التصنيفات
مقالات الضيوف

وهو مدورش ليه هو معندوش جوجل

هل بس السبب هو “خلقة ربنا” ولا في أسباب أخرى؟

كنت خارج مع (بنتي) في مشوار وبعدين حد وقفني وسألني علي عنوان بالتجمع؛ طلعت برنامج الخرائط المفضل لي OsmAnd+ وعرفت له المكان بالظبط وشرحت له…
وبعدين بنتي قالت لي هو سألك على ايه يا بابا
فقولت لها عنوان؛ فقالت وانتا طلعت الموبايل ليه؛ فقولت لها دورت له عليه؛ فقالت لي وهو مدورش ليه هو معندوش جوجل؛ فقولت لها معلش يا لولي مش كل الناس تعرف تدور؛ فقالت لي ليه …
وطبعا النقاش طويل وانتم متعرفوش بنتي وبحثها ورا المواضيع وليه وازاي بتاعتها.

لكن من هنا جه في بالي سؤال
ليه في ناس بتعرف معلومات عامة وناس لا؟
ليه في ناس أغنياء وناس لا؟
ليه في ناس أذكياء وناس لا؟
وليه عادة العاديين في التفكير أو الثراء بيخلفوا أطفال في الغالب شبههم.

هل بس السبب هو “خلقة ربنا” ولا في أسباب أخرى؟
وطبعاً تفكير كان في الغالب وليس الفلتات والحالات الاستثنائية ان يكون شخص فقير يبقي ملياردير؛
دا استثناء والمعتاد غير كده.
يعني هفترض إن في 2 اتولدوا في نفس مستوى الذكاء ونفس الجينات؛ ونشوف تأثير المجتمع والتربية عليهم تخليهم ايه.

في البداية انصح بقراءة بوست كان كتبه صديقي العزيز شريف سيد من حوالي سنة ودا اللينك
https://www.facebook.com/669727014/posts/10156946271502015/?sfnsn=scwspmo
اللي مش عاوز يقراه او موصلوش المعلومة؛
فبختصار تجربة اتعملت علي مجموعة عائلات من مستوى مادي مختلف لدراسة تأثيرات اللغة علي أطفالهم؛
وتم مراقبة الأطفال من عمر 7 شهور لغاية 3 سنين يعني قبل المدرسة؛ ولقت الدراسة إن الأسر الأكثر ثراءاً عندهم حصيلة لغوية أعلي من الاخرين؛ وبعد وصول الأبناء لسن 3 سنين لقوا إن الطفل ابن الطبقة الأكثر ثراءا حصيلته اللغوية أعلى 50% من ابن الطبقة المتوسطة؛ وأعلي أكثر من الضعف من ابن الطبقة الفقيرة.
ويقصد بالحصيلة اللغوية يعني يعرف كام كلمة ومعناها.

فالدراسة أظهرت فارق الحصيلة اللغوية عند الأطفال من قبل دخول المدارس، طيب تعالى نكمل عمرهم ونتخيل ايه هيحصل؛ ونتخيل سوا انهم هيدخلوا نفس المدرسة ونفس التعليم بالظبط… مجرد تخيل.

في المدرسة بسبب الحصيلة اللغوية الأكبر للطفل الثري ففي الغالب بالمتوسط هيكون تحصيله أعلى من الأخرين؛ هيفهم أسهل وأسرع (بفكرك إني بتكلم دايما في المتوسط عشان في حالات استثنائية بتحصل).

ولما يروح الطفل الثري للبيت فممكن يحكي لأبوه وأمه عن حاجات أخدها في المدرسة؛ ليكن قاله إن المدرسة حكت لهم اسماء فواكهة أو مأكولات أو حيوانات ووو… فببساطة الأسرة الثرية تقدر في دقايق تعمل أوردر بالشيء دا وتشتريه والابن يشوفه عالحقيقة؛
أو تقوله في الاجازة هنروح حديقة الحيوان تشوفه؛
وحتي لو في دولة ثانية زي سور الصين العظيم؛
قشطة في الاجازة الصيفية نسافر السنة دي الصين.
وبكده معلومات الطفل بشأن النقطة هتزيد جداً

ابن الطبقة المتوسطة مش هتقدر اسرته توفر له السفر بسهولة كده؛ لكنهم ممكن بواسطة الكومبيوتر يخلوه يشوف تفاصيل كثير عن اللي اتعلمه؛ فبكده هياخد شوية معلومات كويسة…

اما ابن الطبقة الفقيرة فغالباً مش هيشوف ولا يعرف حاجة بره المدرسة.

