التصنيفات
مقالات الضيوف

عن الرضا والتقبل للتعدد في الزواج

هل الميل للتعدد طبيعي أم خارج عن الطبيعي؟ هل هو أمر استثنائي أم شاذ أم عادي؟

هل ممكن ست تقبل أن يتزوج زوجها برضا دون تضرر؟

هل يمكن ست طبيعية كويسة تقبل أن تقاسم زوجة أخرى في زوجها وأولادها؟

هل يمكن أن يتراص ثلاثتهم بسعادة في صورة واحدة!

طبعا حين يأتي الحديث عن التعدد، يهلل الرجال للمرأة التي تقبله وتتراشق النساء السباب والاتهامات..

طيب ما حقيقة الأمر؟ هل الميل للتعدد طبيعي أم خارج عن الطبيعي؟ هل هو أمر استثنائي أم شاذ أم عادي؟

يمكن حابة اتكلم عن الموضوع من عدة زوايا مختلفة يمكن تفسر لكم ليه الظواهر دي موجودة وممكن تكون متكررة. الموضوع ممكن يكون طويل.. بس يمكن تطلع منه بوجهة نظر مختلفة وخصوصا الستات.

مفاجأة:

التعدد ليس أمر إسلامي ولا ثقافي بحت زي ما إحنا فاكرين لكن ممكن يكون له تفسيرات طبيعية في الأصل.

الحقيقة علماء الانثروبولوجيا وصلوا إلى أن معظم إن لم يكن كل المجتمعات القديمة مارست التعدد كشيء طبيعي جدا ومقبول.. وبدأت الممارسة تتنظم في بعض المجتمعات من حوالي ١٠،٠٠٠ سنة بس.

طيب ليه كانت ممارسة طبيعية؟ هل هي شيء فطري فعلا؟

طبقاً لعلم النفس التطوري: الإنسان كان عنده (ومازال) غايتين أساسيتين: البقاء والتكاثر.

فعقل الست والراجل كانت وظيفتهم الأساسية في المجتمعات البدائية يحافظوا على نفسهم لغاية ما يوصلوا جيناتهم لحد تاني (طفل سليم).

الرجل كان هو المنوط بالحصول على الطعام وهو إللي بيقوم بالحماية. وكان كل ما زادت قوته تكتر فرصه في التكاثر مقابل الرجالة الضعيفة. ليه طيب؟

لأن الست كانت غايتها تدور على رجل جيناته سليمة وصحية ويكون قوي وعنده موارد عشان تقدر تخلف وتربي في أمان ورزق وحماية..

وعشان كده الستات كانت تفضل تشارك ست تانية في رجل قوي عنده موارد كافية لتضمن استقرارها هي وأولادها ولا إنها تكتفي براجل واحد بس ضعيف.

وبكده كان فيه علاقة ما بين قوة الراجل وعدد الستات اللي قابلين يتزاوجوا معاه. الست كانت عايزة حماية واستقرار.. والرجل عايز نسل كتير وعشان كده جسمه بيسمحله يجامع أكثر من ست في نفس الوقت.

المتعة هنا هي الطعم.. لكن الهدف هو نقل الجينات بنجاح.

كمان الرجل في المجتمعات البدائية كان أكثر عرضة للموت المفاجئ، عشان خطورة الوضع العام وقتها وخروجه جسديا لتوفير الطعام، فكان القوي يحب يحط جيناته مع أكبر عدد من النساء قبل ما يموت فجأة أو بدري عشان يضمن عدد أكبر من الأطفال يعيش ويكمل.

طيب دي الطريقة إللي اتخلقت بيها عقولنا عشان تضمن انتصار الجينات الأقوى وتحافظ عليها وتستمر البشرية وتكبر.

بعدين باستمرار الممارسة، ودخول الثقافة، بدأ كثر النساء يرتبط في أذهان الناس بقوة الرجل وكتر موارده وده إداله مكانة اجتماعية أعلى وسط الرجال. إنه قادر يجذب الستات أكتر من الرجال الضعفاء.

وبدأت تظهر فكرة الحرملك..

وبعدين بظهور السياسة والحروب واستخدام القوة، بدأ الرجال ياخدوا غنائم ستات من الحروب يضيفوها للحرملك أو يشتروهم من أسواق النخاسة كجزء من “أمارات قوتهم ونفوذهم”.

وده كان السائد وقتها وطبيعي ومقبول!

ما دام هو قادر يصرف يبقى يقدر يتجوز. مادام قوي وغني يبقى يقدر يمتلك عدد أكبر من النساء..

