التصنيفات
مقالات الضيوف

سكينة النفس واطمئنانها

عن احساس المضطهد واللي مش متشاف ولا واخد حقه

مش شرط أبدا تسعى فتوصل، أو تتظلم وتاخد حقك، ولا تشتغل وتتعب وتتجازى بشكل عادل على ده، ومش شرط لو كنت كويس مع حد وسابك يندم بعد كده.. ولا لو كنت ماشي صح الناس تصقفلك، ولا لما تعمل خير تلاقي خير..

مش شرط أبدا!

دي كلها طموحات وهمية في مكان القاعدة إللي بتحكمه مش العدل..

وإللي فوق ده هو من أهم المغالطات الإدراكية إللي بتوصل للاكتئاب.

الشخص المنتظر المردود المنطقي والعادل لكل تصرفاته بيقع في حفرة من الإحباط والاغتراب النفسي لأنه بيحس أنه مضطهد ومش متشاف ولا واخد حقه.

ويبدأ سلاسل من الأسئلة المنطقية جدا زي: أنا شاطر مش عارف ألاقي شغل ليه؟ أنا حلوة وطيبة ومؤدبة محدش بيتقدملي ليه ؟ اتسبت ليه؟ أنا ذكية بس مش عارفة أنجح في شغلي، أنا عملت خير بس خسرت كل فلوسي، أنا كنت طفلة مطيعة وهادية بس أهلي بردو مكنوش بيحبوني ولا شايفني حلوة، ليه!؟ أنا ليه جنالي محدود ، أنا ليه ابني عنده إعاقة وأنا مبأذيش حد، ليه ده يكون جزائي؟

المشكلة في النوع ده من الأسئلة أنه مش مبني على معلومات حقيقية عن الدنيا، كانت تبقى أسئلة في محلها لو كنا في الجنة، بس في الدنيا القاعدة معروفة، أنت مختبر ومبتلى بأنواع مختلفة من النقص، نقص في الأموال والأبناء وكل أنواع الرزق، نقص تختبر به.. فمفيش مكان للمردود العادل دائما، فعلى ماذا تُحاسب لو كل شيء مُلبى وسهل ومنطقي؟ كيف سيُختبر الصبر وكيف ستقاس المجاهدة ودرجة الرضا؟

ولذلك لازلت غير مقتنعة أن هناك علاج نفسي دون دين وروحانيات، البوصلة الدينية تضع كل شيء في سياق ومسار صحيحين.. تعطي تفسير منطقي للألم ، تضع سياق مناسب لعدم العدل الدنيوي.. وتعطيك الأداة التي ترتاح بها روحك من آلام النقصان : التوكل والإتحاد مع روح الله بإيمان أن قدره هو الخير ولو لم نر ذلك!

توكل وتسليم أن الأمر كله بيده، فهو الخالق الكريم الرحيم الذي يعطي حين يكون ذلك في خدمة مسارنا للجنة، ويمنع لنفس السبب.

نعمة التسليم تُذِهب الإحساس بالاضطهاد ، لأنها تغير بوصلة الإدراك، فلن تلوم بشر على اضطهادك، بل ستؤمن أن كل شيء بيد الله، والطريق لتغيير القدر يكمن فيك وأفعالك وفي إرادته حين يشاء رغما عن إرادة الجميع..

وهذه هي سكينة النفس واطمئنانها..

الرضا لمن يرضى والسكينة لمن يُسلِم..

المصدر