التصنيفات
مقالات الضيوف

مع كل ترند بيظهر، صاحبه أو صاحبته بيسعوا للتميز أو الشهرة أو جذب الانتباه

في جانب تاني للظاهرة دي عمره ما بياخد حقه من الكلام

مع كل ترند بيظهر، صاحبه أو صاحبته بيسعوا للتميز أو الشهرة أو جذب الانتباه، أو حتى بيتشهروا لظروف معينة مالهمش يد فيها زي إن واحد من الحضور يطلع تليفونه ويصور بدون إذن، بنسارع دايمًا للوم صاحب أو صاحبة الترند، ونسوّد المنشورات، ونطلق الأحكام والآراء، ونتحسر على حال المجتمع أو العكس، وبعدين نقعد نمصمص شفايفنا وإحنا بننعى الجهل والفراغ اللي بيصنع من الأغبياء والحمقى مشاهير، سواء كانوا هم أغبياء وحمقى فعلًا ولا لأ.

لكن في جانب تاني للظاهرة دي عمره ما بياخد حقه من الكلام، وهو حقيقة إن الناس دي، اللي بتشتكي وبتتحسر وبتقول آراءها وأحكامها، هي كمان مشاركة في كل ده، وعليها جزء مش قليل أبدًا من المسئولية، لأن لولا هوسهم الشديد بالحكم على الناس والمشاركة في الأحداث المشابهة ماكانتش الأحداث المشابهة سادت المشهد وتصدرت أصلًا.

في الواقع بقى، الحماس الهستيري للمشاركة وإبداء الرأي في كل وأي شيء مش بس بيديله قيمة أكبر من قيمته، كمان هو بيرسم صورة غير حقيقية عن المجتمع أيًا كان تعريفه أو كنهه، وبيشعر الناس إن الاستثناء هو القاعدة، لمجرد إنه صاخب وصوته عالي ومنتشر والجميع بيشارك فيه برأي أو شجب أو تأييد أو دعم، بينما الحقيقة الساطعة إن الأغلبية فعلًا غير مهتمة بمشاركة حياتها على منصات التواصل، سواء كانت حياتها مهمة ومليئة بالإنجازات والأحداث أو العكس، بل ممكن نقول إن الأغلبية مش مهتمة حتى بإنها تتفاعل بريأكت أو تعليق، المفاجأة اللي مش مفاجأة إن هي دي القاعدة الأصيلة في كل الأحداث دي واللي بنلاحظها يوميًا، وممكن تتأكد منها بالفرق الشاسع مثلًا بين عدد الريأكتس على أي بوست وعدد التعليقات، أو بين عدد أصدقائك مقابل عدد الناس اللي بتحتك بيهم فعليًا من خلال التعليقات والريأكتات والبوستات.

شيء عامل زي إنك تبقى مشجع كورة فتشوف رونالدو وزلاتان وبوجبا وبعدين تمصمص شفايفك وتقول فين أيام زمان لما كنا بنعرف أخبار اللعيبة من الجريدة الأسبوعية بدل ما إحنا قاعدين معاهم 24 ساعة على انستجرام وتويتر، في اللحظة دي إنت محتاج توقف وتسأل نفسك سؤالين مهمين؛

1- هل دول أقلية ولا أغلبية؟ استثناء ولا قاعدة؟ كام لاعب في الفريق اللي بتشجعه أو في دوريات أوروبا الكبيرة بيعمل كده؟ هل هم كتير فعلًا ولا ردود الأفعال عليهم هي اللي كتير؟

2- حتى لو هم أغلبية..هل إنت عايز تساهم في الواقع البائس اللي بتشتكي منه طول الوقت؟

الحل بسيط، بدون تنظير ولا تعالي ولا إدعاء..تجاهل..وتجاهل اللي مش قادر يتجاهل، وتجاهل الناس اللي بتدور ع الخـ** بالملقاط والعدسة وبتلف تجيبه من كل حتة عشان تحطه في وشك كل ما تفتح أي منصة من منصات التواصل، لأنه كل طالبي الانتباه والاهتمام واللي حولوا نفسهم لسلع ومستعدين يعملوا أي حاجة عشان يظهروا ماكانوش حيظهروا لو الناس تجاهلتهم.

