التصنيفات
مقالات الضيوف

بالنيابة عن المسلمين الجدد

عمر طاهر يكتب : بالنيابة عن المسلمين الجدد . (رائعه جدا)

 

سيدي رسول الله…

 

أنا من أحدث أجيال المسلمين، تعرفت علي كيفية أداء مناسك العمرة من خلال مقاطع علي الـ

YouTube،

ولم أسافر إلي الأراضي المقدسة علي ظهر «ضامر» ولكن علي متن إحدي طائرات الإيرباص، وكنت أقف أمام قبرك للمرة الأولي مرتديا جينز فاتح وتي شيرت كتب عليها بحروف إنجليزية بارزة

adidas

، أنا من المسلمين الجدد الذين فرحوا لوجود فرع لـ

Starbukcs

بالقرب من مسجدك حيث يمكن تناول بعض الأكسبريسو بين صلاتي المغرب والعشاء وأزاحوا عن عقولهم هم البحث عن الطعام لوجود فرع لـ

KFC

وآخر لـ

Pizza hut

في المكان نفسه.

 

أنا من مسلمي الألفية الجديدة استعنت بالـ

Red bull

لمنحي القوة اللازمة لأداء مناسك العمرة مرتين في اليوم واستعنت بال صن بلوك لاتقاء شر الشمس الحارقة أثناء الطواف بين صلاتي الظهر والعصر، وشربت ماء زمزم مثلجا من الكولمنز المنتشرة في الحرم وتوجهت من الفندق إلي الكعبة عبر السلالم المتحركة، مسلم من الألفية الجديدة غلبه النعاس قبل صلاة الفجر وهو يستند إلي أحد جدران الحرم بفعل نسمات الهواء الباردة التي هبت عليه من أجهزة التكييف المنتشرة في كل مكان، وتفكر كثيرا عقب كل صلاة في مهندس الصوت الذي صمم خريطة السماعات في الحرم بحيث يهب عليك صوت الإمام من كل صوب قويا ونقيا ومؤثراً، وسأل عن نوع السماعات فلم يصل إلي إجابة لكنه عرف أن مهندس الصوت فرنسي «أكيد فرنسي مسلم» ، وتجول عقب صلاة العشاء في المولات الضخمة واضعا سماعات الإم بي ثري في أذنيه باحثا عن الهدايا التي طلبها منه أصدقاؤه وأقاربه وهي ليست سبحة وسجادة وقارورة زمزم لكنها آي فون وميموري كارد 50 جيجا وزجاجة بريفيوم دانهيل لندن50 مللي، وأحدث مؤلفات الكتاب الامريكيين والبريطانيين (الصهاينة )من مكتبة جريرسيدي رسول الله …أنا التطور الطبيعي للمسلمين أخرجت من ملابس الإحرام فوق الصفا قائمة بالدعوات التي كلفني بها الأصدقاء، لم تكن مجرد دعوات مطلقة بالصحة والستر والرضا لكنها كانت محددة بدقة .. طلب مني صديق أن أدعو له أن يبعد حماته عن شؤون بيته ودعوت لآخر أن يعينه الله علي تسديد أقساط بيته الجديد ، ودعوت لصديق بنجاح فيلمه الذي سيعرض في الصيف، ودعوت لصديق آخر مطرب أن يصبح “بنص طلبه” أنجح مطرب ، ودعوت لقريب أنه “يلاقي شغل في إيطاليا”، ودعوت لآخر أن يكسب القضية التي رفعها علي المصنع الذي استغنى عن خدماته دون مبرر، ودعوت لصديق “حسب طلبه” أن يعينه الله علي الإقلاع عن تدخين الحشيش “لم أكن أعرف أنه يدخنه قبل أن يوصيني بالدعاء .. لذلك أخلصت في الدعاء له .. بس شكله هو اللي مش عايز يبطل”، دعوت لصديقة اختي أن يوفقها الله في قضية الخلع التي رفعتها علي زوجها ولأخرى أن يرزقها بطفل لا حباً في الأطفال لكن حتي لا يتزوج رجلها الذي تعشقه بأخرى، دعوت لقريبة “حسب طلبها” أن “تخس شوية علشان تعرف تتجوز” ويبدو أن الله استجاب حيث أصيبت بفيروس في المعدة جعلها تعيش الشهرين الماضيين علي الطعام المسلوق والفاكهة الأمر الذي أفقدها عدة كيلوجرامات أغرت قريباً لنا أن يطلب يدها بعد أن رآها في عزاء والدته.

