التصنيفات
مقالات الضيوف

الأشرار إلي في حياتي

كل شيء مصمم بعناية، في الحاجات إلي إنت شايفها، والأهم، الحاجات إلي إنت مش شايفها.

كل شيء مصمم بعناية في ألعاب القمار بحيث تتعلق بيها لحد الإدمان، وتفقد القدرة على التفكير العقلاني، وتصرف آخر مليم معاك على أمل واهي إن الأمور تتحسن والحظ ينقلب فجأة لصالحك.

كل شيء مصمم بعناية، في الحاجات إلي إنت شايفها، والأهم، الحاجات إلي إنت مش شايفها.

من سنين طويلة إبتدت بيوت القمار الشهيرة تراقب كل لعبة بتشارك فيها، خصوصًا الماكينات إلي بتستخدم فيها الكريدت كارد بتاعك، مما بيسهل عليهم عمل ملف كامل بكل لعبة قمار لعبتها، ومواعيد لعبك ومكسبك وخسارتك، وحاجات تانية كتير لو قدروا يشتروا معلومات معاملاتك من أماكن تانية بنفس الكارد، وبإستخدام تحليل إحصائي مركب يقدروا يعرفوا عنك صفات كتير، ربما إنت نفسك متعرفهاش عن نفسك.

من الصفات دي هي حد الألم Pain Point الخاص بيك. بإختصار هو الحد الأقصى من الألم الناتج عن الخسارة المتتالية في القمار، وإلي لو عديته، إحتمال تكره اللعبة وتشوف نفسك مدمن (ودا مش هيخليك تبطل) وتخرج من المكان مش مبسوط.

من المهم لبيت القمار إنك متوصلش أو تعدي الحد دا. بالرغم من إن خسارتك هي مكسبهم، لكن الأفضل ليهم إنك تكسب من حين لآخر علشان تيجي أكتر، وعلشان لما بتخرج من المكان حزين بتتكلم عن المكان بشكل سلبي، فممكن تبوظ “سمعة” المكان والقمار بشكل عام.

حد الألم مختلف من شخص للتاني حسب فلوس كل واحد وطبيعة شخصيته. دلوقتي أول ما تقعد على الماكينة ملفك بيتفتح في ساعتها وبيتم رصد مكسبك وخسارتك، في نفس اللحظة. الهدف إنك لو قربت، بالصدفة، من حد الألم الخاص بيك متوصلوش. المشكلة إن الماكينة قائمة على العشوائية ومينفعش يخلوك تكسب بالحب لإن دا غش.

الحل الذكي كان إنك متكملش لعب. بعد عدد معين من الخسارة، “فجأة” تلاقي حد من العاملين بيقرب منك بإبتسامة عريضة، يسلم عليك ويقولك يا فندم إحنا لاحظنا إنك عميل ممتاز وبتيجي كتير، وكنوع من الهدية هنعزمك إنت وأي حد تختاره على عشاء فاخر ببلاش، دلوقتي.

مش بس هتبطل تلعب وتنتهي خسارتك قبل حد الألم، لكن كمان هتنبسط من التقدير والعزومة، وتخرج من المكان بتقول والله ناس جدعان ومكان زي الفل. وهتيجي تاني.

لما قريت القصة دي في كتاب بيتكلم عن أساليب التحليل الإحصائي، قفلت الكتاب وبصيت في السقف. يعني أنا بحتقر بيوت القمار والقائمين عليها وعارف إنهم أشرار ونصابين، لكن مش قادر أنكر إنهم فعلًا نصابين جدعان وبيعملوا الواجب وميخلصهمش الواحد يروح زعلان.

وبعدين أفتكرت الأشرار إلي في حياتي، إلي هنا، وزعلت أوي. يعني حتى الأشرار لما إتوزعوا في الدنيا، الأشرار الأذكيا الجدعان طلعوا برا، وفضلي أنا هنا الأشكال دي؟

المصدر