كنت زمان لما بشوف عيل ١٥-١٧ سنه في فيلم امريكي بيتخانق مع أبوه و يقوله دي حياتي ملكش دعوه، و ازاي بيرد علي أبوه بشكل قاسي و مباشر و ازاي بيتحدي سلطه الوالد كنت بستغرب جدا و اقول العيال دي مش متربيه، و بستغرب جدا من الوالد اللي ممكن يعتذر في اخر الحوار اصلا و مش بيزعل أن ابنه بيتحدي سلطته.
في نظريه الابعاد الثقافية العظيم هوفستيد بيذكر ٦ ابعاد أو مؤشرات علي أساسها بتقدر تفهم بشكل أعمق الاختلافات بين ثقافات الشعوب. اول بُعد و أحد أهمهم الحقيقه هو
المسافه من السلطه
(اسمه كده)، مفهوم أن السلطه في أي مجتمع موزعه بشكل غير متكافئ، السلطه هنا كل انواع السلطه،
يعني سلطه الاب علي الابناء،
سلطه المدرس علي الطلبه،
سلطه المدير علي المرؤوسين،
سلطه الظابط علي العساكر و هكذا.
المؤشر بقي بيقيس ازاي الناس الأضعف داخل المجتمع
(الابن، الطالب، الموظف، العسكري و هكذا)
بيوافقوا و بيتوقعوا التوزيع الغير عادل للسلطه،
قد ايه الفرق أو المسافه بين الموظف و المدير،
الفرق بين العسكري و الظابط،
الابن و الاب.
يعني في البلدان اللي المؤشر ده عالي جدا فيها، هتلاقي الابن ميقدرش يعارض ابوه لان سلطه الاب سلطه قويه جدا، و الابن متوقع ده و متقبله، المسافه بين الأب و الابن كبيره،
يروح المدرسه يلاقي سلطه المدرس سلطه عاليه و قويه و ميقدرش مثلا يعارض المدرس بشكل مباشر، مجرد الرد علي المدرس احيانا بيكون غير مقبول (انت هترد عليا كلمه بكلمه كمان)، كمل بقي كده و انت ماشي في الشغل و في اي مكان في حد عنده سلطه.
في البلدان ذات المؤشر المنخفض، هتلاقي الاب اقرب للصديق، الاعتراض علي المدرس شيء جيد و يوضح أن الطالب عنده شخصيه، الانصايع المطلق للسلطه غير مقبول اصلا، المدير بيقول شيء الناس بتناقش و تعترض و الموظفين معندهمش اي استعداد لتنفذ أوامر و خلاص، فكره اربط الحمار مطرح ما يعوز صاحبه دي مش مقبوله.
المؤشر لما يكون عالي تلاقي في مميزات كبيره لاصحاب السلطه، تلاقي فرق رواتب كبير، تلاقي مميزات اضافيه لاصحاب السلطه، حمام خاص بالسادة أعضاء هيئه التدريس، اماكن انتظار خاصه بالمديرين و هكذا و ده عادي و مقبول.
علي العكس في البلدان ذات المؤشر المنخفض، ده غير مقبول و يعمل مشاكل و الناس هتعترض و مش هتوافق، علشان اتعلمت أنهم يتحدوا السلطه من الصغر.
الحقيقه فيديو الممرض هو مثال صارخ لموضوع متأصل في الثقافه المصرية، الممرض قابل و متوقع السلطه دي من الدكتور، مش بقول راضي أو مبسوط، لكن هو عارف أن ده الطبيعي و أنه لازم يوافق و يطاطي للدكتور، هو شخصيا مع عمرو اديب قال إن “الهزار” ده كان بيحصل من الدكتور قبل كده و أنه كان بيوافق علشان اكل العيش، و أن المشكله المره دي ان الفيديو اتنشر علي السوشيال ميديا و ده خلي منظره وحش قدام اولاده، في المقابل عمرو اديب رد قاله لازم اولادك يعرفوا أن أكل العيش مر!!
انا شخصيا اعتقد ان لولا موضوع اسجد للكلب ده كان الفيديو ممكن عدي من غير الزخم ده كله.
المهم يعني ان في حاجات كتير اوي مقترنه بالمؤشر ده، من أهمها أن اغلب الدول الغنيه المؤشر ده عندهم واطي و تقريبا كل الدول الفقيره المؤشر ده عالي
إسرائيل من اقل دول العالم في المؤشر ده(١٣ من ١٠٠)
مصر (٧٠ من ١٠٠).
مش في أيدينا نغير المجتمع لكن في أيدينا نغير اللي حوالينا خصوصا اولادنا و بيئه العمل اللي احنا فيها، تقليل الفرق بين المدير و الموظفين مفيد للشركات و بيشجع الناس انها تشارك بشكل إيجابي، و تحب المكان و تبدع فيه.
الاولاد اللي طالعين في أسر بتشجعهم علي الاعتراض بيطلعوا ناس لا تخضع لسلطة ظالمه زي سلطه الدكتور، بتطلع ناس سويه نفسيا و قادره تفكر و تعترض
ده كلام مهم جدا وقبل ما نطبقه على المجتمع مهم كل شخص يطبقه على شركته وأسرته! ضيق مساحة تحدي السلطة مؤشر كبير لفقر الأدمغة في الأسر وأماكن العمل والدول اللي بتخاف من الاعتراض. هل يقدر ابنك يتحداك ويناقشك؟ هل يقدر موظف عندك يرفض سياسة وتسمعه وتحترمه وتغير سياستك لو للكلام وجاهة؟ السلطة الصحية هي اللي تخدم ولا تأمر، أما السُلطة التي تُقدس فهي عين الفساد!
المصدر