التصنيفات
مقالات الضيوف

تاريخ التعليم في مصر

عاوزين شهادات؛ خدوا شهادات كثير… بس هل انتم بتتعلموا؟

نرجع بعد غياب ببوست طويل تعويضاً؛ وبما إن بوستات سنة 4 ابتدائي كثير؛ فنكتب بوست عن التعليم بس مش من وقتنا الحالي ومش ابتدائي؛ نتكلم عن الجامعات… ونفكر سوا كده ليه زمان كانت الجامعات المصرية بتطلع نوابغ ؛ وحاليا بقت تطلع خريجين ميعرفوش يكتبوا سطرين صح بدون غلطات إملائية (مش نحوية؛ يعني مش بيكتب الكلمة نفسها صح مش غلطة همزة وكده).

نبدأ حكاية الجامعات والتعليم في مصر مع عصر محمد علي؛ عاوز أوضح نقطة هتكمل معانا؛ الإدارة العليا للبلد بتقرر وتدير التعليم بهدف سياسي وليس تربوي؛ يعني مش الهدف خالص إن الناس تتعلم بل هدف آخر هنشوفه في الحدوته؛ وكلامي مش دلوقتي أنا بقول أهو عصر محمد علي.

مع وصول محمد علي لحكم مصر توسع بشكل كبير في بناء كل شيء ويعمل مصر الحديثة؛ وهنا لقي محمد علي ان في مشكلة؛ محتاج ناس متعلمين لدرجة عالية عشان يبقوا موظفين بدرجات عليا؛ زي أطباء للجيش الكبير اللي بيكونه؛ مهندسيين زراعيين لمشروعات الري والزراعة؛ ومهندسين فعليين عشان يبنوا المشاريع وهكذا.

وهنا يقرر محمد علي بناء المدارس العليا ودا الاسم القديم للكليات؛ وافتكرت الهدف ايه؟ عاوز عدد معين يبقي في وظائف عليا بس؛ مش الهدف أعلم الشعب كله… وعشان كده كان عدد المدارس العليا قليل ومحدود بس كان الاهتمام بيهم كبير وبيتم ارسالهم لبعثات الي فرنسا وايطاليا للدراسة بحيث يضمنوا أعلى كفاءة. ويقال ان نسبة المتعلمين عامة في عصر محمد علي كانت 3.5% ؛ دول اللي بيعرفوا يقرأوا ويكتبوا ككل مش جامعات بس.

أولاد محمد علي مفرقوش كثير عنه؛ عدا حفيده محمد سعيد باشا (بسميه مكرونة عشان يقال ديلسسبس اقنعه يعمل قناة السويس في أكلة مكرونة 😂)… الخديوي محمد سعيد كان له وجهة نظر مختلفة شوية لمصر عن جده؛ ف جده كان شايف ان مصر تبقي طبقة ضخمة اشبه بالعبيد وفوق طبقة عليا متعلمة ومثقفة تحكم وبعدين الخديوي يبقي فوق الهرم دا… بس محمد سعيد له رأي مختلف؛ قالك بالنسبة للعبيد تحت؛ هقلل الضرايب وهسمح بملكيات شوية اكثر للاراضي ونحسن ظروف الناس شوية يعني نرفع شوية من طبقة المسحوقين في الارض؛ اما الطبقة اللي فوق فننزلهم تحت؛ اقفل يا ابني الكليات دي بلاش وجع قلب ويقال انه قال (ان امه من الجهال اسلس في القيادة من امة متعلمه).

يروح سعيد وييجي الخديوي اسماعيل؛ دا بقي كان بيحب يصرف فلوس قوي؛ طول عصره كان يقعد يشوف ايه في الكوكب موجود وناخد قرض ونعمل زيه؛ مشاريع بنية تحتية شغال؛ بني قصر عابدين وقصر القبة وكوبري قصر النيل وعمل الاوبرا ودخل السكك الحديد مصر وعمل المصرية للاتصالات We ومجلس الشعب (كان اسمه شوري) وحفر الترعة الإبراهيمية وترعة الاسماعيلية وبني محافظة الاسماعيلية نفسها وعمل مصانع سكر وغزل ونسيج وغيرهم… بصوا هو عمل كل حاجة تقريبا.