وبناء عليه كان ممكن ستات تبقى في الحرملك وهو مايعرفهمش ولا بيشوفهم من كترهم.. هما أملاكه.. وهما دون إرادة..

لما ظهرت الدعوات العالمية ضد العبودية بأشكالها ومن ضمنها مثلا تحرير الرقاب في الإسلام وإللي يمكن سبقها كمان كانت محاولة لمناهضة نظام عالمي ثقافي قديم ومستمر من زمان.

فلما تفهم إن ربنا حدد للرجل وأباح أربعة بدل من عدد لانهائي كان أولا فعل ثوري وقتها، ثانيا متماشي مع طبيعة الرجل اللي ربنا خلقها عايزة تنشر جيناتها وتراعي عدد أكبر من النسل. ومتماشي مع طبيعة ست شايفة الرجل حماية ورزق واستقرار. وتحسبا لظروف جديدة تنشأ تهدد الجنس الذكوري أكتر من النساء زي الحروب والأمراض مثلا اللي بتهاجم الرجال أكثر دلوقتي مثلا..

عشان لو العدد قل.. الستات الأكتر تقدر تلاقي زوج.. أو مراعي..

بس كمان لازم تقف وتفهم ليه ربنا لما أباح حط شرط العدل، عشان يعلي من عقلية الرجل البدائي الشهواني.. ولأن طبيعة المجتمعات بدأت تتغير هي كمان.. ولأن فيه ستات اتظلمت في المنظومة القديمة.. فشرط العدل ده عشان يفكر الرجل مايتجوزش للمتعة الشخصية ولا للشهوة فقط، لكن بيفكروا بحقوق الست التانية إللي مش مجرد أداة متعة.. ويفكروا أن منظومة الجواز معقدة أكثر من عشوائيةالتكاثر في المجتمعات البدائية.

وعشان كده قال له لو هتستضعف اليتيمات وتطمع فيهم او مشتهيهم بس، سيبهم واتجوز غيرهم من غير ظلم.

عشان اليتيمة كانت ممكن تقبل الزواج دون حقوقها في مقابل الأمان. فربنا حذر الرجال!

طيب ليه في ستات ممكن تقبل تشارك حد تاني في زوجها؟

لأن في ال

Polygyny threshold model

بيشرح إن الستات في علم النفس التطوري كانت بتشعر بأمان أكتر في التزواج مع رجل متزوج بالفعل لأنها كده بتكون ضامنة قدرته على الرعاية والالتزام والحماية. وده كان بيديها فرصة للبقاء هي وجيناتها بشكل أكبر.

اللي دلوقتي تفهمه بيه ليه الستات ممكن تغازل وتعاكس رجل متجوز وتسيب الفاضي.

لأننا لسة محكومين بعقولنا البدائية المحفورة والمتوارثة في العقل اللاواعي بتاعتا ونحن لا ندري. وعقلنا اللاواعي بيتحكم في ٩٥٪؜ من تصرفاتنا وقرارتنا.

طيب ليه ممكن ست متجوزة تقبل بده عادي؟ ليه مش بتمشي؟

لأن ربنا كان أحكم مننا بأضعاف لا نهائية ولأنه العارف والمطلع والحكيم.. هتلاقي القرآن لم يذكرالحب بين الزوجين.. لكن اتكلم عن المودة والرحمة. اتكلم عن الفضل بينهم.. الأحاديث اتكلمت عن المعاشرة بالمعروف والإحسان.. في الشروط اتكلموا عن الأخلاق والدين.. محدش جاب سيرة الحب.. ليه؟

هل ده معناه أن مفيش حب؟ أو أن الحب مش مهم؟ لا طبعا..

الرسول عليه الصلاة والسلام ” لا أرى للمتحابين إلا النكاح” ومع إنه حديث ضعيف لكن مهم نشوف إنه ما أنكرش وجود الحب، لكن لم يضعه شرط للزواج أبدا.

يعني الزواج عموما ليس منظومة عاطفية، بل هو منظومة اجتماعية هدفها حماية الفرد نفسيا وماديا واجتماعيا من أخطار أن يكون وحيدا.

