التصنيفات
مقالات الضيوف

هو ليه الناس بتطلع كدابة أو بتسكت عن الحق؟

هو ليه الناس بتطلع كدابة أو بتسكت عن الحق؟
امبارح ابني الكبير (سيف) كان عنده ماتش تنس وأنا رحت أتفرج عليه. كالعادة قعدت برة أتفرج من غير ما أشجع ولا أعلق. بتفرج وأنا ساكت زي ما هو بيطلب دايما.
المهم في السن الصغير عادة الحكام بيكونوا على قدهم شوية وممكن يتلخبطوا ويغلطوا من غير قصد وده عادي. ومن المفترض إن الأولاد يصلحوا أو يقولوا للحكم لو غلط سواء في حساب النتيجة أو شاف كورة غلط (يعني قال إنها برة وهي جوة مثلا).
في أول الماتش كان في كورة الحكم قال إن الولد اللي بيلعب ضد ابني طلعها برة لكن ابني كان شايفها جوة ورفع أيده وقال للحكم إنه غلطان وطلب منه يحسب النقطة للولد. طبعا الحكم سكت وعمل كده فعلا لأن مستحيل في حد يحب يخسر نفسه.
بالنسبة ليا ده شيء طبيعي لأن مش مقبول بالنسبة لينا إن الواحد يسرق نقطة عشان يكسب ماتش تنس وأنا متفق مع ولادي إنهم لو في يوم سرقوا نقطة في ماتش حتى لو الحكم مشفهاش، أنا هبطلهم التنس من أصله.
اللطيف إن الولد اللي بيلعب ضد ابني شكر ابني جدا ووالدته صقفت لابني وشكرتني وكده.
لحد دلوقتي القصة لطيفة وتبدو مشابهة لقصص ونيس الأخلاقية.

المهم بعد عشر دقايق الماتش شد شوية والنتيجة قربت جدا.
سيف ابني ضرب كورة جامدة والكورة نزلت جوة الملعب والولد اللي ضده شافها وصقف له بروح رياضية والأم تقبلت الوضع لكن الحكم شاف إنها برة على الرغم إنها واضحة جدا للكل حتى للولد اللي ضده.
أنا قلت بقى الولد هيعمل زي ابني والست كمان على الأقل هتعمل زي ما أنا عملت وكده.
الولد مخيبش ظني ولما ابني سأله “مش أنت شايفها جوة؟” الولد رد بمنتهى البراءة: “أيوه الكورة جوة. حلوة يا سيف”.
لحد كده مسلسل ونيس شغال زي الفل.

الحكم مسمعش الحوار ده وكان نازل يدور على علامة الكورة.
وهو بيعمل كده، الولد لف وبص لوالدته اللي ردت بمنتهى الهدوء: “سيب الحكم يطلع العلامة بتاعت الكورة. مش يمكن تطلع برة؟” الولد بمنتهى البراءة رد: “يا ماما الكورة جوة بكتير”. فقامت زاغرة للولد وقالت له “اسكت خالص”.
نزل الحكم الغلبان وقعد يدور على العلامة وبعدين قال: “أنا مش لاقي العلامة بس أنا شفتها برة لكن ممكن نعيد الكورة”.
ابني قال له: “لو أنا واللي بلعب ضده شايفنها جوة، نعيدها ليه؟”
رد الولد وهو بيبص لأمه برعب: “أنا مش متأكد يا سيف. خلينا نعيدها”.
الحكم بعد شوية قرر إن مفيش داعي يعيدها وإن رأيه هو الصح وحسبها على ابني.
سيف اتوتر شوية لكن بعدها كمل عادي وتقبل الموضوع.
سيف خسر الماتش وعلى كل حال النقطة دي مكنتش هتغير النتيجة والموضوع خلص.

بعد الماتش من المعتاد إن الأهالي بيسلموا على بعض وأهل الكسبان بيقولوا كلمتين كويسين وكده.
الست فعلا قامت وجت لي وقالت لي: “ربنا يبارك لك فيه وفي أخلاقه وأمانته”.
أنا سكت ومردتش تماما ومكنتش عارف المفروض أقول إيه.
بعد لحظة من الصمت قالت: “أنا عارفة إن الكورة جوة وابني عارف إنها جوة لكن أنا أخاف أعلم ابني يبقى أمين بالشكل ده لأن ده هيخليه يخسر في ماتشات تانية ومش كل الأهالي محترمين زيك وهيقولوا لولادهم يقولوا الحق. فخليه يسكت وأهو مرة بيبقى الحق معاه ومرة الحق عليه لكن فكرة إنه يبقى حقاني دي هتوديه في داهية”. ومشيت في صمت.
لو ولد أهله بيربوه على فكرة التعايش مع الكدب أو السكوت عن الحق في حاجة بسيطة زي ماتش تنس، يبقى مش من الغريب إن الولد ده لما يكبر ويبقى إعلامي أو محامي أو كاتب أو غيره هيطلع بيكدب أو على الأقل بيسكت عن الحق عملا بنظرية الست “فكرة إنه يبقى حقاني دي هتوديه في داهية”…

https://www.facebook.com/omar.shenety/posts/1728815130495162