وأثناء الدراسة والاجازات فالاسرة الثرية تقدر توفر لابنها مختلف الأطعمة؛ وممكن فحص طبي دوري بحيث يتكشف أي مرض؛ وهما أكيد مشتركين في نادي فالطفل يقدر يلعب أي رياضة بشكل احترافي؛ أو حتى هيقدر يجري في حدائق واسعة ويحسن من صحته
(برضك يتكلم في متوسطات وان القدرة موجودة ومش شرط يطبقوها).

ابن الطبقة المتوسطة غالبا ممكن اسرته تهتم شوية بالاكل؛ وممكن يشترك في نادي بسيط؛ هيتاح ليه لعب الرياضة لكن بصعوبات أكثر.

اما ابن الطبقة الفقيرة فغالبا مش متاح له الاندية الا في صورة ضيقة جدا؛ وبالنسبة للأكل فالفقر بتاع عيلته هيخليهم يركزوا علي مصادر رخيصة مشبعة زي الكربوهيدرات؛ اديله مكرونة وعيش؛ فالنتيجة سوء تغذية وأنيميا وفقر دم…
طيب الامراض زي الانيميا هتأثر في ايه؛
بتأثر في الصحة العامة وضعف التركيز والاستيعاب؛
يعني فاكرين فوق قولنا الطفل الفقير عنده حصيلة لغوية أقل؛
ومعندوش امكانية تطبيق المعلومات؛
وكمان لأسباب صحية اتضاف عليهم الانيميا وبقى استيعابه أقل أكثر وأكثر.

ونروح لاوقات الأجازة الصيفية؛
عادة الطفل الثري هيسافر في مكان ما وغالبا ممكن خارج دولته؛ فترة السفر دي بتكون احتكاك بثقافات وطبيعة وكل شيء مختلف؛
يعني بيكون في طن معلومات ومعرفة جديدة بتدخل عقل الطفل الثري.

طفل الطبقة المتوسطة فغالبا هيكون السفر ليه محدود وداخل الدولة ولفترة قصيرة؛ فالاستفادة منه هيكون نفسي شوية وترفيهي غالباً.

طفل الطبقة الفقيرة غالباً مش هيتاح له السفر؛ وهيكون بيلعب في الشارع مع أصحابه.

وحتى في وقت اللعب؛
الثري هيتاح ليه اجهزة كومبيوتر حديثة وبلاي ستيشن وغرفة العاب فيها عشرات الألعاب؛ ولو هيشوف التليفزيون متاح ليه كل المحتوى المجاني والمدفوع ومختلف القنوات سواء دش او انترنت…

المتوسط بيتاح ليه بشكل أقل؛
والفقير عادة اما موبايل الوالدين او القنوات التليفزيونية المجانية اللي محتواها احنا عارفين مستواه وبيعمل ايه في العقول.

نكبر شوية ونخش في سن المراهقة؛
الطفل الثري هيحضر النقاشات مع ابواه في شغلهم اللي غالبا بيكون ادارة موظفين وشركات؛
هيروح مع ابوه شغله اللي هو مدير فيه او يمكن صاحب الشغل؛
وابوه هيبعته دورات تدريبية عالية الجودة وباهظة الثمن.
فهو بيتم تدريبه انه يبقي مدير.

المراهق بالاسرة المتوسطة غالباً بيركز ابواه علي انه يذاكر عشان يجيب مجموع فيخش كليه ويبقي موظف كويس بمرتب كويس؛
فكرة انه ياخد كورسات غالبا مش بتظهر عدا فيما يخدم دوره ك موظف زي اللغة الاجنبية مثلاً…
وهيحضر نقاشات منزلية عن ان الظروف صعبة ولازم تبقي موظف كويس؛ ويسمع قصص خلافات وخوازيق زمايل ابوه وامه في شغلهم…
والخلاصة بدأ تدريبه انه يبقي موظف.

المراهق الفقير غالبا هينزل يشتغل عند ميكانيكي او عامل في أي مكان؛ ودا هيزود خبرته لكن بيرسم مستقبله؛ أصبح عامل…
يروح البيت ويسمع خناقات والديه عن الفقر ومفيش ومعندناش واحنا فقرا… فمفيش نقاشات تطور من مستواه بل بترسخ جواه اننا فقرا ولازم تبقي عامل مجتهد.

