهوم، يمكن لأي سبب أن تقع في ضائقة مالية شديدة، قد تكون معرضا للسجن أو قد تكون حياة أحد أفراد عائلتك معرضة للخطر ويجب أن تحصل على نقود الآن، أما “الفرصة” فهي أن تكون ذا قدرة على الوصول لنقود، أو بيانات، أو بضائع، بحكم مهنتك على سبيل المثال، هذه القدرة تتيح لك فرصة الاحتيال. أنت لا تفعل، وتقنع نفسك أنك لن تفعل ذلك أيضا، لكن تزامن الضغط الشديد مع وجود فرصة قد يرفع من احتمالات أن تقرر الاحتيال، لكن ذلك لا يتم إلا مع تدخل عامل آخر أكثر أهمية وفاعلية من سابقيه، العقلنة.

يرى كريسي أنه قبل اتخاذ القرار بالمُضي قُدما في عملية احتيال يجب على الشخص أن يضع مبررا يبدو منطقيا لفعلته، كأن يقول لنفسه إنه “مظلوم” ولم يأخذ حقه وقد عمل لمدة 10 سنوات في هذه الشركة دون أي احترام لإخلاصه، أو أن يقول إن تلك السرقة “لن تضر أحدا، فأنا أسرق من الحكومة، وهي أساسا حكومة فاسدة”، أو حتّى أن تقول لنفسك: “لا بأس، سأحل مشاكلي ثم سأعيد النقود مرة أخرى”، يمتد ذلك إلى نطاقات لم تتصور وجوده، كتبرير وصولك للعمل متأخرا لأنهم “يجب أن يتحملوك كما تتحملهم”، أو أنه لا توجد مشكلة في أن تأخذ من ورق وأقلام الشركة -على سبيل المثال- لأنها “شركتنا كلنا”، إحدى النكات الشهيرة في هذا الصدد تقول إن طفلا سرق قلما من المدرسة فعاتبه والده بشدة قائلا: لماذا تفعل ذلك؟ قل لي إنك تريد قلما وسوف آتيك بخمسة أقلام من الشركة التي أعمل بها.

هل ترى ذلك؟ الأب لا يدرك أنه يفعل ما فعله الطفل، لأنه يعقلن أفعاله الخاصة بحيث يبرر عملية “أخذ قلم من الشركة” على أنها شيء طبيعي لأنها “لن تؤثر في شركة ضخمة، إنه مجرد قلم بأقل من رُبع دولار فقط” أو لأنها “شركتنا وكل ما فيها ملكنا”، وهو يفعل ذلك دون وعي واضح، الأمر إذن يتعلق بالكيفية التي نعيد بها قراءة الواقع، تشرح الفيلسوفة والروائية الأميركية ذات الأصول الروسية، آين راند، تلك الفكرة حينما تقول(4) في كتابها “الفلسفة: من يريدها؟!” إن “العقلنة هي العملية التي نرفض فيها إدراك الواقع، بل نحاول أن نجعل هذا الواقع يتوافق مع عواطفنا”.

“بن علي” هرب

لكن على الرغم من أن الأمر يبدو، للوهلة الأولى، متعلقا فقط بمشكلاتنا الفردية مع أنفسنا، ومحاولاتنا للكذب عليها، فإنه يمتد لما هو أكثر عمقا وتشعبا من ذلك. في تلك النقطة دعنا نتأمل مجموعة مهمة من التجارب قامت بها “كريستين لورين”(5) من جامعة بريتيش كولومبيا على مدى الأعوام الثلاثة الفائتة في محاولة لفهم تأثير “العقلنة” على حياتنا، في إحدى التجارب قسّمت لورين وفريقها المشاركين إلى مجموعتين، الأولى تم إخبارها أن قانونا جديدا سيتم تفعيله قريبا لوضع قيمة أقل للحد الأقصى لسرعات السيّارات على الطريق، والسبب هو سلامة وأمان الركاب، أما المجموعة الثانية فسيتم إخبارها أن هذا القانون ما زال موضع جدل ونقاش، قد يتم تمريره وقد لا يتم تمريره.

