التصنيفات
افيون الشعوب

الاغتصاب الزوجي

هل يمكن أن يعترف الإسلام ب “الاغتصاب الزوجي”؟

هل يمكن أن يعترف الإسلام ب “الاغتصاب الزوجي”؟
قبل أن أجاوب سأبدأ ببعض مما مررت به في عملي السابق..
( بعض القصص قد تكون جارحة للبعض).

كانت فتاة في الثالثة والعشرين من عمرها، محجبة، من أصل صعيدي.. جاءت تبكي وهي تطلب مساعدتنا للهروب من زوجها..
طالبة الطلاق للضرر، وحين سألنا عن السبب،
خلعت غطاء رأسها لتريني أماكن حلق شعرها وأماكن إطفاء السجائر في جسدها.. وآثار تقييدها في السرير.. وقد رأيتهم بأم عيني.. وقالت لي “سارة” وهو ليس اسمها الحقيقي.
أن زوجها لا يمكنه السيطرة على شهوته، وأنه لا يكترث لمحرمات أو لحدود، فيطلب منها ممارسة العلاقة في نهار رمضان وحين ترفض يجبرها ويقيدها ويضربها ويعذبها كما أرتني..كما أنه يجبرها على ممارسة العلاقة من الخلف رغم أنها أتت له بفتاوى من شيوخ أنه حرام ولكنه لا يكترث.
السؤال لمن يقرأ، هل يُعد ذلك اغتصابا؟ أم ممارسة زوج لحقه الشرعي؟

الحكاية الثانية: امرأة توفى أبيها، وليلة وفاته طلبها الزوج في الفراش لأنه يخشى أن يرتكب إثما لو لم تطاوعه، رفضت وذُهلت من طلبه، ولكنه لم يحترم حالتها النفسية وحزنها وأجبرها على المعاشرة وهي تبكي.. عزيزي القارئ.. هل ترى ذلك اغتصابا أم حق شرعي؟

الحكاية الأخيرة لزوجة يتيمة اسمها نجوى.. كانت تعيش في ملجأ طوال حياتها وتزوجت هربا من حياتها السابقة وبحثا عن مصدر أمان وحب.. ولكن للأسف حين جاءتنا كانت تشكو قسوة زوجها واعتياده الضرب والسب لأنه عصبي المزاج، حتى أن أصبح في جسدها كدمات مستمرة لا تجد الوقت لتُشفى، ورغم ضربها، لم يكن يتوانى عن إجبارها على ممارسة العلاقة متجاهلا ألمها النفسي قبل الجسدي، وحين طلبت مساعدة إدارة الملجأ الدي تخرجت فيه، كان الرد أنها تأثم إن أنكرت عليه حقه في الفراش..
السؤال لمن يقرأ: هل ترى أن ما فعله اغتصابا؟
أم ممارسة لحقه الشرعي؟

أجاوب أنا مكانك وأقولك، نعم، كل هذه الحكايات تتضمن التعريف العملي الدقيق لجريمة الاغتصاب.
والجريمة هنا إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون دينية أو قانونية.
الاغتصاب الزوجي ليس مشهد في مسلسل بسيناريو واحد.. دي حياة آلاف الستات في خطر جوه بيوتها!
يبتم تهديدهن وترويعهن وتعذيبهن من من هم منوط بهم الحماية!

فلذلك نعود للسؤال الأهم:
هل يمكن أن يعترف الإسلام ب “الاغتصاب الزوجي”؟
-الإجابة الدينية “لا أعرف إن كان يعترف به لفظا”
-أما الإجابة المنطقية ف “بالضرورة يعترف بكراهة وشناعة وجُرم الفعل”

ابدأ الحديث بأنه لا يهم المسمى، فما سماه العلم اغتصاب زوجي حديثا (من عدة عقود) ليس له لفظ مواز متطابق في الإسلام، ولكن بالاستدلال المنطقي ومن شواهد الدين،
سأثبت أن هناك ما يسمى بالاغتصاب الزوجي وأن الإسلام بديهيا ينهى عنه، أما عقابه فهذا أمر متروك للشيوخ للفتوى به.

