التصنيفات
مقالات الضيوف

لقطة لزاوية واحدة من الصورة الكاملة

حتى لا تكون مُشاهد أعور أو عبيط!

مطاردة سيارات في فيلم أو مسلسل أكشن..
يستمر البطل في الهروب صانعاً الفوضى في الطرق… سيارات تصطدم ببعضها خلفه.. بعضها ينفجر.. لكن هذا لا يهم.. البطل مازال بخير إذن لا مشكلة!

لكن ماذا عمن ماتوا خلفه في سياراتهم.. أُسر فقدت عائلها.. شاب فقد مستقبله.. ربما بعض هذه السيارات بها نساء وأطفال ؟
المُشاهد لا يعرف هؤلاء.. إذن موتهم لا يؤذي مشاعره بأي شكل.. لقد تم ترويض المُشاهد بأن ينظر دائماً لزاوية واحدة.. لقطعة واحدة من الصورة الكاملة.. ولا يأبه لباقي الصورة..

كذلك في شخصيات الأبطال أنفسهم.. يقوم صانعوا الفيلم أو المسلسل بالتركيز على جانب معين في الشخصية.. جانب إنساني يجعلك تتعاطف معه وبالتالي تغض البصر عن تأثير باقي صفات الشخصية في الحياة..

فمثلاً..
الراقصة الجدعة… يتم التركيز على موقف مساعدتها للبطل الذي يتعاطف معه الجمهور.. ولا يتم النظر إلى أن طبيعة مهنتها التي تستعرض فيها جسدها لإثارة الشهوات تجعلها شخصية دنيئة النفس حقيرة… هي متعددة العلاقات مع بعض مرتادي الكازينو الذي تعمل فيه.. خرابة بيوت.. زانية بنسبة 99.99%

لكن المٌشاهد لا يرى سوى أنها .. جدعة! .. فهو أعور لا يرى سوى زاوية واحدة.. أو هو عبيط لا يفهم ولا يمكنه استنتاج الصورة الكاملة بنفسه.

انتشر فيديو – حقيقي وليس تمثيل – منذ فترة يظهر فيه رجل يدخل يومياً لغرفة ابنته يطمئن عليها ويحضر لها العصير المفضل.. الفيديو يظهر جانب الأب الحاني في شخصية الرجل.. وهي مشاعر فطرية يملكها معظم الآباء نحو أبنائهم.. خاصة البنات.

يتضح لاحقاً من حساب الرجل عالفيسبوك أنه من المواطنين الشرفاء ويطالب الدولة في أحد منشوراته بأن تقوم بفصل وتشريد كل موظف يشتبه في علاقته بالإخوان.. هو فعلياً يريد تشريد عوائل آلاف الأسر بدافع خلاف سياسي.. بل بمجرد الشبهة.. هل هذا الرجل أب حاني عطوف أم شخص أناني عدواني لا يهمه تشريد الآلاف؟؟

الإجابة هي أن الصورة الكاملة تقول أنه كلاهما… ولا تعارض هنا..

فالإنسان يمكن أن يكون طيب عطوف كريم لطيف مع أحبابه.. ويكون ظالم مجرم مفتري مع من يختلف معهم.
المضحك هنا هو أن صانعي الأفلام والمسلسلات عندنا.. عندما يقدمون شخصية “المتدين” أو “الإرهابي” .. يقدمونه متشدد عنيف مع الجميع حتى مع أطفاله.. لماذا؟.. لأنهم يخاطبون مُشاهد أعور أو عبيط!

المصدر