فكر فعليًا كام واحد من أصدقائك بيشير صور لأكله وشربه وقهوته ومكتبه ولابس إيه وراح فين وعمل إيه كل دقيقة، إلى آخر الأمراض اللي ظهرت مع منصات التواصل وحب الظهور المبالغ فيه، أعتقد إنك حتلاقيهم أقلية فعلًا من بين كل اللي تعرفهم، رغم كده هو ده اللي بنتكلم فيه طول الوقت، إنه الناس بقت بلاستيك، وبقت ماشية بالكاميرات، وبقت مدعية ومتظاهرة، ومفيش شك إن النسبة دي بتزيد فعلًا، لكنها مازالت أقلية واستثناء مش قاعدة، اللي بيحسسنا إنها قاعدة إننا ما بنبطلش كلام عنها، حتى لو ما بنعملش كده ولا يعنينا إننا نعمل كده، بس طول الوقت بيعنينا إننا نبروز النماذج دي، عشان نحس إننا أحسن، ونتلذذ بنشوة التفوق الأخلاقي.

الجانب الآخر من كل ترند، والمهمل حقه تمامًا، هو الجمهور اللي بيبروز ويشهر ويدور على أغرب وأعجب -وفي كتير من الأحيان أتفه وأحقر- التصرفات لأنها بتديله إحساس بالطمأنينة، وإنه مهما عمل فمش حيكون وحش للدرجة دي.

انتقاد بعض التصرفات وإبداء الرأي فيها أكيد مهم، خاصة لما تكون حاجة بتمس ناس كتير، لكن ماعتقدش إنه ده اللي بيحصل، اللي بيحصل هو نشر لأسوأ النماذج عشان نقول إننا أحسن، وده نوع مختلف من جذب الانتباه في رأيي.

التعاطي مع أي حدث بالطريقة دي هو اللي أسس للقاعدة الشهيرة بتاعت All Publicity is Good Publicity..كل الدعاية هي دعاية جيدة في الآخر، لأنك حتى وإنت بتنتقد وبتشجب بتعرف كل اللي عندك إن في حاجة حصلت يمكن ماكانوش محتاجين يعرفوها.

مرة تانية، ماقصدش أبدًا إن الإنسان يعيش معزول في فقاعة ولا يبدي رأيه في أي شيء، اللي أقصده إن مفيش معنى إني أفضل أشير فيديوهات ومنشورات غبية طول الوقت، بلا قيمة ترفيهية حتى ولا بتضحك، كل ما فيها إنها غير مسبوقة وبتعلي على اللي قبلها في الانحطاط أو التفاهة أو البلاهة، ومحدش حيخسر حاجة لو ما شافهاش ولا حيكسب حاجة لو شافها، وبعدين أقعد أنتقد وأتحسر..نص سلامك النفسي والعقلي إنت ومن حولك في تجاهل كل ده، وده قرار إنت بتاخده وإنت واعي مش حاجة بتتولد بيها ولا بتورثها.

طول الوقت حيبقى في أغبياء وحمقى ومدعين وتافهين، وأحيان تانية حيبقى في مظلومين اتشهروا غصب عنهم لأن شخص ما قرر إنه يسلّعهم عشان هو غبي أو أحمق أو مدعي أو تافه، مخزون الكوكب من الناس دي عمره ما حيخلص، بس إنت تقدر تتحكم في نفسك، ولو مش قادر تتحكم في نفسك، فرجاءًا ما تنقلش صورة مزيفة إنه كل الناس كده عشان إنت كمان تحس بالتميز، لأنه أي نظرة عقلانية متجردة حتقولك إن أغلب الناس مش كده ولا حاجة.

المصدر