١- نعود للبديهيات؟ يعني إيه اغتصاب؟
الاغتصاب هو ممارسة العملية الجنسية كاملة بالإيلاج بغير موافقة الطرف الآخر. (يعني شق الاغتصاب مرتبط بالإكراه، وليس باتمام الممارسة.. )
الممارسة في إطار شرعي وبموافقة الطرفين: علاقة طبيعية حلال. الممارسة في إطار غير شرعي بموافقة الطرفين: علاقة طبيعية محرمة.
الممارسة في إطار شرعي أو غير شرعي بغير موافقة أحد الأطراف: اغتصاب.
الممارسة المحرمة من الخلف في إطار شرعي بغير موافقة أحد الطرفين: اغتصاب.

٢- طيب وفين حق الزوج في طاعة زوجته؟
أقول ببساطة أن هناك خلط ثقافي ما بين مفهوم “الطاعة” و “الإكراه” والفرق بينهم كبير جدا.. إحنا مثلا مأمورين نطيع ربنا.. طاعة قايمة على اختيارنا له كإله وإيماننا بعقيدته وامتثال لأوامره.. طاعة قايمة على اختيار..طاعة قايمة على قرار.. لي كمخلوق حق الطاعة، ولي حق العصيان بردو.
لأن لي حق الاختيار، وربنا فرق بين الطاعة والإكراه مثلا حين قال
“فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ”
لو الطاعة هي هي الإكراه، مكنش ربنا فرق بين اللفظين كمتضادين في نفس الآية..فلما تتكلم عن حقك على مراتك.. فحقك إنها نختار أن تلبي رغبتك، بحب وبمودة ورحمة وهما مقاصد الزواج الأساسية.. لو أجبرتها أو أكرهتها فده مش طاعة خالص، دي سيطرة وتجبر..
ومفيش آية في الدين واتحدى من يأتي بها أن يُسمح أو يُحلل للرجل أن يُكره زوجته على تلبية رغبته في الفراش.
فأمر الطاعة موجه للزوجة.. الزوج فيه متلقي وليس فاعل أو مُكره.

٣- طيب وماذا عن حديث: إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فأبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ.”
هنفترض أن حضرتك طلبت حقك، وزوجتك ليس لديها عذر مقبول (جسدي أو نفسي) وكانت متجبرة قاسية كارهة، دون سبب، بتحكم، بعنجهية..
هل هي آثمة؟
-طبعا.
هل مسموح لحضرتك تجبرها؟
-لا. أكيد.
هل لو الوضع استمر هيكون في ظلم واقع عليك؟
-طبعا ولك مسالك شرعية من تحكيم أهلها وأهلك ولو الوضع استمر لك أن تتركها وتطلقها، لأن المشكلة هنا ليست في الفراش ولكن في العلاقة بينكما.. فحين ترفض المرأة زوجها باستمرار، لابد أن هناك سبب ولن يحل أو يختفي بالإجبار.
وقياسا، لو حضرتك قصرت في نفس الحق، مش هيحصل أن زوجتك تجبرك على ممارسة العلاقة عكس رغبتك.
فهنا الفيصل ليس وجود الشهوة عند طرف دون الآخر ولكن وجود القوة عند طرف دون الآخر.

٤- طيب لماذا يجب أن يعترف الإسلام بجريمة الاغتصاب الزوجي منطقا؟ الإجابة لأن نفس الدين هو الذي وضع قواعد الفراش بين الزوجين..
في القرآن طلب من الرجال أن “يقدموا لأنفسهم”
والرسول عليه الصلاة والسلام قال:
لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول،
قيل: وما الرسول يا رسول الله؟
قال: القبلة والكلام.
طيب هل منطقي أن الدين الذي نهى الرجل عن معاشرة زوجته دون مداعبة وملاطفة، يسمح بالإجبار والتعذيب؟
ويرى فيه ممارسة لحقه الشرعي؟