هنا جاءت النتائج(6) لتقول إن المجموعة التي قيل لها إن القانون سيتم تفعيله كانت أكثر قبولا للفكرة، بمعنى أن معظم أفرادها أقرّوا أنه من الصالح العام أن يتم تخفيض الحد الأقصى للسرعة على الطرقات، أما بالنسبة للمجموعة التي قيل لها إن الأمر محل جدل، فقد أبدت اعتراضا بنسبة أكبر على هذا القانون. بحسب تجارب لورين، فإن الناس يلجأون لآلية العقلنة في حالة واحدة، وهي شعورهم أنهم محاصرون، عالقون في أمر ما، بالتالي فإن العقلنة تكون أشبه ما يكون بآلية تكيّف مع الوضع الراهن، لكي ننام بسلام دون حاجة إلى التفكير في أن أوضاعنا خاطئة.

أحد الأمثلة التي تضربها لورين في حوارها مع ميدان تتعلق بتلك الفكرة، “خذ مثلا الفجوة في الرواتب بين الرجل والمرأة في نفس الوظائف، حينما تؤكد البيانات أن هذه الفجوة موجودة فإن البعض سيلجأ للعقلنة من أجل الشعور أن العالم عادل ولا توجد مشكلات، سيقول مثلا أن ذلك يحدث لأن الرجال أذكى من النساء، أو أن النقود لا تلفت انتباه النساء كالرجال، أو أن النساء محببات أكثر من الرجال وفي المقابل يأخذ الرجال مالا أكثر فيكون العالم عادلا .. الخ”، وهكذا تستمر الأوضاع الخاطئة بسبب العقلنة.

تقودنا فكرة الأوضاع الخاطئة للدخول إلى أرض مختلفة قليلا، فإذا كان الناس يشعرون بأنه لا مفر من النظام القائم في بلد ما، سوف يعطون أسبابا منطقية لوجوده، كأن يقولون مثلا إن “هذا الشعب لا يمكن أن يُحكم إلا بهذه الطريقة” أو إن “الظرف الحالي يتطلب رئيسا بخلفية شبيهة”. تضرب لورين(7) مثالا بالربيع العربي، فقبل الثورة في تونس كان “بن علي” حالة لا مفر منها، حينما يشعر الناس أنهم عالقون في تجربة مشابهة فإنهم يقومون بعقلنة الحالة وتبرير وجودها، لكن ما إن حدثت الثورة وهرب بن علي أدرك سكّان البلاد المجاورة أن الحكومات الخاصة بهم ليست مطلقة ويمكن أن ترحل، لهذا السبب انتقلت الثورات من دولة لأخرى.

في تلك النقطة الأخيرة قامت لورين بعدة تجارب أخرى شبيهة لتأكيد الفكرة المتعلقة بالمستجدات السياسية. على سبيل المثال، تم اختبار الناس(8) قبل وبعد سريان قوانين مثل حظر التدخين في الحدائق العامة بولاية ما، وحظر بيع الزجاجات البلاستيكية في المحال التجارية، وكذلك قبل وبعد تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، في كل مرة كان الناس أكثر ميلا لعقلنة الوضع القائم بعد أن أصبحوا غير قادرين على تفاديه، فأصبحت الزجاجات البلاستيكية ملوثة للبيئة فعلا وذات خطر داهم، و أصبح التدخين ضارا جدا بالصحة في الحدائق العامة، ودونالد ترامب هو رئيس المرحلة، بينما -قبل تفعيّل أيٍّ من تلك القرارات- كان الناس أكثر قبولا للجدل حول مدى مناسبتها لحياتهم، الناس إذن يقومون بعقلنة القرارات السياسية فور أن تدخل حيز التنفيذ.

