التصنيفات
مقالات الضيوف

هل فعلا سفر المرأة بدون مِحرِم حرام

الحاجة المشهورة بين عامة الناس ان حرام البنت تسافر لوحدها بدون مِحرم ان لم تكن متزوّجة .. وبالتالي لما بنت يجيلها فرصة سفر سواء دراسة أو عمل أو حتي سياحة بتلاقي بعض الأهل معترضين بحجة ان سفر البنت لوحدها حرام .. وتبقي تسافري مع جوزك وتتفسحي مع جوزك وهكذا ..وتضيع عليها فٌرصة يمكن كانت هتغيّر حياتها .. بس السؤال هنا .. هل فعلا سفر المرأة بدون مِحرِم حرام ؟
طيب خلينا نتفقوا ان مفيش نهي أو أمر مباشر بحرمانية سفر المرأة وحدها في القرآن .. والتحريم كان استناداً إلى حديث شريف في صحيح البُخاري بروايات متعددة..
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلاَّ وَمَعَهَا حُرْمَـةٌ .
وَفِي لَفْظِ للْبُخَارِيِّ : أن تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وليلة إلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ .والروايات كمان متعددة
لأنه جاء في بعضها : مسيرة يوم وليلة .
وفي بعضها : مَسِيرَة يَوْمٍ .
وفي بعضها : مسيرة ليلة .
وفي بعضها : لا تسافر المرأة يومين من الدهر .
وفي بعضها : سفرا فوق ثلاثة أيام .
وفي بعضها : مسيرة ثلاث ليال .
وفي بعضها : بريداً .
وسبب تعدد الروايات هو اختلاف السائلين فكل سائل بيسأل النبي عليه الصلاة والسلام حسب ظروف سفر زوجته .. وبالتالي رد النبي كان خاص لكل سؤال .. وده سبب عدم جواز سفر المرأة وحدها .. بس الغريب ان الفقهاء اجمعوا ان حتي لو كان سفر المرأة بدون محرم غير جائز، كُلهم أفتوا بصحة حج المرأة لو سافرت بدون زوج أو محرم واعتبارها عاصية بس حجّها صحيح ..

لكن الأصوب في الموضوع ده تحديداً والأقرب كمان للمنطق هو رأي الإمام الغزالي في عدم جواز سفر المرأة بدون مِحرِم أو زوج .. الغزالي بيقول ان في سببين للتحريم ..

أولهم : طبيعة المرأة من حيث انها اضعف جسمانياً وأقل تحمّل لمشقة السفر والترحال وحمل المُؤن وأوقات مواجهة الحيوانات البرية وكل المحن دي وقتها .. ويمكن سفرها يطول وتتعرض لتعب مفاجئ أو ما يصيب النساء ولا تجد من يعينها أو يساعدها .. وأرجعَ ان سبب التحريم هو الحماية ..

ثانيهم : هو ان وقتها الدولة الاسلامية كانت مُحاطة بالمكائد .. وان المُشركين كانوا بيتربّصوا لكل رحلات التجارة والحج والترحال اللي تخص المُسلمين وناس كتير كانت بتشتكي للنبي خطر السفر وتعرّض القوافل للسرقة والقتل والنساء للسبي والاغتصاب .. وده سبب التحريم التاني هو حفظ أعراض المُسلمين ..

وفي النهاية .. قال الغزالي لو زال سبب عدم جواز الفعل أصبح الفِعل نفسه مُباح .. يعني لو حالة المرأة الصحية تسمحلها بالسفر أو ان السفر نفسه مبقاش بالمشقة والصعوبة دي زال سبب التحريم الأول .. ولمّا أطول رحلات العالم مش هتزيد عن 36 ساعة بالطيارة يبقي الموضوع بقي يسير غير زمان .. ولو وجدت المرأة الصُحبة الآمنة وضمنت السفر في بلاد يحكمها قانون يمنع التعرّض للنساء ويحمي حقوقهن وضمنت السلامة في الرحلة والوصول بدون أذى زال سبب التحريم الثاني ..

وبالمناسبة ده كلام مش جديد .. لأن الإمام الغزالي استند علي مذهبي الإمام الشافعي ومالك وضيف عليهم رأي بن سيرين والأوزعي وسعيد بن جبير بعدم اشتراط المحرم بل اشتراط الأمان .. وقال الشافعية نصا ً أن اصطحاب المحرم أو حتي الصُحبة الآمنة مش شرط .. ويصح سفر المرأة ولو كانت في قافلة منفصلة لا يحرسها أحد لو توفّر الآمان .. وده نفس رأي المالكية ..

يعني مُجمل القول ان لم يعد سفر المرأة محرّم على مذهب الشافعية والمالكية .. لأن التحريم كان زمني
زيه زي يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارى
وزي ” فك رقبة ” يعني تحرير العبيد ككفارة .. كُلها أمور كانت مرتبطة بفترات زمنية مُعيّنة ..

** الناس لو دوّرت كويس في دينها وبحثت فيما يخصها هتكتشف العجب وأد ايه الدين يُناسب كل العصور مش خاص بما قبل ال 1400 سنة .. وبدل ما الناس تتهم الدين بالجمود والرجعية والتخلّف زور وظُلم .. يفهموا ويعرفوا ان الدين بيضمنلهم حقوقهم وهما اللي بيضيّعوها بأيديهم ..

https://www.facebook.com/OmarAlAskandarani/posts/10216966955947870