التصنيفات
مقالات الضيوف

بوست رخم أو واقعي..زي الحياة كدا

علشان ماتبقاش تجاره ماديه مع الله ولا استثمار دنيوى

من بين كل رسائل “بريد الجمعة” لم تَعْلق بذاكرتي إلا واحدة لأنها صدمتني وقتها وضربت ثابتًا من الثوابت لديّ في مقتل (كنت ابن 14 سنة تقريبا)، وفيها أخبرنا عبدالوهاب مطاوع رحمه الله عن الدكتور فلان الذي طالما وجد لديه حلّ مشاكل القرّاء المادية فكان لا يتأخر عن التبرع لهم وحل مشاكلهم بما لديه من ثروة عريضة وشركة كبيرة ناجحة..

قال لنا في هذه الرسالة إن ذلك الدكتور قد تعرض لأزمة مادية ضخمة وأغلقت شركته وأصبح من المحتاجين الآن وطلب منا أن ندعو له!

أصبت بالذهول، لأنني تربيت على “وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه”، و”يا ابن آدم أَنفق أُنفق عليك”، و”اللهم أعط منفقًا خلفا، اللهم أعط ممسكا تلفا”، و”صنائع المعروف تقي مصارع السوء”، وسمعت وشهدت المئات من قصص إخلاف الله للمتصدقين بالخير وتعويضه إياهم في الدنيا، ثم تأتي هذه الرسالة لتشلّ عقلي؟!

أوه وكذلك “الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًّا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون”، “ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون” كانت تقع عندي بمعنى أنهم لن يفتقروا..

لا أخفيكم سرًّا، تطلّب الأمر عدة سنوات وعدّة تجارب شخصية لأتعافى من تلك التجربة الشعورية، مع الوقت والتعلم والتجارب اتّزنت الرؤية لديّ وأصبحت أكثر واقعية، وتطوّر فهمي لارتباط الصدقة والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وصلة الرحم وغيرها بسعة الرزق.

هناك ثلاث نقاط يمكنني أن ألخّص بها فهمي للأمر (بالإضافة إلى إيماني بصحة الأدلة السابقة وبصدق وعد الله).

الفائدة العظمى والأساسية من هذه الأفعال هي التقرّب إلى الله والنجاة يوم القيامة، حتى إنّ معنى “لا خوف عليهم ولا هم يحزنون” لا علاقة له -في كتب التفسير- بالدنيا وإنما في الآخرة (كما هو الحال مع الأولياء والشهداء)..

ومن الآيات الشهيرة في هذا المعنى “كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء”، وحديث التمرة “وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوّه (الفلو المُهر) حتى تكون مثل الجبل”.

ولا مقارنة بين جزاء في الدنيا وجزاء في الآخرة “بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى”.

هذه الأعمال الصالحة هي أسباب، فكما أن السعي سبب وتعلّم مجال العمل سبب والعلاقات سبب فهذه الأعمال الصالحة سبب لتوسيع الرزق، وكما نعرف فإن الأمر كله لله والأسباب تعمل بإرادته، فإذا شاء عملت وإذا شاء عطلت، لهذا يحدث أن تأخذ بسبب وتتحقق نتيجة وأن تأخذ به مرة أخرى فلا تتحقق نتيجة..

إلا أن هناك فرقا لصالح هذه الأسباب الدينية، ألا وهو أن الأدلّة التي وردت فيها تحمل معاني إضافية بجانب إخلاف الله على المنفق وتعويضه بشكل مادي صريح، وأول هذه المعاني البركة، ففي “أعط منفقا خلفا” و”فهو يخلفه” ما يحمل معنى البركة، ومنها سعة الرزق بمعناه الواسع كما في “أنفق أنفق عليك”، ومنها الستر بمعناه الواسع أيضا، وهكذا..

وهذه النقطة أيضا مما تواترت به المشاهدات، من قلة الابتلاءات في الصحة والأبناء، والبركة في الرزق حتى يتعجب المرء كيف يكفيه راتبه شهرا كاملا، والاطمئنان مهما كانت الظروف، وغيرها مما ينال المتصدق من خير.

من الصعب توقع تحقق إخلاف الله على المنفق وعلى من يقدم الأعمال الصالحة وهو يتجاهل الأسباب الباقية أو يتخذ أسبابا عكسية، فليس من العقل أن أنفق وأستغفر وفي الوقت نفسه أشتري سلعة يُعضلني سعرها وتدخلني في ضائقة مادية، أو أستقيل من شركة دون أن يكون لديّ البديل، أو حتى أظل أنفق من المال دون أن أهتم بتنميته واستثماره، أو أفتح فرعًا لتجارتي في قرار غير مدروس..

وهذا من تفسيرات الآية الكريمة “ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط قتقعد ملوما محسورا”..

فالأخذ بالأسباب ضروري، سواء كانت الأعمال الصالحة التي وعد الله بنتيجتها أو الأسباب الدنيوية التي أتاحها الله لنا..

ما طرحته لا يعني التقليل من أثر أعمال طاعة الله على الرزق، وإنما يهدف إلى ضبط التوقعات بما يتناسب مع سنن الله في الكون، كي لا يصاب أحد بالإحباط أو يمر بمرحلة تشكك، وأنا من أكثر الناس اقتناعًا بضرورة الإنفاق والإطعام والاستغفار وصلة الرحم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم..

اولا وعد الله دائما حق لكن يختلف طرق تحقيقه من موقف لاخر ومن شخص لاخر

لازم يكون فى ابتلاءات واختبارات وتمحيص علشان ماتبقاش تجاره ماديه مع الله ولا استثمار دنيوى وتبقي نيتنا انى اتبرع بجنيه علشان ربنا يرجعهولى ٢ جنيه

ممكن عشر اشخاص يدفع كل واحد جنيه بنيه خالصه لوجه الله ويختلف جزاءهم

واحد يبتلى
واحد يرحعله ٢ جنيه
واحد يرجعله ١٠ جنيه
واحد يكسب فورا
واحد يؤجله المكسب

المصدر