لهذا السبب، تقول لورين في حديثها مع ميدان أنه – في أثناء الإستبداد – فإن “العقلنة تكون في أوجها طالما لا يوجد بدائل للمستبد الحالي، بالتالي تلعب العقلنة دورا في تثبيت الدكتاتوريات” ثم تضيف بعد قليل “لكن بوجود بدائل ممكنة فإن معدلات العقلنة تنخفض ويصبح من الممكن أن يرفض الناس سياسات الدولة التي تمارس حكما مستبدا”.فات المعاد

نحن البشر، إذن، كائنات بارعة في اختلاق الأعذار، سواء كان ذلك مرتبطا بعلاقاتنا الخاصة مع الأصدقاء أو الأحباء أو العائلة أو كان مرتبطا بالحكومة الحالية في البلاد، ربما إذن نحن نعيش في عالم شبيه إلى حد ما بعالم “فرونسكي” الذي تحدثنا عنه في بداية التقرير، فنحن نكيل بمكيالين في الكثير من الأحيان من أجل التبرير لذواتنا، يمد “دانيال كانيمان”، في كتابه “التفكير بسرعة وببطء”، الخطوط على استقامتها حينما يقول إننا نميل إلى تكوين تلك النوعيات من القصص (السرديات) بشكل بديهي.

حينما نتعرّض إلى كم كبير من المعلومات، وهو ما يحدث بالفعل في كل شيء مرتبط بحياتنا اليومية، فإننا نميل إلى انتقاء أقل عدد منها يمكن أن يصنع أبسط قصّة ممكنة، ونصدق تلك القصة. يمكن لعواطفنا أن تتدخل في تلك الآلية الحرجة وتحسم التحليل الذي نقوم به لصالحها، فنجمع من المعلومات المتاحة ما يؤيّد وجهات نظرنا بصورة منطقية، لكننا نعرف أن بديهيتنا تتجنب الغموض بطبعها، وتتجنب المعلومات غير المتاحة والبيانات والإحصاءات العلمية، هي فقط تضع العالم في أدمغتنا بصورة مجموعة من القصص البسيطة، بالتالي فإن ما نعتقده عن العالم قد يكون أبسط -بشكل جذري- من العالم نفسه وما يحويه من أحداث ومعلومات.

“هل لذلك غرض تكيفي ما؟ لا أعرف” تقول لورين في نهاية حديثها مع محرر ميدان، مضيفة أنه “ربما بالفعل يكون ذلك السلوك هو آلية اكتسبناها من أجدادنا قبل عشرات الالاف من السنين، حيث أن التعامل مع العالم على أنه مكان عادل لا نفعل به أخطاء يسمح لنا بتحويل طاقتنا للتركيز على أمور أكثر حيوية بالنسبة لنا، أهدافنا في الحياة” ثم تضيف ” هذا السؤال هو ما أعمل عليه حاليا في عملي البحثي، لازال هناك الكثير من الأسئلة”.

الآن تأمل الأمر قليلا، هل يمكن أن يحدث ذلك؟ هل يمكن أن تقضي معظم حياتك في التبرير لذاتك؟ في اختلاق الأعذار التي تبرر بها الفشل والكسل والسكون وتجنب بذل الجهد على ذاتك في سبيل تطويرها؟ المشكلة الكبرى التي نواجهها هنا هي أن كسلنا، متمثلا في آليات “العقلنة”، أذكى منّا، قادر على إقناعنا بأن هناك أسبابا لما يحدث، قادر على إقناعنا أن الآخرين من حولنا هم السبب فيما نحن فيه، أو أننا في انتظار شيء ما أو شخص ما ليخلّصنا مما نحن فيه، أو أننا عباقرة وأذكياء ومتفرّدون لكن الفرصة لم تأت بعد، أو أننا نحتاج إلى صدمة حقيقية كي نتغير.

لكن الحقيقة هي أنه لا توجد صدمات، ولا يوجد مخلّصون، حينما يهدد براد بيت الشاب الكوري بمسدس في فيلم “فايت كلوب” (Fight Club) فإن حياة الأخير لن تتغير طالما أنه اعتاد على تبرير كل شيء لذاته واختلاق الأعذار لحمايتها، إذا لم توقن تماما أنك مسؤول مسؤولية كاملة عن نفسك، إذا لم تؤمن بذلك في أقرب فرصة ممكنة، سيظل هذا الكسل المقنّع قابعا على صدرك طوال العمر لتصل إلى مرحلة تكتشف فيها الحقيقة، لكن عندها -كما تقول أم كلثوم- سيكون “فات المعاد”.

المصدر