التصنيفات
مقالات الضيوف

الا تخشى الغد؟

قال: أليس هذا هروبا؟
قلت: ربما، ولكنه مفيد.
ثم عدت لنفسي أبحث: هل هو هروب حقا؟

قال صديقي: الا تخشى الغد؟
قلت: لست منشغلا به، وفي الحاضر شغلي.

قال: ولكن الحاضر مؤلم؟
قلت: أنشغل به بقدر عملي ولا أنغمس فيه بكل مشاعري.

قال: أليس هذا هروبا؟
قلت: ربما، ولكنه مفيد.
ثم عدت لنفسي أبحث: هل هو هروب حقا؟

رأيت أن الهروب فرع من وجود المشكلة، فإن شعرت بها ثم تشاغلت عنها يكون هروبا،
وهو قد يفيد إن كان من غير إنكار للحقيقة،
ولكني لا أشعر بمشكلة أفر منها فكيف يكون هروبًا؟
ولكن من أين يأتي الشعور بالمشكلة،
أراه يأتي من تسليط النظر الزائد على أمر ما.

جرب أن تفرّغ نفسك لمراقبة سلوك أقرب صديق لك،
ستجد أن هناك كم هائل من الأمور التي قد تزعجك منه،
وستقدر على استخراج مشكلات ونقائص فيه ما كنت لتلحظها لولا هذا التفكير الزائد فيه.
ولكن هل من الصحي ملاحظتها؟
الإجابة هي : لا،
فالإنسان مليء بالنقائص والتناقضات، ولا نحتاج سوى للوقوف مع الجوهري والمؤثر فيها،
اما غالبه فيمكن تقبله وتجاوزه والتعامل معه بل وعدم ملاحظته أيضا.

ولكن التركيز الزائد في الأمور يضخمها ويجعلها محور تفكيرك،
فتأخذ أهميتها بتسلط فكرك عليها وتفرّغك لملاحظتها.

الحياة الدنيا طبيعتها النقص، والإنسان طبيعته التناقض في أفكاره ومشاعره، والعقل ينزع للكمال،
فإن تأمل في شيء أظهر نقائصه.
والتغيير الأصعب أن تؤمن أن العقل لا يخلق الأشياء بل يعينك على أدائها،
فالمثال الكامل لهذا الوجود لا يوجد إلا في عقلك…فلا تحاول أن تصنع في خيالك القصور، فقصور الهواء لا تسكن النفس فيها.

بعبارة أخرى:
اجعل تفكيرك أكثر: كيف أعمل المطلوب؟ لا التأمل فيه

المصدر