التصنيفات
مقالات الضيوف

كفر إيمان العوام

اسمي محمد، اتولدت مسلم، وعشت مسلم، ولما كبرت عرفت إن فيه مسيحية ويهودية وبوذية وهندوسية وكنفوشيوسية وسيخية، لكني مادرستش ولا واحدة فيهم، ولا قارنت. مع ظروف الحياة لا عندي وقت ولا طاقة للبحث، وأصلا شخصيتي أضعف من إني آخد قرار بالتفكير في “ما وجدنا عليه آباءنا” وتقييمه وتفنيده والخروج عليه.. هناك، في الناحية التانية من الكوكب، شاب في مثل ظروفي وشخصيتي، اتولد بوذي، ومقتنع إن البوذية صح.. ليه ربنا يكافئني بالجنة، ويعاقبه بالنار؟ مع إني لا فضل لي في إسلامي، ولا نقيصة عليه في بوذيته. كلانا مخترناش ديننا، ولا تعبنا في التأكد منه.

ده سؤال طرحته نصا على شاب تلاتيني كان على شمالي في ميكروباص أكتوبر. بينما قدامي رجل أربعيناتي، بينهم حوار ممتد في شئون جامعية ودراسات عليا ومجلس القسم والسمينار وبتاع.. معرفش إيه الرابط بين الاتنين، لكنهم ركبوا سوا، وحوارهم ممتد.

اللي على شمالي بيتكلم بمخارج حروف رخيمة قوية، وبعض الكلام بيقوله بنطقه الفصيح، مش العامي المعتاد. واضح إنه حافظ القرآن، ومتمرس، ذكر وسط كلامه إنه اتكلم في خطبة الجمعة. إذن لعله شيخ مسجد. أما الأكبر سنا، فـ أستاذ جامعي، لكنه لا يبدو بهذا القدر من الوعي والثقافة، ولا المرونة الفكرية. بيتكلم عن تصوراته عن زميلة بإنها ملحدة عشان بتناقشه في فكرة “قوامة الرجل”، وإنه نصح زمايلهم مايقعدوش معاها، ويخرجوا لما تدخل، وإذا اضطروا يقعدوا يبقى بلاش يناقشوها ف حاجة.

الاتنين حواليّ، صوتهم عالي، وكلامهم لازم يعدّي عليّ، بيتكلموا جوة ودني تقريبا. استأذنتهم، ودخلت في الحوار بعد شوية، وطرحت ع الفقيه السؤال اللي فوق.
جاوبني إنه مفيش حد كافر إلا اللي وصله الإسلام بشكل صحيح كامل وأنكره. يعني إذا حد في أي مكان، اتولد وعيلته ومجتمعه وثقافته بتقول له إن الإسلام دين دموي بشع، ومحمد إرهابي، والمسلمين كذلك، وملقاش حد يوضّح له الصورة الحقيقية الكاملة، وياخد فرصته في المقارنة والتفكير.. فـ مش هيتحاسب باعتباره كافر. إنما هيتحاسب بأعماله المجردة.
قال كمان إن إسلامك ده مش حاجة تضيف لك في ميزان أعمالك، لأنك وصلت له بالصدفة. إذا ماقريتش ودرست وقررت وأيقنت باقتناع كامل، فأنت مسلم نظريا. ولا فضل لك على أي حد اتولد بأي دين تاني وعاش عليه. وإن من العلماء من قالوا بـ”كفر إيمان العوام”، يعني اللي بقوا مسلمين بالصدفة دول، زي أتباع أي دين تاني، هيتحاسبوا بأعمالهم، ما لم يرسخوا إيمانهم بالبحث والمعرفة.

الشاب ده بيقدم الفتوى في الأزهر الشريف. فهمت منه إن الأزهر عامل أشبه بـCall center للي عايز فتوى فورية، (رقمه 19906 بسعر الدقيقة العادية)، جواه أقسام للعبادات والمعاملات والعقائد والأحوال الشخصية وفتاوى النساء. هو بقى في قسم الأديان. المفترض عنده إلمام بكل ما يخص الأفكار والأديان والعقائد.

اتبسطت بكلامه وتسامحه ورؤيته لله والأديان والبشر. يا ريت ناس كتير تفكر وتعيش كده. تعصب كتير هيخفّ، وطاقة سلبية كتير هتدبل وتموت.

https://www.facebook.com/mhmdtaher/posts/1877480865631111