نروح للجامعة
وغالبا ابن الطبقة الثري هيدخل أفضل جامعة متاحة بل وممكن يسافر يدرس في الخارج؛ هيتعلم مهارات تفكير وتفاوض والبحث وتخطيط وادارة وغيره…

ابن الطبقة المتوسطة هيدخل جامعة حكومية مجانية أو جامعة بمصاريف قليلة؛ هيتعلم مستوى مقبول والهدف يطلع موظف…

ابن الطبقة الفقيرة غالبا مش هيدخل جامعة وبيكمل شغله ك عامل؛ او بيدخل حاجة مجانية من باب يكون معاه شهادة؛ هو مش فاهم ايه دي وبيدرس ايه لكن محتاج ورقة.

تعالوا نرجع 20 سنة؛
عندنا 3 اطفال زي بعض؛ بقوا دلوقتي ايه؟
اخدت بالك الفروقات حصلت ازاي؟

ندخل سوق العمل بقي؛
ابن الثري غالبا بيشتغل في شركة والده او بالعلاقات ابوه بيشغله في مكان مميز براتب كبير…
ولو فرضنا انه مش عاوز وظيفة وحابب يبقي انتربرونور فوالده يقدر يديله دفعة مالية جيدة؛
ولو راح لمستثمر ففرصة حصوله عالفلوس بتكون أفضل لإن المستثمر شايف مؤهلاته وكمان علاقات أبوه اللي ممكن تسهل المشروع دا مقابل لو حد تاني عمله بدون العلاقات دي.

ابن الطبقة المتوسطة هيعمل CV ويفضل يقدم في كل وظيفة ويحضر انترفيو لغاية ما تظبط معاه؛
ولو فكر يفتح مشروع خاص هيطلع عينه عشان يجيب الفلوس؛
ولو انتربرونور وراح لمستثمر فنقطة ففرصته أقل من لو نفس الفكرة قدمها ابن الطبقة العليا بسبب العلاقات والمهارات اللي عند الثاني (نفس الفكرة بوضح).

ابن الطبقة الفقيرة عادة هيكمل زي ما هو عامل؛
او يفضل يتنطط بين الشركات في وظائف براتب قليل نظرا لان المعروض منه يعني ناس بنفس المهارات بتاعته في السوق كثير فاصحاب العمل يدفعوا اقل راتب ممكن ولو مش عاجبك في غيرك كثير زيك. وطبعا هو ميعرفش يعني ايه انتربرونور وريادة اعمال ومشاريع تقنية وكده.

القصة دي سوبر مختصره؛
عاوزك كمان تحط تأثير عبارات التشجيع اللي ابن الطبقة العليا هيسمعها في حياته؛ عاوزك تخلي في ذهنك ان الطفل لو عنده فكره ومبدع شوية وقال مثلا يستكشف لعبة ويفككها عشان يتعرف عليها من جوا؛
ابن الطبقة الثرية عادي هنجيب غيرها؛
بس ابن الطبقة المتوسطة هيتضرب عشان بوظ لعبته؛
وابن الفقيرة معندوش اللعبة دي أصلا.

ضيف كمان ان المخدرات والتعاطي بينتشر اكثر في الطبقات الأقل وفئات الصنايعية والعمالة؛ اه ابناء الثرية لو تعاطوا بيكون اصناف خطيرة زي الهيروين؛ بس نسبة التعاطي عندهم أقل…
وحتي لو قرر ابن الثرية يبطل فعائلته هتدخله أفضل مستشفي في البلد؛ عكس الفقير مش هيقدر يخش مصلحة علاج الإدمان.

فبعد كده تلاقي قصص نجاح شخص تخرج من جامعة امريكية ولا درس بره؛ وتلاقيه بيحكي انه حفر في الصخر عشان يكبر…
قشطة يا ريس نجاحك ممتاز؛
بس للتذكير انتا بدأت بعذ تخرجك مشروعك عشان على مدار 20 سنة كان بيتم تدريبك وتطويرك وتعليمك…
فانتا فعليا مبدأتش من الصفر زي ما انتا متخيل…
انتا بدأت من درجة مرتفعه؛ وفي مهارات وامور كثير عندك مش متاحة في الطبيعي عند غيرك…
فمثلا لو ابن الطبقة المتوسطة عنده مشكلة في تصاريح حكومية مثلا فهيطلع عينة اسابيع؛
في حين نفس العقبة لو ابن الطبقة الثرية فهيكلم (عمو) اللي هو مدير الجهة تخلص له المشكلة.

ونكتفي بهذا؛ واظن كده اتفهم ليه بيقولوا الحياة غير عادلة؛
فالأهل والتعليم والظروف هيرسموا مستقبلك وتكون فاكر انك متحكم وهتقدر تغير الواقع.
صعب قوي لكن عندك فرصة 1% حاول فيها وتكون انتا الاستثناء

المصدر