التصنيفات
مقالات الضيوف

الشيخ المعتمد

ظاهرة مستمرة وعابرة للزمن، ولا تدل سوى على أن التعليم الجامعي لم ينجح في أن يعلم الإنسان كيف يتعلم، فضلا عن أن يتعلم أصلا.

كانت أمي رحمها الله تسألني في بعض المسائل الفقهية ثم أجدها تعمل بخلافها رغم أن ما قلته لها أيسر عليها،
فتقول :”أصلي سمعت في الراديو الشيخ قال كذا”
فكنت أرجع هذا إلى أن الابن يظل طفلا في عين أمه والشيخ البعيد سره باتع وزمار الحي لا يُطرب ونحوها من الحِكم.

ثم اكتشفت بعد زمن أن هناك مبدأ “دا اتقال في التلفزيون” باعتبار أن الشيخ الذي يتحدث في التلفزيون هو “شيخ معتمد” تماما كما كان يواجهني أيام العمل في دورات المهارات الشخصية سؤال “هو الدورة دي معتمدة؟” والتي لا أفهم معناها سوى أنها بحث عن ختم النسر على أي نشاط.

منذ 16 سنة أصدرت كتابا في أحكام الزكاة (لم أنشره مرة أخرى لتغير منهجي عما اتبعته في هذا الكتاب) ثم قابلني شاب يجادلني في مسألة في زكاة الفطر ولم يقتنع بكلامي فنصحني بقراءة هذا الكتاب الذي لم يكن يعرف أني مؤلفه ولم يقرؤه بالطبع، ولكن ظلت فكرة “الشيخ اللي في الكتاب” تشبه فكرة “الشيخ اللي في التلفزيون”…أنه معتمد.

تطور الامر في هذا الزمان بالبحث على جوجل، وصارت الإجابة التي تجدها في محرك البحث هي الإجابة المعتمدة رغم أنها في كثير من الاحيان ربما يكون كتبها صاحبك وهو يجلس في المقهي، وكثير من المواقع هي مجرد الشيخ الذي يظهر في التلفزيون بعد أن صار يعمل في موقع ديني.

ففكرة الثقة المطلقة في المعلومة التي تأتينا عبر شاشات التلفزيون أو صفحات جوجل هي ظاهرة مستمرة وعابرة للزمن، ولا تدل سوى على أن التعليم الجامعي لم ينجح في أن يعلم الإنسان كيف يتعلم، فضلا عن أن يتعلم أصلا.

https://www.facebook.com/Alaa.m.abdelhameed/posts/5078231185536107