التصنيفات
مقالات الضيوف

الإجابة المثاليّة لسؤال ( إنتا نجحت عشان انتا من عيلة غنيّة )

وهل في حدّ مش في امتحان

باسمع بودكاست لواحد من رجال الأعمال الكبار – وهوّا سليل عائلة غنيّة يعني من حوالي 80 سنة

وطبعا اتحطّ في المزنق بتاع ( إنتا نجحت عشان انتا من عيلة غنيّة – إنتا مابدأتش من الصفر )

فيا عيني نبرة صوته اتغيّرت فجأة لنبرة الدفاع – وبدأ يستجدي الصعبانيّات

اللي هيّا انا أهلي عطوني 30 مليون جنيه وعربيّة مرسيدس – ورموني في الشارع

شفت الويل – نمت في التكييف على 28 – مش 26 – عشان كنت بخاف من فاتورة الكهربا

قعدت سنين آكل السوشي بالشوكة زيّ الناس العاديّين – مش بالعصيان بتاعة الصينيّين اللي ما حدّش بيعرف يمسكها دي

خسرت الفلوس – فاضطرّيت ابيع العربيّة – والفيلّا – ورحت عشت في الفيلّا التانية زيّ الشحّاتين

في إحدى الاستشارات – عميل قال لي – أنا والدي ادّاني مليون جنيه اشتغل بيهم

ضيّعتهم

رحت لخالي قلت له عاوز مليون جنيه

قال لي خد المليون جنيه اهو – بسّ لو ضيّعتهم مش عاطيك فلوس تاني

يا أهل الخير – هوّنوا على أنفسكم – مش عيب انّك تكون إبن عائلة غنيّة

الإجابة المثاليّة على هذا السؤال هي ( إحنا كلّنا في امتحان – بسّ مش كلّنا في امتحان واحد )

تخيّل الدنيا دي زيّ الجامعة – فيها 25 كلّيّة – كلّ كلّيّة فيها 5 أقسام – وكلّ قسم فيها 4 سنوات – وكلّ سنة فيها 5 موادّ

في فترة الامتحانات هيكون فيه كام ورقة امتحان مختلفة في الجامعة دي ؟!!

هيكون عندك 25 * 5 * 4 * 5 = 2500 ورقة امتحان مختلفة !!

هل معقول حدّ من كلّيّة ما – من سنة ما – من قسم ما – في مادّة ما – نقفشه من وسط الطلبة كده ونقول له تعالى نقارنك بحدّ تاني في كلّيّة تانية في سنة تانية في مادّة سابعة !!!

طب هل حدّ فيهم مش في امتحان – هل حدّ فيهم مرفّه في ال 3 ساعات بتوع الامتحان

عارف الجامعات اللي بتروح تمتحن فيها تلاقيهم حاطّين لك شوكولاته كادبوري على الديسك ورسالة محن من بتاعة إنتا تقدر – والكلام الصايص ده

هل الطالب اللي هيبدأ يومه بالحاجات دي على الديسك – مش في امتحان ؟!!!

كلّهم في امتحانات

طب هل كلّهم هيتحاسبوا حساب واحد ؟!

ولله المثل الأعلى سبحانه وتعالى

الناس مش زيّ بعضها في الامتحانات – لكن كلّهم بيمتحنوا

الغنيّ في امتحان – والفقير في امتحان

الغني والفقر الاتنين امتحانات – اختبارات – ابتلاءات

قال تعالى

وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً

لاحظ كلمة ( والخير ) – يعني الخير ابتلاء

وقال تعالى

فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ

وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ

لاحظ استخدام كلمة ( ابتلاه ) في الحالتين

في الحالتين – الغنى والفقر – الإنسان مبتلى

الغنيّ مبتلى بغناه – والفقير مبتلى بفقره

فحضرتك غنيّ – الله يكون في عونك – ويعينك على ما به ابتلاك

بل إنّ ابتلاء الغنى أصعب بكتير من ابتلاء الفقر – لإنّ ابتلاء الغنى بيكون مصاحب ليه المادّة اللي ممكن تساعدك على الفساد

الغنيّ اللي عاوز يسكر أو يشرب مخدّرات أو يزنيّ – هيقدر

فهو مبتلى بشهواته من ناحية – ومن ناحية تانية مبتلى بالفلوس اللي تحقّق له الشهوات دي

غير الفقير – الفقر بيلجّمه – وده معنى كلمة الفقر حشمة بالمناسبة

طبعا أنا مش من أنصار الفقر – وممكن اكلّمك كتير عن فضل الغنى عن الفقر – وعن آفات الفقر – بسّ مش ده موضوعنا

موضوعنا هو ( إستعرار الأغنياء من أصولهم الغنيّة ) !!

