التصنيفات
مقالات الضيوف

توفّى فلان

من الأخطاء الكلامية الشائعة بيننا اليوم أن يقول الواحدُ منّا :”توفّى فلان…” بفتح الفاء

والصحيح أن تبني الفعل للمجهول، فتقول بضم الفاء “تُوفّي فلان”، أو تقول “فلان، توفّاه الله”

ولا تكمن المشكلة لدينا في الفتح أو الضم، وإنما في تصورنا الخاطيء عن أن (توفّى فلان = مات فلان)! وفي ذلك اختزال لمعنى “الوفاة”؛ حيث أن “الموت” هو مجرد انقطاع الحياة أو انفصال الروح عن الجسد،وهذا يحدث لكل المخلوقات حتى النبات. أمّا “الوفاة” فمعنى أعمّ -كما سنعرف حالاً- يخص الإنسان دون غيره. كيف؟

ذلك أن اجتماع (الواو والفاء مع حرف العلّة) كما في الفعل “وَفَى” يفيد إكمال الأمر وإتمامه (المصدر: مقاييس اللغة)، ومنها قوله تعالى: (أوفوا بالعقود)، أي أدّوها على وجه مكتمل.

ثم عند إضافة التاء للفعل… عادةً ما تفيد الطلب والاستدعاء، من الفاعل للمفعول به. كأن تقول لابنك “تمهّل يا فتى” فأنت حينها تطلب منه أن يمشي على مهله أو أن يأخذ الأمور بمهلٍ.

؛ فـ (توفّى، يتوفّى)، على وزن ” تَفَعَّلَ ” من الفعل “وَفَى – يَفِي”: تعني أن يسترجعُ شخصٌ ما أودعه عند آخر على وجه من الشدة.

، وبذلك يتضح لنا معنى (اللهُ يتوفَّى الأنفسَ حين موتها): أي يستدعي الباريء نفس عبده ويُرجعها إلى الأصل الذي كانت عليه عنده -جل وعلا- قبل أن يُخرجها للحياة الدنيا، وكذلك يوفِّي العبد ما اُودعَ عنده من أمانة نفسه ودينه وأجَلَه ليؤديها إلى ربِّـه. وهذا معنى راقي بليغ! فإن كانت كل الناس راجعة إلى خالقها، فليكن شُغلك أن ترجع إليه وأنت مؤدي مُوفّي ما عليك تجاهه.

 https://www.facebook.com/Basem.Mosallam.M/posts/10154729429888029