التصنيفات
مقالات الضيوف

طفل الميم، أو طفل بوبايز

في عالم الإنترنت، انتهى زمن النسيان، أي كلمة أو مقطع أو رأي وصل إلى هناك، فسيبقى هناك للأبد

قبل أسبوعين تقريبًا، حصل صاحب الصورة أدناه على عقد إعلاني، مع المطعم ذاته الذي التقطت فيه هذة الصورة بشكل عفوي قبل 10 سنوات، والتي انتشرت من حينها بشكل واسع حتى أصبحت أحد أشهر الميمات عبر الإنترنت.

طوال 10 سنوات، عاش الولد حياته، وانتقل من الطفولة إلى الشباب، وتغير شكله تمامًا، لكنه ظل في ذاكرة الناس، طفل الميم، أو طفل بوبايز نسبة إلى المطعم الذي التقطت فيه الصورة، حتى هو نفسه، كان يرى نفسه كذلك، شهرة غير مقصودة صارت تعريفه لنفسه وتعريف العالم له.

في عالم الإنترنت، انتهى زمن النسيان، أي كلمة أو مقطع أو رأي وصل إلى هناك، فسيبقى هناك للأبد، مهما تغير الزمن أو تقدم الإنسان في العمر أو غير قناعاته.

قبل أسبوع أيضًا، كنت أشاهد وثائقي ثمانية عن حيدر العبد لله، شاب لم يكن موفقًا في قصيدة ألقاها أمام ملك السعودية قبل 7 سنوات، لكن وصل المقطع إلى الإنترنت، ومن حينها أصبح تعريفه الأول عند العالم، لا يكتب تغريدة ولا يشارك صورة إلا ذكره الناس بهذا المقطع.

سافر الرجل وتخرج من الجامعة وتزوج وأنجب، لكنه لا يستطيع تجاوز الضرر الذي يلحقه من هذا الأمر، يتجاهل الإنترنت كل نجاحاته السابقة، وكل ما تمتليء به حياته، ويكتفي بتعريفه بهذة الدقائق التي مضى عليها سنوات.

وحين تصبح ميمًا على الإنترنت، فعليك أن تحيا كذلك للأبد، شئت أم أبيت.

يشاء البعض ذلك بالطبع، فقد تعني الشهرة ولو في سياق سيء بعض المال، وهو مال لا يأتي إلا بإراقة ماء الوجه في كل لحظة، ومحاولة التذلل لطواحين الفضاء الرقمي حتى تعيد تدوير الشخص في ميم جديد، يضمن له المال للأبد.

لكن الأهم هنا، هو من يرفض ذلك، وتأتيه تلك الشهرة رغمًا عنه دون أن يفعل شيئًا، عندها يظل حياته كلها أسيرًا لتلك اللحظة الخاطئة التي وضعته تحت أقدام الإنترنت.

تذكرت ذلك حين شاهدت مقطع الطفل الذي نشره والده، مدللًا على سوء تربية الولد، وقد قضى هذا الأب على ابنه أن يعيش معرفًا بهذة الدقائق للأبد، ومنذ اللحظة، أصبح الولد بين زملاؤه ميمًا.

وقضى الاب على علاقته بابنه للأبد، فمهما تغيرت أفكاره مع تقدم السن، سيذكره هذا المقطع، بأن والده هو من وضعه عامدًا في طريق الجموع، ليستغله كل فرد في غرضه، دون اهتمام بما يعانيه الطفل من الأصل، وهو الضحية الوحيدة في القصة على الأغلب.

May be an image of 1 person and text

المصدر