التصنيفات
افيون الشعوب

لولا اختلاف الفقهاء لضاقت أوجه الخير

ما يضيع الناس فيه أوقاتهم من صراع ونقاش فقهي – فلنسمه فقهيا تجوزا – في أيهما الأفضل

منذ فترة تخليت عن محاولة البحث عن أفضل شيء في مساحات رمادية يحتمل أن يكون الأفضل فيها أي شيء.من ذلك ما يضيع الناس فيه أوقاتهم من صراع ونقاش فقهي – فلنسمه فقهيا تجوزا – في أيهما الأفضل: عمرة التطوع أم الصدقة، الأضحية أم التصدق بالمال، نساعد فقير يريد زواج ابنته أم آخر يريد علاجا.الشرع لم يوجب معينا في هذه الأمور، واختلاف الفقهاء في العمرة والأضحية بين الوجوب والسنية يجعلها غير مقصودة بعينها -إذ المقصود بعينه ما لا اختلاف في وجوبه فهذا لا يصح فيه المفاضلة كالصلاة والزكاة- فبالتالي لا عليّ إن تصدقت أو ذبحت – ما لم يؤد هذا إلى ترك السنة بالكلية – ولا يقال لي لِم ذبحت وكان الأولى أن تتصدق؟ إذ الوقوف على الأولى في هذه المساحات متعذر، فيكون الشرع قد ترك لاختلاف الهمم والنفوس الميل لشيء على حساب الآخر بلا تحجير، إذ لو كان متعينا لأوجبه.- فقد يُقال وجود اللحوم من الصدقة فيها توسعة على كثير من الفقراء الذين لا يقدرون على شرائها طوال العام، وأجسامهم بحاجة إليها صحيا ولو أعطيتها لهم مالا ربما بخلوا بها على أنفسهم وصرفوها إلى ديونهم فتكون هذه جهة تفضيل (لا إثبات للحكم ابتداء، إذ لا يُثبت الحكم بمثل هذه العلل، فالحكم في الشرع السُنية على قول ثم لا بأس من النظر إلى خير السنتين بمثل هذا النظر).- وقد يُقال: مقصود الشرع من الأضحية إظهار الشعيرة وإظهار ملك الله للحيوان وأنا لا نأكل ولا نذبح إلا بأمره، فهو الذي أباحنا البهائم لنأكل منها وحرم علينا الخنزير، وكلاهما من ملكه وخلقه، فلا نستبيح في هذه الأرض إلا ما أذن فيه، فيكون هذا زمان إظهار العبودية له والخضوع لملكه والامتثال لأمره، وحق الفقير جانبي في هذا الموضع: ألا ترى أن الجمهور على عدم اشتراط التصدق بشيء منها وجوبا، بل هو على سبيل الاستحباب لا غير، فيكون المقصود الأكبر هو الشعيرة.- وقد يقال: الأضحية ليست واجبة عند بعض الفقهاء، ومعونة المريض والعاجز والمُعدم واجبة باتفاق – وإن لم تكن على التعيين أصالة- فلا نترك الواجب اليقيني لواجب ظني خلافي، ونحن زمان فقر وعجز ومرض فيكون هذا أولى وأهم.ولو تأملت ما سبق – وغيره – لعلمت أن الخلاف مقصود للشرع ليقع التفاوت بين الخلق، والتفاوت بين الخلق مقصود للشرع ليقع التفاوت في حصول النفع، فلا تنقطع معونة ولا ترتفع شعيرة، وقديما قالوا: لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، ويمكننا أن نقول: لولا اختلاف الفقهاء لضاقت أوجه الخير.

https://www.facebook.com/Alaa.m.abdelhameed/posts/4777727485586480