التصنيفات
فكّر مقالات الضيوف

عن شعور المُثقفين الزائف بالإستحقاق

أخيراً فعلاً العالم ليس مدين لك بأي شئ يا معلم


أنا حقيقي سعيد بالصدمة الحضارية اللي بتحصل للمُثقفين والمُتعلمين بعد كل مرة بينتشر فيها قصص نجاح مادي أو شهرة لناس زي محمد رمضان وحسن شاكوش وحمو بيكا وعلي غزلان وغيرهم.

الصدمة اللي بتكشف عن شعور المُثقفين الزائف بالإستحقاق، إستحقاق للمال والشهرة والتقدير. أنا أكثر علماً وأذكى إذا أنا أستحق الأفضل، أنا من طبقة إجتماعية أعلى إذاً أنا أستحق الأفضل، أنا أكثر تديناً وأخلاقاً وأنا أكثر إجتهاداً إذاً أنا أستحق الأفضل لكن الواقع بيقول كلام مختلف خالص عن ده.

1) أول قفا بيعلمهولك الواقع أن العالم مكان غير مثالي وأي تشابه بين أيدلوجياتك الأفلاطونية والواقع فهي من محض الصدفة. متفرضش مقاييسك الشخصية كمقياس عام يجب تطبيقه على كل المواقف والأشخاص بالذات في خصائص نسبية بطبيعتها زي النجاح والشهرة والتقدير وتحقيق الذات. إيه مقياس النجاح وهل هو مقياس عام ولا خاص على حسب التجربة والScope؟ يعني لو الناس دي كسبت كام تبقى أنت راضي ومُقتنع؟

مُغني مقياس نجاحه هو أنه يحضرله 100 ألف شخص من الجمهور في حفلة، أنفلونسر مقياس نجاحه أن البوست بتاعه يجيب مليون مشاهدة، طالب مقياس نجاحه أنه يجيب تقدير، باحث أو عالم مقياس نجاحه أنه ينشر ورقة بحثية أو أن يحضرله 25 باحث في محاضرة أو أن عالم أكبر منه يُثني عليه.

بستغرب النوعية الساذجة من البوستات اللي بتندب على الزمن اللي لعيبة الكورة والفنانين فيه أشهر من العلماء وينزل صورة عالم ويقولك إشهروا الناس دي. أيوة يشهرهم ليه؟ لو متوقع أن المفروض لما الباحث أو العالم يدخل على مسرح قدام الجمهور فيلاقي نفس التقدير والتشجيع فده فرضية ساذجة منك وغير مطلوبة. كأنك بتقيس الوزن بالمسطرة أو المسافة بالميزان. ولا ده الMetrics ولا ده الهدف ولا ده الScope بتاع الناس دي، فأنت ليه بتيجي عند إيد القرد وتشم؟

لو بتقيم وتقدر نفسك بناءاً على مقاييس أشخاص غيرك يبقى محتاج تراجع رؤيتك لنفسك ولأهدافك الشخصية. أنا مش شايف أن تقدير الناس اللي ليها قيمة حقيقية وتأثير طويل الأجل بتتأثر على الإطلاق بشهرة ناس تانية في عالم الفن أو الموسيقى أو الرياضة، فيه فرق كبير بين حاجة كبيرة أنت بتبصلها بتطلع وفخر والحاجات الNice to have اللي بتتبسط بيها دلوقتي وبكرة تنساها.

2) تقييمك لسهولة وصعوبة شغلانة الناس دي Irrelevant، الشغلة سهلة وبتنور؟ شايف أن أي حد ممكن يعمل ده؟ بيكسب 100 ألف جنيه في الثانية؟ جاب عربية بالشئ الفلاني في أقل من سنة؟ روح إعمل زيه، لو عرفت فربنا يباركلك ولو فشلت يبقى تتعلم متقولش على حاجة صعبة أو سهلة غير لما تمشي في الطريق ناحيتها.

محدش عنده أي فكرة أي حد من الناس دي مشي في سكة شكلها إيه عشان يوصل لده، ومحدش عنده فكره إيه الإختيارات اللي كانت قدامه عشان يختار منها وأخيراً محدش عارف رضا الناس دي عن نفسها ولا عارف مستقبل الناس دي إيه. فأنت حرفياً مش عارف التاريخ اللي قبله ولا المستقبل اللي بعده بس أنت قررت أنك تنظر عن الحاضر بتاعه. في حين أن لو ألف واحد من الناس الغلبانة دي حاول ينجح ويكسب بطرق من وجهة نظرك مشروعة وحلوة وبسمسم بس إتظلم وإتداس ووقف ولا كنت هتسمع عنه وغالباً مكنش هيبقى عندك نفس كمية الغضب دي ناحية الظلم اللي إتعرضله. الناس عندها مشكلة مع إنحدار الذوق العام أكتر ما عندها مشاكل مع الجوع، الناس دي مجاعتش قبل كدة.

3) غضبك من Deal أنت مش طرف فيه برضه Irrelevant، شركة دفعت فلوس لشخص عشان يعملهم حاجة مع جمهور فبيحقق أرباح معينة لنفسه وللشركة. الشركة مبسوطة، والشخص ده مبسوط، والجمهور بتاعه مبسوط وEveryone is Happy ماعدا أنت يا Irrelevant. ولا أنت الشركة ولا أنت الشخص ولا أنت الجمهور ولا دفعت ولا إتدفعلك ولا حد قالك حتى صباح الخير.

الإستماتة في الدفاع عن الذوق العام دي بتفكرني بقضايا “الِحسبة” اللي كانت بتتعمل زمان اللي هو شخص مش طرف في الموضع يقوم رافع قضية على واحد مثلاً عشان بيشوه صورة مصر، أي كلام في البتنجان يعني.

أخيراً أنت بتشارك في صناعة التجربة دي، بتشارك بتشجيعها أو السخرية منها أو شتمها، أنت بترقص على أغاني الناس دي، الناس المُتعلمة والمثقفة ومن ذوات الطبقات الإجتماعية المرتفعة مش بيسمعوا فرانك سيناترا في الأفراح بتاعتهم في الفنادق ال5 نجوم. إحنا كلنا جزء من التجربة دي. مش عايز تبقى جزء منها، قاطعها شكلاً ومضموناً وريح بالك. وأخيراً فعلاً العالم ليس مدين لك بأي شئ يا معلم.

https://www.facebook.com/eldwairyfady/posts/3209318195747454