التصنيفات
مقالات الضيوف

وتظن أنك ضللت الطريق

دع عنك تصنيف نفسك بسوء أو بخير، هو أعلم بمن اتقى.

تبحث عن قلبك فلا تجده.
تحاول استرجاع الماضي فلا يعود بمشاعره.
تنظر في أعمالك فتراها أسوأ.
تضع نفسك في خانة المُبعدين، وتظن أنك ضللت الطريق.
والحقيقة أن الطريق واحد، ولكن سير القلوب إليه عزيز.

ربما تحركْتَ في أول أمرك لنقاء قلبك ككل قلب لم تلوثه الحياة،
وربما نهضت عزيمتك بوثبة من وثبات أول الشباب،
ولكن كل هذا يمضي سريعا وتنكشف الحجٌب وتظهر الحقائق.

والحقيقة أن القلوب لا تشرق فيها الأنوار إلا بتمام الافتقار،
وكيف هذا والقلب تملؤه الحياة بكل زيف وتنحت فيه الدنيا زينتها وكل زخارفها.

الحقيقة أن سير القلوب لا يكون إلا في النهايات،
أما في البدايات حيث نحن،
فنسير إليه عُرجًا ومكاسير، نتحامل لتصح لنا الأعمال، ونتجلد لتستقيم لنا الفروض،
فإن صدقنا في الإقرار بضعفنا وفي الاعتراف بعجزنا، فهذا أول الافتقار!

فما نهض عابد ولا سجد ساجد إلا بقوته،
وما تاب تائب ولا تحول صاحب ذنب إلا بحوله، فبه القوة والحول،
ومن صدق في الافتقار صدق في الطلب،
ودع عنك تصنيف نفسك بسوء أو بخير، هو أعلم بمن اتقى.

المصدر