 

سيدي رسول الله …أنا من المسلمين الجدد الذين يقاطعون المنتجات الدنماركية ويطلبون الفتوى بالتليفون ويصلون علي سجاد صيني الصنع مزود ببوصلة لتحديد القبلة ويستخدمون الأدعية المسجلة في الحرم وأغاني اسلامية كرنات للموبايل وآية “ولسوف يعطيك ربك فترضى” كخلفية لشاشته ويبدأ الدي جي أفراحهم بأسماء الله الحسنى لهشام عباس ويذهبون إلي الحسين من أجل الشيشة التفاح وإلي السيدة زينب من أجل كفتة الرفاعي وكلما ذكرت أمامهم رابعة العدوية تذكروا نبيلة عبيد أو شارع الطيران علي أقل تقدير

 

سيدي رسول الله ….أنا من المسلمين الجدد الذين يديرون قصصهم العاطفية بصلاة الاستخارة، ويربطون بين مشاريعهم التجارية والدين قدر استطاعتهم، فصاحب محل العصير يضع لافتة “شراباً طهورا” وصاحب مناحل العسل يصدر بضاعته بأنه فيه شفاء للناس، وهناك المبالغون الذين يربطون تجارتهم بالدين بالعافية مثل الحلاق الذي كنت أسكن إلي جواره وكان يضع لافتة “وجوه يومئذ ناعمة”، أو صاحب كشك الحلويات علي الطريق الذي كتب علي الواجهة “كشك النبي” .. “لن أتحدث عن كشري الصحابة وحاتي المدينة المنورة”، بعضنا يستعين بآيات القرآن عن وعي وإيمان ومنا الجاهل “، منا المستسلمون للمشيئة بقلوبهم ومنا من يتعامل مع المشيئة بجهل مثل صاحب محل البقالة الذي يرد علي التليفون قائلاً: “سوبر ماركت أدهم إن شاء الله”، بعضنا يكره التعصب لأنه ضد روح الدين وبعضنا يتمسك بالتعصب كأهم مظهر للتدين، بعضنا يعالج بالقرآن والبعض بالرقية الشرعية والبعض متمسك بالأعشاب والبعض متمسك بالعلم الحديث ويري كل ما فات جهلاً، لكن وللأمانة كلنا مرضى.

 

سيدي رسول الله …. أنا من المسلمين الجدد الذين يبحث بعضهم عن عظمة الخالق في غابة شجر في ألمانيا نبتت الأشجار فيها بطريقة تشكل جملة “لا إله إلا الله”، وفي الأردن حيث صور الفتاة التي تحولت إلي مسخ لأنها سبت النبي، وفي أعماق المحيط حيث عثروا علي سمكة نقش على جسمها لفظ الجلالة، وعبر القمر الصناعي الذي اكتشف نوراً يخرج من الكعبة، لا يبحثون عن عظمة الخالق في المعجزات التي تحدث من حولهم طوال اليوم مثل أن يخرج من بيته ويعود إليه سالماً في بلد مثل الذي نحيا به، يبحثون عن عظمة الخالق في التشفي “تسونامي وتشرنوبيل وإنفلونزا الخنازير”

 

سيدي رسول الله …..أنا من أحدث أجيال المسلمين الذين لم يحظوا بشرف رؤيتك وآمنوا بك عن بعد، نحن الذين لم نذق حلاوة الدخول في الإسلام على يديك سراً أو جهراً، ولم نصلي خلفك ولم نشاركك طعاماً أو غزوة أو مجلس علم وإن كنا شاركناك على البعد في العذاب الذي ما زلنا نلقاه على يد الكفار، بالمناسبة معظمنا لا يقوى على حمل سيف ليضرب به أعناق المنافقين أو الكافرين نحن نحمل السيوف فقط لنرقص بها في الزفة وفي الأفراح الشعبية، ولا أحد منا يقدر أن يتحمل لسعة سوط من يد أحد المشركين دون أن يتخلى عن إيمانه، ، نحن الذين فاتنا شرف تلقي العلم علي يد الصحابة والتابعين ولم نر بأعيننا الشيطان وهو يهرب من طريق سيدنا عمر بن الخطاب لكننا رأيناه – بعد أن هرب – يستقر بيننا متيقظا 24 ساعة، لم يسعفنا الحظ لنقف عند مدخل المدينة المنورة لنستقبلك أنت والصديق بعد رحلة الهجرة لكننا قد نسهر الليل كله في المطارات والشوارع ننتظر عودة المنتخب الوطني بكأس العالم او عودة رئيس او استقبال وفد اجنبي قد يكون معظمه اوة كله مخابرات غربية.

