التصنيفات
المدونة

الوقوع في مصيدة التسليع

مبادىء عالم التجارة الموجودة في عالم العلاقات الإنسانية

أعتقد أنّه ولو لمرّة واحدة في العمر، يجب على كلّ شابّ وفتاة تجربة عملية بيع منتجات للناس

أو على الأقل عرض تلك المنتجات للبيع في السوق

سواء نجحت عملية البيع أم لا

هذه التجربة التي قد تبدو عادية للوهلة الأولى، ستعلّمك أشياء كثيرة ومفيدة عن الناس وعن الحياة وعن الأشياء..

أوّل هذه الدروس ربّما، هو أنّ معظم الناس لا يجهلون قيمة الأشياء فحسب، بل ويميلون أيضاً إلى التقليل من قيمتها ما استطاعوا.. وأنّ جهل القيمة هذا والتقليل منها هو أمر طبيعي، نتيجة لجهلهم بالسلعة نفسها

لكن كلّ ذلك التقييم الخاطىء الذي يحدث في السوق لا يعني أبداً أنّ السلعة قليلة القيمة

التقييم بطبيعته شيء فردي نابع من منظور الإنسان وفهمه.. والتقييم الحقيقي الذي يطابق القيمة نادر فعلاً .. ويتطلّب من الإنسان معرفة عميقة وفهماً واسعاً..

الدرس الثاني هنا، هو أنّ الأمل عند البائع المبتدىء هو شيء سهل البناء سهل الكسر

إذ ما أسرع أن تبنى آمال ذلك البائع وما أسهل أن تنكسر

لكن بمرور الوقت، يتعلّم أن يكون أمله شيئاً عزيزاً لديه.. فلا يبدأ ببنائه عند ظهور أوّل بادرة اهتمام.. وبالنتيجة، تنضج التوقعات وتقلّ الخيبات وتزهر الواقعية..

لكن أهمّ تلك الدروس ربّما، هو أنّ الاهتمام شيء والشراء شيء آخر

الاهتمام من قبل المشتري سهل ولذيذ ومجّاني وعابر.. ويمنحه “أي المشتري المحتمل” اهتمام البائع الفوري ومحطّ آماله

لكنّ الشراء هو الصعب.. هو المكلف وهو الحقيقي.. عملية دفع مقابل حقيقي للسلعة التي بين يديك، ليست عملية سهلة أبداً

وهو خيار جدّي ونتائجه حقيقية.. لذلك فهو ليس خيار اللاهين واللاعبين والعابرين، بل خيار ذلك الشخص الذي يرغب فعلاً في السلعة.. ومستعدّ حقّاً لدفع ثمنها والاحتفاء والاحتفاظ بها.

دعوا أولادكم يقومون بدخول تجربة البيع هذه

حتّى لو كانوا سيبيعون شيئاً مستعملاً لديكم.. فهذا ما من شأنه أن يعلّمهم كل هذه الدروس وغيرها.. ويفيدهم كثيراً في المستقبل

لأنه -وبدون الوقوع في مصيدة التسليع- فإن المبادىء التي تنطبق في عالم التجارة، هي ذاتها الموجودة في عالم العلاقات الإنسانية..

المصدر