التصنيفات
مقالات الضيوف

ليه نستنكر ع الناس حتي إنها تندهش

ده رد فعل طبيعي تماما

لو بكرة الصبح مثلا محمد رمضان كتب تويتة بيقول فيها إنه جاب للسفرجي بتاعه جراند شيروكي يروح بيها عشان ما بيعرفش ياخد المطبات باللامبورجيني، وإنت شفت التويتة واندهشت، وربما أصابك قدر من الاستياء، فقبل الشمس ما تغيب حيكون في بوست بيستنكر عليك استياءك، لأنه عادي يعني الجراند شيروكي اللي إنت فاكرها أملة دي محدش بيشتريها في الخليج أصلا، ومن حقارتها لو عطلت مش حتلاقي حد يصلحهالك وحتبيعها خردة أو تبدلها بمكنة صيني، ولما بيشوفوا حد ماشي بيها في الشارع بيعرفوا إنه مصري محدث لسه واصل البلد ومعلوماته عن العالم مصدرها أفلام أحمد السقا، ولو ما تعرفش إن الجراند شيروكي دي أوسخ سعر Resale في الإمارات فدي مشكلتك فعلا مش مشكلتي ومش مشكلة تليفوني وولا الإنترنت بتاعي ولا مشكلة فيسبوك ولا مارك ولا إيلون ماسك ولا مشكلة الفنان محمد سلام، وفعلا فعلا يعني محدش المفروض يطبطب عليك أو يخدعك! لأن العالم ما ينفعش يدفع تمن قناعاتك الخاطئة يعني! والأفكار ليها جناحات على فكرة، فعايز تفضل عايش في الوهم إنت حر بس من فضلك يعني حرر الرهاين فورا وسلم نفسك عشان الموضوع بوخ قوي بجد!

من فترة برضه، انتشرت سكرينة لخريج طب وهو مشير صورة عربية عمر كمال الجديدة وكاتب فوقها التعليق المعتاد المتوقع بتاع ذاكرت سبع سنين ومش لاقي آكل وإنت بتتنطط ورا الرقاصات وبتاخد في ساعة اللي باخده في سنة إلخ، طبعا كلام الطبيب الشاب كان محمل بشعور ضخم بالاستحقاق لأنه خريج كلية قمة المفروض، وكانت طريقته في التعبير غير موفقة، وربما عنصرية كمان.

أحد الأصدقاء اللي أحسبهم على قدر من الثقافة يعني، قرر يديله درس في إقتصاد السوق، ورغم إن لهجة الولد أزالت قدر لا بأس بيه من تعاطفي معاه، إلا إنها كانت لحظة لازم تسجل في تاريخ الإنترنت من وجهة نظري، وينقسم لما قبل عربية عمر كمال الجديدة وما بعدها، لأنه الصديق قرر يقول للشاب خريج الطب إنه في منه مئات الآلاف متلقحين في كل حتة (ده مش حقيقي البلد بدأ يبقى فيها أزمة في الأطباء أصلا) بينما عمر كمال ده بقى مفيش منه غير كام واحد، وهو ده إقتصاد السوق يا حبيبي، فلما هو ياخد ملايين وإنت ملاليم فده العدل، ولما تبقى الناس تقف طوابير بمئات الآلاف عشان تدخل عيادتك زي ما بيقفوا عشان يسمعوا عمر كمال، حتبقى ساعتها غني زيه وراكب X6 عادي (ساعتها طبعا حيطلع حد يقولك إنت عارف الX6 دي بيعملوا بيها إيه في سلطنة بروناي؟ بيقطروا بيها العربيات الجراند شيروكي العطلانة)

ده لا يعني إنهم أشخاص سيئين طبعا، كلنا بنضعف وبنزايد ع الناس أحيانا، بس ليه اللهجة دي؟ يعني هو صحيح إن الجراند شيروكي محدش بيشتريها في الخليج، وصحيح إن إتش إم وزارا هي براندات لم تصنع عشان تبقى لبس غالي الناس تتفشخر بيه على بعض، وصحيح إنه بغض النظر عن عمر كمال، ففي أمثلة تانية كتير تثبت فكرة إقتصاد السوق والعرض والطلب، وصحيح كمان إن في بلاد تانية بإقتصاد مختلف ومتوسط دخل أضعاف مصر يتحقق فيها كل هذا الكلام، بس ليه لازم نتصرف بقسوة شديدة تجاه مشاعر وتساؤلات منطقية في سياقها؟ ليه لازم نسحق صاحبها ونحسسه إنه ولا حاجة وإن شكواه ومعاناته لا معنى لها وصداع ع الفاضي؟

يعني ليه لما ممثلة تطلع تقول إن المحلات اللي ٩٥% من المصريين ما بيعرفوش يدخلوها أصلا هي براندات رخيصة وغيرمكلفة بالنسبة لها، نستنكر ع الناس إنها تندهش حتى؟ الموقف شارح نفسه ومش محتاج كلام، ده تصريح غير موفق إنه يتقال علنا لأن الوضع اللي أدى ليه مش حيتغير قريب ع الأقل، فليه لازم نخترع زاوية يطلع فيها حد كسبان عشان هو متسق مع إقتصاد السوق وعارف تصنيف كل براند والباقيين مش عارفين؟ ايه الاستفادة اللي اتحققت غير إنك حسست الناس بالضآلة والعجز أكتر ما هي حاسة كمان؟ وكل ده ليه؟

بجد والله ده سؤال استفهامي تماما مافيهوش استنكار، لأنه منطقيا يعني، وبإدراك الواقع المصري اللي هو أهم في السياق ده من اللي بيحصل في الخليج أو أمريكا أو أوروبا، فلأ مش طبيعي طبعا إن شخص صوته رديء معدوم الموهبة أقصى ما تجود به قريحته هو إن حبيبته سكر محلي محطوط على كريمة يبقى بيتعامل وكأنه أتى بما لم يأتي به الأولون والآخرون (في الواقع الشباب اللي بيوزعوا مزيكا المهرجانات أكتر موهبة منه بمراحل) ومش طبيعي إن محل زي إتش إم أو زارا يعتبر رخيص بينما طقم واحد منه ممكن يبلع دخل شهر لأسرة كاملة من الطبقة المتوسطة، والناس طبيعي تندهش وتستنكر سواء كانوا خريجين طب أو خريجين أي حاجة تانية، وده ماسموش صياح ولا صداع ولا حرقان ولا عياط ولا أي حاجة من المصطلحات المتخلفة اللي ما بيستخدمهاش غير الناقصين ومعدومي الحجة والمنطق، ده رد فعل طبيعي تماما.

المصدر