طب التعليم؟ يعني هيكون ايه؛ بني كل شيء هتيجي عالتعليم؛ رجع فتح الكليات اللي قفلها سعيد وشغل البعثات التعليمية تاني وفتح كلية المعلمين (دار العلوم) وسمح بدخول البنات للمدارس وكله… هو الصراحة الراجل كان بيصرف مش من جيبه فمش بيبخل خالص؛ وفي الاخر قفلوا له حنفية القروض فلقي نفسه مش عارف يصرف فباع حصة مصر من قناة السويس… ودخلت مصر في عصره خناقة مع اثيوبيا علي منابع النيل ودخلنا حربين وللأسف تم ابادة الجيش المصري في الحربين دول؛ وكانت قيادة الجيش مرتزقة اوروبيين مش مصريين.

بعد اسماعيل جه الخديوي توفيق والاحتلال الانجليزي؛ وصراحة بالرغم من ان الاحتلال كان بخيل شوتين ثلاثة بس عمل إصلاحات في التعليم وسهل سفر المصريين وخريجي الجامعات لانجلترا للدراسة العليا والماجستير والدكتوراه؛ ومش اشهر اللي استفادوا بالموضوع دا؛. الدكتور مصطفي مشرفة رحمه الله اللي عمل الدراسات العليا بتاعته في انجلترا.

احتكاك المصريين بالانجليز بالشكل دا ساهم بشكل كبير من تطور الجامعات او وقتها كان اسمها كليات… لكن برضك كان عددها قليل لدرجة ان في باشوات كانوا بيبعتوا عيالهم اوروبا يدرسوا حاجات لسه مش متطور تعليمها في مصر زي الزراعة؛ وأشهر مثال عبد الله باشا وهبي اللي كان من اكبر المزارعين او الاقطاعيين في الفيوم لما بعت ابنه إيطاليا لدراسة الزراعة؛ لكن ابنه يوسف قرر يدرس التمثيل؛ ايوا ابنه يوسف عبد الله وهبي او كما يعرف ب يوسف وهبي؛ دا ابوه بعته يدرس زراعة في ايطاليا عشان يرجع يدير اقطاعيات الاب؛ تقريبا هيقف وسط الارض يقولهم ياللهول

بحدوث الحرب العالمية الاولي مصر صدرت كثير لدول الحلفاء مما ساعد مصر تكون ثروة ضخمة؛ ودا خلي مصر اللي كانت من كام سنة مديونة في عصر اسماعيل ويتعمل عليها لجنة (Stephen Cave) لفحص اوراق مصر وادارة الديون وتجبر مصر تبيع حصتها بقناة السويس في عهد اسماعيل؛ ينقلب الحال بسبب الحرب العالمية ومصر تسدد ديونها ويبقي عندها فائض مالي كمان؛ وتعدي فترة حاكم مصر المغمور عباس حلمي (كوبري عباس والله حي عباس جاي) ونبدأ عصر جديد مع الملوك.

مع ثراء مصر في عهد الملك فؤاد تبدأ مصر في تأسيس الجامعات والفارق ان زمان كان الوضع هو كلية هنا وكليه هناك ومفيش ادارة مجمعة للمواضيع دي؛ وتتعمل جامعة فؤاد (جامعة القاهرة) وللتوضيح هي كانت موجودة ك كليات وكده هو نظمها وعملها جامعة؛ وتوسع مصر في بعثات التعليم بره لانجلترا وفرنسا وايطاليا.

كان الاهتمام بالكليات عالي والحكومة بتصرف عليه فلوس كثير (نسبة لعدد الطلبة) ومناهج من اوروبا ودكاترة دارسين في اوروبا… وعشان كده كانت الدولة بتطبق سياسة الكيف لا الكم… يعني من الاخر انا مش هبعزق فلوسي علي بهايم 😂؛ معلش مقولة صادمة بس هو دا اللي كان بيحصل واتقال ضمنيا… يعني معاك فلوس خش بفلوسك اتعلم؛ اما فقير فعشان تخش الجامعة لازم تكون دماغك حلوه ومتفوق في الدراسة؛ عشان انا ك دولة هصرف عليك فمش هصرف فلوس وتطلع انتا مخك علي اده؛ انا عاوزة اخرج 100 بيفهموا ولا اني اخرج 10 الاف جاهل بشهادة.

