التصنيفات
مقالات الضيوف

خطورة الإنترنت

الغلطة هنا بفورة

الولد اللي عمل أغنية “ياللا نحيي البنوتة اللي بتلبس الخمار” نموذج لشيء مؤسف تكرر وهيتكرر كتير للأسف:

شخص موهوم له تصورات مشوهة عن العالم نتيجة محدودية عالمه، ولا يدرك خطورة الإنترنت، تصور أنه بيعمل حاجة روشة ليفاجأ بإنه تحول إلى ميم.

وبعدين يتعرض لمعاناة نتيجة الشهرة السلبية دي والرغبة في التراجع عنها لكن بلا فائدة.

الغلطة هنا بفورة.

كل فترة يقع قدامي فيديوهات هستيرية له بيصرخ فيها مطالبًا بنسيانه، لكنها تتحول لوقود آخر يزيد من وصفه الجديد كإنسان ميم (وهو إنسان تحول، واختزل وجوده إلى ميم أو كوميك) لجمهور متعطش لالتهام أي شيء يملأ به فراغ نفسه في دايرة استهلاك لا ترحم. وهيهات أن يتركه الناس.

كنت قرأت زمان عن مفهوم اسمه الحق في النسيان الرقمي.

لكن الإنترنت لا ينسى. في عالم السوشيال ميديا تتكلس الصور الذهنية بسرعة، والسمعة تلتصق بالإنسان إلى الأبد. ما إن تتحول إلى ميم، فإنك تبقى ميمًا إلى الأبد.

ويوم بعد يوم يزداد يقيني إن السعي للشهرة في هذا الزمان ضرب من الجنون وسلوك في منتهى الحماقة. يجرد المشهور من إنسانيته ويتحول إلى ملكية عامة فيحاصر ويستباح وتصبح حياته فرجة ومادة للتنكيت والاستهلاك والفضول وإشباع الغرائز والأمراض.

أما الآباء اللي بيسمحوا بنشر محتوى لأطفالهم على يوتيوب أو يعملولهم قنوات خاصة بيهم فدول مجرمين في حق أطفالهم، وأتمنى القانون يجرم هذه السلوكيات ويحدد سن معينة لافتتاح قناة على يوتيوب مثلاً.

تآكل مفاهيم زي الخصوصية والفرق بين المجال العام والخاص والرغبة المجنونة في الظهور وعدم ظهور قواعد واضحة لما ينبغي مشاركته ومع من، بالإضافة إلى استباحة كل مساحات الحياة تقريبًا وفقدانها لقدسيتها، وسهولة التطفل على الآخرين بفعل التكنولوجيا، وما يصحب كل ذلك من تكاليف مجتمعية وعلل نفسية، كلها أمور هندفع تمنها في المستقبل القريب. وربما يسحب الإنسان سحبًا من حياته العادية إلى دائرة الضوء من غير أي إرادة منه بهدف تعلية الريتش أو التسلية.

أتوقع في السنوات القادمة أن تصبح الخصوصية أغلى سلعة، وتكون من امتيازات الأغنياء فقط، وربما تكون هناك شركات متخصصة في إخفاء الناس ومنحهم قدرًا بسيطًا من الخصوصية.

المصدر