التصنيفات
مقالات الضيوف

فك العلاقة الحتمية بين السبب ونتيجته

“سوابق الهمم لا تخرق أسوار القدر”

الإيمان بالقدر خيره وشره ركن أصيل من أركان الإيمان. والمؤمن يعلم يقينا أن ما جعله الله من الأسباب في الدنيا هي جنود في خدمة قدر الله، وهي طرق لا تؤدي إلا إلى ما كتبه الله.

ولقد تجاوزت “التنمية البشرية” لما عكست الصورة فصدرت للناس أنهم يصنعون أقدارهم، وأن الأقدار هي التي في خدمة الأسباب. فأفرزت تلك الثقافة آلهة يحملون أعباء تدبير أمورهم، يؤمنون بنتائج أسبابهم إيمانا شبه مطلق.. يأكل التوتر أفئدتهم ويعيي التفكير عقولهم.

والمؤمن بالله يسعى ويكتسب، وهو يعلم أن الأسباب جعلها الله، والنتائج يخلقها الله. وأن اكتسابه للأسباب وقوف منه عند حدود الأدب مع سنن الله في الكون. فالله جعل الشرب سببا للري، والطعام سببا للشبع ولو شاء لروى وأشبع دون ماء وطعام. ولو شاء لرزقه دون سعي، ولكنه هو الذي جعل السعي سببا للرزق في نظام ملكه، وهو الذي يجري الرزق على من يشاء بقدره.

فإذا انفكت تلك العلاقة الحتمية بين السبب ونتيجته، صار المؤمن لا يرى إلا فعل الله في الأكوان، وتمحض اكتسابه للأسباب عبادة لله بعد تفريغها من حتمية الإنتاج، وصار تعلقه بخالق النتائج تعلقا حقيقيا. فالمؤمن متوسل بالأسباب لخالق النتائج، والآخر متوسل بها لذات النتائج.

فإذا تخلفت النتائج عن المتوقع من مقدمات أسبابها، فالأول في راحة المؤدي لعبادته، الراضي بقسمته. والثاني يحترق قلبه بلظى نفس اعتقاده في أسبابه ولن يصيبه في سخطه إلا ما كتب له.

“سوابق الهمم لا تخرق أسوار القدر”

“أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك عنك لا تقم به لنفسك”

المصدر