التصنيفات
مقالات الضيوف

أكثر ما يؤذي الزواج في هذا العصر

تصدير ثقافة محورية الحب كأساس له

وأكثر ما يؤذي الزواج في هذا العصر،
تصدير ثقافة محورية الحب كأساس له..

ساهمت الأفلام والمسلسلات والروايات في ترسيخ هذه الثقافة كشرط من شروط الزواج السعيد والناجح،
برغم فشل العديد من العلاقات التي سبقها علاقة حب طويلة..
ونجاح كثير من العلاقات التي لم يسبقها الحب.

ولهذا انتشر الطلاق بداع البحث عن الشغف،
وعن الذات،
وعن النصف الآخر الذي ربما لن يأتي أبدا..
وتأخر الزواج لأن القلب لم يدق بعد..
بل وانتشر العزوف عنه أحيانا!

وهنا تفهم عبقرية الدين الإسلامي..
حين وصف علاقة الزواج بأوصاف ضامة عامة تصلح للجميع..
فقال مودة ورحمة..
ووضع شروط الزواج القبول والإشهار..
وذكر في المعاملة أن تكون المعاشرة بالمعروف..
مودة، رحمة، قبول، معروف..
توجيهات وشروط عامة..
بسيطة وهامة ولكن تصلح للجميع،
ليس من بينها ندرة الوصول للحب..
ليس فيها خصوصية وجود التناغم الروحي ولا العقلي..
لأن الزواج بالأساس علاقة تعاقدية لها أهداف تحمي الشخص من نفسه ومن وحدته، ومن شهوته..
وتحمي المجتمع من قلة التكاثر ومن الرذيلة..
وتحمي الجيل الجديد من العلاقات المتفككة..

فالزواج قائم في أصله على القيام بالواجبات التي تشكل صمام أمان للطرف الآخر.. صمام حماية له من أن يكون فريسة نفسه أو ضعفه.. وهذه الواجبات مرتبطة بالتزام لتحمي العلاقة من تقلبات القلب والمشاعر، وتحمي الشخص من طمعه وأنانيته، بتقييده بشروط وأعباء كثيرة في حال أراد الخروج منها..

ولكنه لم ينكر حق من أحب أن يتزوج، بل رغب فيه،
فكان ذلك خير له من أي شيء، ولكن ليس العكس،
لأن الأصل للإنسان أن يرتبط وينتمي ويتأنس بآخر،
ولأن الأنس أقوى في حماية النفس من هشاشة الفردية وفقاعة الاستقلالية.. فجعل لبناء الأسرة الأولوية فوق إرضاء أهواء الفرد..

ولذلك فنحن نحتاج لثورة تصحيح مفاهيم..
فبعض الحب رزق يأتي دون طلب أو سبب أو قاعدة..
يهبط على قلبك كما تهطل الأمطار على أرض جرداء ترويها وتعيد إليها الحياة.

وبعض الحب زرع،
يبدأ كنبتة تزرعها دون معالم وترعاها وتغذيها،
وتستمر باستمرار مجهودك..

صاحب النوع الأول قد ينعم وقد يشقى بحبه..
أما صاحب النوع الثاني فقد ينجو باختيار نبتته وانتقاء تربته واستمرار عطائه..والمودة الرحمة هي التربة التي ينمو فيها نبتة الحب الاختيارية،

صحيح أنها ليست بشغف النوع الأول
ولكنها كافية لتحميك من السقوط في حفرة الفردية والوحِدة والأماني المستحيلة..
الزواج علاقة مسئولية تشبع فيها الرغبات الأساسية بالتزام أمام الله قبل الطرف الآخر، وليست عابرة ولا متقلبة كعلاقات الافتتان والحب.

من حصل على الزواج الهادئ المستقر فقد رُزِق مرة،
ومن حصل على زوج يحبه، رُزِق مرتين..
ولكن ما لا يدرك كله لا يُترك كله.

المصدر