الإسلام وكل الأديان تنبذ الفردية، تشجع على التجمع والتآلف والاتحاد وخلق جماعات مترابطة،

طيب ده إيه علاقته؟

علاقته إن في ناس الزواج بالنسبة لها مجرد غطاء حماية واستقرار.. ومش مبني على الحب. وبالتالي الست اللي متجوزة عشان ده بس ومفيش رابطة عاطفية.. مش هتتضرر أوي زي ما إحنا شايفين.. لأن الزواج ومنافعه أهم بالنسبة ليها من العاطفة.. ممكن كمان تكون مستمرة وهي مش حابة جوزها، لكن قادر يوفر ليها ولأولادها الاستقرار.

وده ممكن يفسر ليه ستات ناجحة ومشهورة قبلت تكون في منظومة التعدد زي إسعاد يونس وشريهان مثلا.. لأن الزواج هنا بيأدي دور تاني غير/أو بجانب العاطفة (أو عاطفة مش قوية لدرجة تجرح)، وهو مجموعة من الخدمات بجودة رفاهية. الاستغناء عنها برجل عادي بس فاضي مش هيجيب نفس المنافع. فمش مرتبط بجهل أو قلة كرامة الست لكن في كثير من الأحيان بمصالحها.

طيب ليه ثقافتنا دلوقتي بقت مناهضة أو رافضة للتعدد. وجهة نظري لأن نظرتنا للجواز اتغيرت وثورنا على المفهوم التنظيمي القديم. الزواج دلوقتي تتويج لعلاقة روحية وعاطفية خاصة بين أثنين.. الست قادرة تجيب مواردها وتحمي نفسها وأولادها بدون رجل.. فدور الرجل أصلا اتغير من وجهة نظر الست.. هي عايزاه مصدر عاطفة وأمان نفسي وتواصل روحي دلوقتي مش مجرد مقدم خدمات.. الست دي طبيعي تشوف التفكير في زوجة تانية خيانة للعلاقة الخاصة إللي بينها وبين جوزها.. تشوفه خرق للوعد الروحي بأنها المختارة.. وده حقها..

وكمان التعدد دلوقتي يعني تقاسم في الموارد إللي كانت لأسرة واحدة وفجأة هتروح لأسرة جديدة، وده الست مش قادرة تقبله.. لأنه عصر يتنافس فيه على تجميع الثروات كمان مش مجرد البقاء زي زمان.

وبكده بعضنا تطور فكره عن ناس تانية واحتياجاتهم اتغيرت.. وبعض الناس احتياجاتها لسة في مكانها..

ولكن ربنا أحكم.. يعلم أن احتياجات الناس ونظرتها للزواج مختلفة.. وهتفضل تختلف..

وعشان كده أباح ولم يوجب.. وحين أباح حفظ حق الست سواء حبت تستمر بالعدل (وأكد أنه مش هيكون كامل وهيكون فيه ظلم لطرف وهي ورضاها.. ) أو لو قررت ماتستمرش بالرفض أن تكون جزء من المنظومة دي.

لكن شايفة إنه مش حقنا نحكم على احتياجات بعض المختلفة.. التعدد مقزز للي شايف/ة الزواج اتصال خاص وروحي بين أثنين وحقك ترفضيه.. لكن الحب غير مكفول للجميع، ده رزق.. في ناس كتير عايشة مع حد عشان ماتكونش لوحدها وده مش عيب في حد ذاته.. ومش عايزاه معاها بشكل مستمر.. عايزة صورة ودور أكتر من شخص..

فإللي شايف الجواز بشكل مختلف وأبسط مش مش سوي.. وده تفسير مش تشجيع على الفعل.

النقطة الأخيرة: إللي بيدعي إن التعدد كمال والأصل ومش مؤذي في بعض الحالات ، شخص سطحي ومُضلل، لأن النصوص الدينية تفسر في سياقات وليست منفردة.. ولأن المباح ليس بالضرورة مُستحب، ولأن المباح قد يقلل الضرر ولا يمنعه.. فوارد اختيار التعدد يكون ظلم بين وسوء عشرة وأنانية. وده اختبار للرجل..

مش كل مباح يُفعل..

وللست مش كل مباح مش مضر ولو حلال..

عدم مخالفة مقاصد الدين الأساسية هي المحدد.

أنا شخصيا بقالي فترة بقرا عشان أكون وجهة نظر شاملة عن الموضوع ويمكن ده خلاني أتفهم مواقف البعض وأراجع نفسي في كذا تصور.

وكلامي دائما يقبل النقد والتصحيح والتراجع عند ظهور معلومة تغير الصورة.

أتمنى ده يساعد ناس كتير تكون أكثر قبول لبعضها.. وأكثر فهم للدين وحكمة ربنا وأقل تكبر.

المصدر