برحيل فؤاد جه فاروق؛ ومصر شهدت تحسن مالي فحصل ضغوطات من طبقة المثقفين علي الدولة عشان نحسن من وضع المواطن خاصة مع الحرب العالمية؛ فالحكومة عملت التموين وبدأت في توزيع بعض الاراضي الزراعية (اتقلبت من الباشوات؛ وكمان حملة مكافحة الحفاء) وبالنسبة للتعليم ف بضغوط من طه حسين ونجيب الهلالي صدر قرار بتفعيل دستور 23 بمجانية التعليم الابتدائي ؛ ثم سنة 1950 طلع قرار بمجانية الاعدادي والثانوي لكن بقيت الجامعات بفلوس او للمتفوقين.

بسبب قلة خريجي الجامعات فبقى الخريج منها ذو شأن؛ وظيفة حكومية او قطاع خاص بمرتب جيد ومستوي معيشي مرتفع مقارنة بمعظم المصريين؛ فمن هنا اتزرع في الثقافة المصرية فكرة (خدلك شهادة) المهم خد شهادة حتي لو هتفضل حمار؛ الشهادة دي هتضمن ليك مستوي معيشي حلو.

بنهاية عصر فاروق كانت نسبة المتعلمين 35% ذكور و 20% إناث؛ ولاحظ ان مجانية التعليم صدرت اه في عصر فاروق بس مكانتش لسه اتفعلت قوي.

جه العصر الناصري؛ أمم يا ابني البلد كلها وحول ملكيتها للدولة؛ وهنا الدولة بقي عندها ثروة رهيبة؛ ففي الاساس هي وارثة دولة غير مديونة وعندها فائض موازنة سنة 50 (سنة 51 عجز) لكن مفيش ديون بالعكس نظريا هي دائن لدول اخري؛ وكمان لميت فلوس الشعب ضيفتها لفلوس الدولة فمصر بقت ثرية جدا.

وهنا يقرر عبد الناصر التوسع في بناء المدارس؛ فيقال بنهاية عصر فاروق مصر كان فيها 5 الاف مدرسة بقي فيها بوفاة ناصر 18 الف مدرسة. وكان في 40 الف مدرس بقوا 250 الف مدرس… وكان فيها 840 الف طالب بقوا 5.5 مليون؛ قفزات ضخمة.

عاوزك تلاحظ حاجة حصلت؛ في العهد الملكي كان المتوسط المدرسة 175 طالب بقي متوسط المدرسة 305 طالب؛ فمن هنا بدأت المدارس تاخد شكلها الحالي؛ قلل مساحة الحوش والملعب وابني مبني تاني للفصول.

طيب هو ازاي عدد المدرسين قفز من 40 الف الي 250 ألف؟ وعشان تفهم ايه حصل نرجع فلاش باك لبعد 52 ونكمل القصة بالتسلسل الزمني.

زي ما حكينا النظام كان عنده ثروة وموارد ضخمة وكمان توسعنا في المنح الامريكية ببرنامج الغذاء مقابل السلام؛ فمن هنا مصر خارجيا بدأت تساعد دول العالم الثالث؛ تحررتم من الاستعمار؛ هبعت لك مدرسين وهبعت مهندسين واطباء؛ وداخليا ابني يلا القطاع العام الضخم وشغل الناس.

بنهاية الخمسينات وبداية الستينات وجدت الدولة في مشكلة بتحصل؛ معنديش خريجي جامعات كفاية؛ اه التحسن الاقتصادي للمواطنين خلي قطاع اكبر قادر يدخل اولاده الجامعة؛ بس فضلت الجامعات شغالة بنظام الكيف وليس الكم والدخول بفلوس او متفوقين.

لكن الدولة دلوقتي عاوزة خريجيين كثير عشان المصانع والمدارس والمستشفيات والبعثات الخارجية؛ فكده في طريقين؛ الاول هو بناء جامعات جديدة وبدل ما مثلا بنخلي ال 5 الاوائل نبعت 2 يعملوا دراسات عليا في الغرب و 3 يبقوا معيدين؛ نخليهم 15 مثلا نسفر 5 ونعين 10 فنربي جيل من أعضاء هيئة التدريس على ما نخلص بناء الجامعات الجديدة.

بس في مشكلة في الطريق دا؛ انه عاوز شغل كثير وطويل؛ يمكن 10 او 20 سنين عالاقل عشان تبدأ تشوف؛ وانتا عاوز بسرعة ناس تتخرج…. فعشان كده اعلن جمال عبد الناصر انه بمناسبة الذكري ال 10 لثورة 52 يعني اعتبار من سنة 62 التعليم الجامعي مجاني… يلا كله يخش الجامعة هجوووووم.