ليه يا جماعة ؟!

إيه العيب في إنّك تكون من عيلة غنيّة ؟

العيب في الغنى حاجتين فقط – لا ثالث لهما

أوّلهما – إنّك تكون غنيّ من حرام

ثانيهما – إنّك تكون لا تؤدّي حقّ الله سبحانه وتعالى في هذا المال

لو انتا بريء من هاذين العيبين – إغتني زيّ ما انتا عاوز – مش عيب أبدا – بل إنّه نعم المال الصالح للعبد الصالح

وإيه عدم الإنجاز في إنّك تكون باديء حياتك ب 100 مليون جنيه – ووصّلتهم ل مليار جنيه – ما انتا كده ناجح بردو

غيرك عيلته سابت له 100 مليون جنيه – وهوّا دلوقتي مسجون – أو هربان من البلد

أو ما وصّلتهمش لحاجة – عادي

أو خسرتهم – عادي بردو

طالما بتعمل اللي عليك – فالنتائج كلّها سواء – والابتلاءات لازم تكون حاضرة في صورتك دائما

إنّك تعتبر حاجات كتير بتحصل لك على سبيل الابتلاءات الخالصة – مالهاش علاقة بذكاء وغباء واجتهاء وتقصير

وإيه الفخر بردو إنّك تكون باديء فقير وتغتني – ليه بتقول إنّك بدأت من الصفر ؟!

أنا باعتبر كلمة ( بدأت من الصفر ) دي – هي نوع من أنواع الجحود !!

جحود نعمة الله عليك سبحانه وتعالى

وجحود فضل أهلك عليك

تلاقيه باديء – ذكيّ – مجتهد – صبور – قويّ

وتلاقيه باديء – متعلّم – محترم

ويقول لك أنا باديء من الصفر !!

ما الذكاء والاجتهاد والصبر والقوّة دول من فضل ربّنا سبحانه وتعالى عليك – غيرك لا ذكيّ ولا قويّ

وعلامك واحترامك ده ما هو تربية أهلك فيك – غيرك غير متعلّم – وما يعرفش طرق التعامل المحترمة – ما بيعرفش يتكلّم ويجامل مثلا – فمش قادر يدخل في وسط الاغنياء وبتعامل

إنتا أهلك طلّعوك محترم – بتعرف تتكلّم – ما ده فضل أهلك عليك

زيّ ما الغنيّ اللي بيحاول ينكر فضل أهله عليه في ثروته الحالية مخطأ وجاحد

فالفقير اللي بدأ من الصفر ( مجازا ) – وبيقول إنّه بدأ من الصفر – هو جاحد أيضا

وزيّ ما اللي بدأ من الصفر بطل – الوارث اللي مكمّل ومحافظ على ثروة عيلته وبيكبّرها بطل بردو

لو انتا غنيّ – ووارث – واتحطّيت في مزنق إنّ حدّ بيبتزّك وعاوز يوصّلك إنّه يحطّك في كورنر الدفاع – جاوب بمنتهى البساطة وقول – كلّنا في اختبارات – ممكن اختبارك غير اختباري – لكن تأكّد إنّ كلّنا في اختبارات

كلّنا بنبتلى – بعضنا بيبتلى بالفقر وبعضنا بيبتلى بالغنى – ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيينا على ابتلاءاتنا – وأن نخرج من هذه الدنيا ونحن أمناء على أماناتنا – ويبعدنا عن سوء استخدام هذه الأمانات

المصدر

تعليق من محمود سامي حمزة

ومِن جميل مايُذكَر في هذا أنَّ سيدنا أيُّوب وسيدنا سلَيمان – عليهما الصلاة والسلام – وُصِفَا عِند ربهما بـ وصفٍ واحد هو (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)

رغم وجود تَبايُن صرِيح في حال كل منهما لدرجة أنهما صارا مضرب المثل كلٌّ بحاله ؛ إلا أنه ثمة اتِّفاق في الوَصف عند رب العالمين ..

وذلك لأن الحقيقة هي أن سلَيمان وأَيُّوب – عليهما السلام – كِلاهُما كان مُبتلَىٰ ..

سلَيمان ابتُلِيَ بـ المُلكِ فـ شَكَر ..

و أَيُّوب ابتُلِيَ بـ الضّر فـ صَبَر ..

فـ كانا عِند اللهِ في الفضلِ سواء ..

ولأن كلَّ واحدٍ منهما أدَّىٰ العبادةَ المنوطة بحاله ..

فكان كلُّ واحدٍ مِنهما عِند ربِّه (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)