 

سيدي رسول الله …أنا من المسلمين الجدد الذين شهدوا ازدهار الصين وبلوغها أوج مجدها كما قلت منذ زمن بعيد عندما أمرتنا أن نطلب العلم ولو من الصين، يؤسفني أن أقول لك إننا لم نطلب العلم ولكننا طلبنا بضاعة، طلبنا الفوانيس وأجهزة الموبايل والخلاطات وكل ما هو استهلاكي، أنا من المسلمين الجدد الذين يفعلون ما هو بعد المستحيل لحفظ فروجهم خاصة بعد أن أصبح “الجنس الآمن للجميع” بالبيع العلني للعوازل والفياجرا وحبوب الإجهاض، الأمر الذي يفسر فشلنا في المهمة أحياناً، نحن الذين شهدنا انهياراً جزئياً في نظرية تزويج من ترضون دينه مقابل نجاح نسبي لنظرية الراجل ما يعيبه إلا جيبه، نحن الذين أطلق بعضنا لحيته تقليدا لقنان معين، أما من أطلقها حسب السنة فهو موضع تفكير ويكون حوله مئات علامات الاستفهام من جهة المباحث او المخابرات أو من جهة البسطاء الذين خدعوا كثيراً بمحتالين كانت اللحية هي عدة عملهم الوحيدة، نحن الذين انحزنا عند تطبيق السنة لـ “التيمن” و”العقيقة” أكثر من تحيزنا لوصيتك بالإحسان للجار وأن نتقن عملنا.

 

سيدي رسول الله .. أما بعد .. أسير علي حبل مشدود محاولاً الحفاظ على توازني في هذا الزمن الصعب، وعزائي الوحيد أن “الامتحان صعب على الكل”، الجميع يتحدثون ويفتون وكلما أدرت محطة تليفزيون وجدت من يتحدث بإسم الدين في كل شيء من السياسة إلى تفسير الأحلام، مئات الفتاوي المتناقضة نحن ضحيتها، ومئات من علماء الدين الذين يصلحون لكتابة أفلام الرعب، هل يطلب منا الله عز وجل أن نعبده خوفاً وهو الذي سبقت رحمته غضبه “أي رحمة فقط وإلى الأبد” أم أنه يريدنا أن نعبده محبة منا وطمعاً في محبته؟ لماذا تخبئ السماء أسرارها عنا؟ ولماذا ينقطع عنا أحياناً النور الذي يطمئن قلوبنا ويمنحنا الونس؟سيدي رسول الله .. نحمد الله على نعمة الحياة ولكنها أحيانا تصبح ثقيلة ما لم يبعث الله أنواره فينا ..

 

اللهم إني أسألك أنوارك الساطعة، وأسألك الجنة برحمتك، اللهم إن كنت عصيتك فقد تركت من معاصيك أبغضها إليك وهو الإشراك بك، وإن كنت قصرت عن بعض طاعتك فقد تمسكت بأحبها إليك .. شهادة أنك الواحد وأن رسلك جاءت بالحق عندك لا نفرق بين أحد من رسلك، اللهم لا تحرمني خير ما عندك بسبب شر ما عندي، اللهم لا تكلني إلى نفسي أو إلى الناس فأضيع، اللهم امح ما في قلبي من كذب أو خيانة واجعل مكانهما صدقاً ونوراً، اللهم إني أعوذ بك من الضلال ومن وسوسة الشياطين ونغزات النفس، أعوذ بك من أن يجنح قلبي إلى الظلام، اللهم أتمم علي نعمتك حتى تهنأ لي معيشتي واختم لي بخير حتى لا تضرني ذنوبي، يا لطيف يا من علوت بعظمتك وخضع كل شيء لسلطانك اجعل لي من كل هم وغم أصبحت أو أمسيت فيه فرجاً ومخرجاً إنك على كل شيء قدير،اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واهدنا واهدي بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى وارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .

 

وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.

أننا حقاً نحبك يا رسول الله ملأ قلوبنا، ولا نستطيع ان نتحمل أى إساءة في حقك يا حبيبي يا خير خلق الله،، ولكني أسف يا رسول الله لأن حبنا لك لم ينعكس على كثير من سلوكاتنا،، أسف يا رسول على كل يوم بحثوا عنك فلم يجدوك في حياتنا،، بحثوا عن كرمك فلم يجدوه في عطائنا،، بحثوا عن رحمتك فم يجدوها في عطفنا على العباد،، بحثوا عن صدقك فغاب عنهم في حديثنا،، بحثوا عن أمانتك فلم يجدوها في معاملتنا،، بحثوا عن سعة صدرك فلم يجدوها في حوارتنا،، بحثوا عن أتقانك فلم يجدوه في أعمالنا،، بحثوا عن آفعالك فوجدوا بعضنا يقول لا تفعلوها انها سنة،، حقاً أنا أسف يا حبيب الله