التصنيفات
مقالات الضيوف

آفة الناس في زماننا

مهما حاولت تصنيف الناس

آفة الناس في زماننا انشغالهم بأحوال غيرهم والرغبة في تصنيفهم وتقسيمهم إلى صالح وطالح ، متدين ومتسيب ، خيّر وشرير ..

التصنيف والتقسيم أمر يحبه العقل، ونفعله كلنا تقريبا، شئنا أم أبينا، لأنه أمر يُسهل إصدار الأحكام ، ويُسهل تعميم الأفكار، وتكوين الانطباعات..

ولكن المشكلة في أن طريقة تصنيفنا للناس فاسدة .. حتى لو أردنا أن نقسمهم على سبيل المثال إلى متدين / متسيب أو متساهل أو فاسق ، فالمفترض أن التصنيف هنا حسب الشرع ، هكذا يقولون ، وهكذا نقنع أنفسنا .. ولكن الحقيقة غير ذلك ..

ليست كل الأوامر في الشرع سواء ، وأيضا ليست كل النواهى سواء ، لكن الناس تشنع على الأمور الظاهرة ، وعلى ما تستقبحها بهواها أو بعرفها

فالناس قد تصنف فتاة في مستوى دينى أقل لأنها ليست محجبة وإن كانت تصلى ، وترفع أخرى لا تصلى لمجرد أنها محجبة أو منتقبة. والناس قد ترفع رجلا يجدونه بينهم في المسجد بينما نفس الرجل لا يتورع عن أكل مال اليتيم أو عن أكل حقوق الورثة أو غيرها من الكبائر .. وأحدهم أيضا قد يترك ركنا من أركان الإسلام كالزكاة ويعده الناس صالحا لصلاته ، وهكذا

فالتصنيف هنا ليس حسب الدين كما نقول، وإنما حسب الهوى ، وحسب الظاهر لا حسب الحقيقة

الأمر الآخر هو أنه وإن اشترك شخصان في نفس عمل الخير، قد يكون الفرق بينهما كمثل الفرق بين السماء والأرض، فأحدهم عمله لله، والآخر عمله رياء ونفاقاً فقط ليقال فعل وفعل

الأمر نفسه بالنسبة للمعصية، فإن فعل شخصان نفس المعصية، قد يكون هناك فارق كبير بينهما، فهذا عاص تائب نادم منكسر النفس ، وذاك عاص مع إصرار وتكبر ومفاخرة .. وشتان !

هذا الكلام إن صنفنا الأعمال، فكيف نصنف القلوب ؟ هذا يقول لك مبروك وقد امتلأ قلبه حقدا وحسدا ، وذاك يقول مبروك وفي قلبه رضى وتسليم ودعاء بالخير ، كل لسان قال مبروك ، وفى القلوب ما فيها !

وأخيرا كلنا يختلط في داخلنا الخير والشر ، العاصى اللاهى قد يعود ليبكى ويتوب ، والعابد المتدين قد يعود ليخلو بمحارم الله وينتهكها ، ونحن نرى جانبا واحدا من الصورة ، لقطة واحدة .. ولا نعلم ما قبلها وما بعدها

الخلاصة .. أنك مهما حاولت تصنيف الناس ستخطىء، فلا داعى لأن تكتب عن هذا وذاك .. وأن تفتش عن عيوب هذا ومثالب ذاك ..

ذنوبنا كثيرة ، وعيوبنا لا تعد .. ولو ركز كل منا فى ورقة امتحانه لكان أنفع له ولربما ينجح ، بدلا من الانشغال بأوراق الآخرين وأحوالهم

المصدر