المشكلة كانت ان التركيبه القديمة لغاية 61 كانت جامعات بإمكانيات جيدة واعضاء هيئة تدريس جيدين وعدد طلب قليل = خريج جيد

فجأة قررت تخلي دكتور جامعة كويس وجامعة كويسة لكن مع عدد كبير من الطلبة فالنتيجة كانت خريج متوسط الي جيد.

بتمر السنين؛ ومصر بتخش حروب اليمن ثم النكسة؛ ولم يتم مضاعفة الموارد اللي رايحة الجامعة لتناسب تضاعف الاعداد؛ فدا تسبب في تهالك الجامعات وعدم تطورها.

ومع اشتداد القبضة الامنية في البلد فبدأ جزء من دكاترة الجامعة يسيبوا البلد او يفصلوا؛ وفي نفس الوقت صعود الخليج فبدأ يجذب المدرسين ودكاترة الجامعة

فمع مرور السنوات بقي السيناريو في الجامعة كالتالي؛ دكاترة ممتازين بيكبروا في السن ويطلعوا معاش او يفصلوا ويعتقلوا امنيا او يروحوا الخليج؛ وامكانيات الجامعات /المدارس بتتهالك بسبب زيادة عدد الطلاب دون زيادة الموارد ليهم؛ وطفرة سكانية من 18 مليون ل 30 مليون بنهاية العصر الناصري.

فبقي كل جيل يتخرج اقل من اللي قبله؛ وبالانتقال الي عصر السادات كان جيل دكاترة الجامعة اللي درسوا في اوروبا في العصر الملكي خرجوا معاشات او مشيوا وبقي في جيل من نص جيد؛ الجيل اللي لقي موارد الجامعات جيدة واتعلم علي يد دكاتره كويسين بس في تكدس طلابي فبقي نص جيد.

في العصر الملكي اتعملت جامعة القاهرة وعين شمس واسكندرية وصدر قرار انشاء جامعة اسيوط اللي تم افتتاحها بعد 52؛ وفي العصر الناصري لم يتم بناء اي جامعات جديدة لكن كانت بتتفح كليات بشكل متفرق؛ جامعة اسكندرية تفتح كليتين كده في طنطا ولا الزقازيق وهكذا؛ عصر السادات بقي كان تحسه تنظيم اداري؛ ايه دا في كذا كلية هنا؛ طيب ما تعملوا كلية كذا وكذا وكذا ونجمعهم ونسميهم حامعة؛ جامعة حلوان جامعة الزقازيق جامعة طنطا جامعة المنصورة وهكذا… عاوزين نتميز عن عصر ناصر ونقول عملنا جامعات.

بحلول عصر مبارك كان الموضوع انتهي؛ كل الدكاترة الممتازين خلاص الله يرحمهم؛ ومعظم تلامذتهم اللي علي مستوي عالي بقوا في الخليج او اوروبا شغالين وسابوا البلد؛ وخلاص جو البعثات للغرب دا بقي في اضيق الحدود.

ايه الحل يا مبارك ايه الحل؛ لقيته؛ اعمل جامعات خاصة وسيب القطاع الخاص يوفر اللي انا معرفتوش؛ وطبعا دا اللي اتقال وقتها لكن الحقيقة كانت سبوبة تدي شهادات للي مش عارف يخش الحكومة.

وفضل المواطن يقولك (المهم خدلك شهادة) وكله يضحك علي كله؛ عاوزين شهادات؛ خدوا شهادات كثير… طيب هل انتم بتتعلموا؟! لا خالص احنا بناخد شهادات بفلوسنا او بالحفظ.

ودي كانت قصة لماذا نحن هنا؛ ليه زمان كان في تعليم قوي ودلوقتي لا… الخلاصة ان كلهم اهتموا بالشو؛ عاوز موظفين فعمل تعليم؛ مش هدفهم فعلا التعليم؛ فلما بقي عندهم موظفين كثير؛ خلاص شكرا مش عاوزين منك يا تعليم شيء تاني… وانتا يا مواطن مش اهم حاجة عندك هي ابنك ياخد شهادة؟ لسه تفكيرك زي تفكير ابو جدك من العصر الملكي؛ خلاص اديناك الشهادة عاوز ايه تاني… وخلصت القصة والباقي كلنا بنشوفه

المصدر