التصنيفات
مقالات الضيوف

كإن القدرة على تجربة شيء، تكاد تلغي الحاجة للتفكير المنطقي فيه

وإحنا صغيرين، شاع بينا إن واحد يقول للتاني: الشيخ الشعراوي بيقول “إلي كفه أد وشه هيدخل الجنة”، فالتاني يجرب يقيس كفه على وشه، وفي اللحظة دي يضربه الأول على كفه/وشه، كنوع من هزار الأطفال في عصر ما قبل الإنترنت. الغريب، والمثير للتأمل، إن الغالبية العظمى مبتفكرش لثانية في المقولة نفسها مهما كانت عبثية، وبتنط على طول للتجربة. مش فاكر فين قريت إنك لو قلت لحد فيه ٢٥٠ بليون نجم في مجرتنا هيصدقك، لكن لو شاورت على كرسي وقلتله متقعدش على الكرسي دا لإنه لسا مدهون، هيلمسه علشان يتأكد. شيء غريب. كإن القدرة على تجربة شيء، تكاد تلغي الحاجة للتفكير المنطقي فيه. التجريب أسهل من التفكير. المهم.. الواحد وهو صغير لما كان بيتلقى الضربة على كفه/وشه كان بيفوق بسرعة ويكتشف المقلب. الضربة دي مفيدة في تطوره الفكري وتنصيحه، وإدراكه إن العالم مخادع، وأخيرًا إن دخول الجنة مش سهل في الغالب، وغير مقصور على ناس ليهم مقاسات معينة. والأهم من كل دا، اكتشافه وجود صف طويل من النصابين المستعدين لاستغلال سذاجته ورغبته في التجريب، من أجل أن يسكعوه على وشه. مش عارف هل تسللت ليا قناعة العواجيز ولا لأ، إن عيال اليومين دول مش ناصحين، وفين أيامنا وإحنا صغيرين كنّا كلنا مهندسين طيارات وبنستكشف أعماق المحيطات في الأجازة، لكن الناس تحولت إلى صف طويل من الناس التي تتلقى الضربات، مرة بعد أخرى، وتخوض تجارب مطينة بطين، مرة بعد أخرى، دون تعلم أي شيء. وهو أمر مؤسف.

https://www.facebook.com/faried.omarah/posts/1633049050074579