النقطة الأخيرة هي أن الدين يستحيل أن يحوي نصوص متعارضة مع مقاصده العامة.. أو الخاصة.
والمقاصد العامة في الدين هي تأصيل الخير وإعمار الأرض والاستخلاف الحسن واحترام الإنسانية وتكريم الإنسان… إلخ..
ومقاصد الزواج الخاصة هي توطيد أواصر الأسرة وتربية نشء سليم جسديا وعقليا وفكريا.. ودستور العلاقة الزوجية هي “المودة والرحمة”.. فهل في إجبار الزوجة على ممارسة العلاقة بالقوة أمارة من أمارات المودة أو الرحمة؟
هل في إيذاءها بدنيا ونفسيا استضعافها مودة أو رحمة؟
هل يتماشى ذلك مع حديث الذي يدعو للرفق بالقوارير!
هل يمكن الحفاظ على قارورة بكسرها؟
هل في تعذيب الآخر سينفذ الرجال حديث فاستوصوا بالنساء خيرا!مستحيل!
تخيل أن ينزل بعض الشيوخ بهذا الدين القيم الإنساني الذي يدعو للرحمة، لمستوى أن الرجل يدفع والمرأة تخدم في السرير!
والله أن الله لا يرضى أن تُدنس أسمى علاقة لمستوى التجارة الركيكة فتفرغها من كل قيمها الإنسانية الرائعة..
ولكن لابد أن نعي أن ليس كل ما يقوله الدين، من الدين..
فنصوص الدين لا تفهم ولا تُنفذ فرادى،
فحين يقول شيخ أن ممارسة العلاقة حق أصيل للرجل..
فأين حق المرأة في المعاملة الحسنة والرفق؟
وهل يفتي الشيوخ للرعية التي لها حق أصيل في ثروة بلدها أن تأخذه بالقوة لو مُنعت عنهم؟
وهل للمرأة أن تسرق مال زوجها أو تأخذه بالقوة تحت تهديد السلاح إن قصر في حقها الأصيل في الإنفاق؟

الخلاصة،
ليس هناك نص صريح يذكر الاغتصاب أو ينهى عنه، صحيح.
لكن هذه مسئولية الشيوخ للخروج بفتاوى عادلة بالقياس والمنطق وهذا عملهم ومسئوليتهم.
ولذلك فالنقاش مفتوح لأهل الدين أن يفندوا ما ذكرت ويثبتوا أن الدين يسمح بذلك؟

والسؤال المباشر هو:
هل يمكن أن يوافق الدين على إيذاء الآخر وإيقاع الضرر به وقد ثبت علميا الآثار النفسية الخطيرة التي تتحملها ضحية الاغتصاب؟
منطقا! لا!
إنسانيا! لا!
أخلاقيا، مستحيل..
طيب ماذا يحدث نفسيا وجسديا للزوجة المغتصبة من زوجها؟
يُتبع إن شاء الله.
#الاغتصاب_الزوجي

المصدر

التعليقات:

متي يحق للزوجه الامتناع عن زوجها في العلاقة الخاصة؟!
اذا كان لديها مانع جسدي (صحي، حيض ..الخ) او نفسي
وضع تحت نفسي ١٠٠ خط
و قد أفتي العلماء ان الزوج اذا أصر زوجته نفسيا (اهانها ..ضربها ..الخ) ثم طلبها للفراش فامتنعت .. فذلك من حقها
وتقدر حضرتك ترجع لدار الافتاء بسهوله في ذلك
فلما يبقي من حقها تمتنع اذا الزوج جرحها او اذاها جسديا و نفسيا؟!يبقي من حقه يأذيها و يجبرها اذا امتنعت؟!!!!!!

بكل بساطه حديث ان الزوج اذا دعا زوجته فامتنعت فبات غاضبا عليها لعنتها الملائكه ده لوحده اثبات انه مش من حقه يجبرها
حايبات غضبان .. وهي حاتنال عقابها من الله لانها اذته
لم يرد في الحديث انه اذا حدث هذا فليجبرها … او ليأخذ حقه بالقوة
الموضوع و القواعد كلها قائمه علي منع الضرر عن الطرفين .. و اعتبار ان يضر طرف بالاخر اثم
يبقي ازاي حايكون مسموح شرعا انه الزوج يجبر الزوجه علي المعاشرة تحت اي مسمي؟!


تعليقي الأخير بعد مراجعة بعض التعليقات.
الحكايات الشاذة لم أستخدمها للتعميم على المجتمع ولكن استخدمتها خصيصا لإثبات وجود الاغتصاب من الأزواج في إطار شرعي،
كون الزوج متدين أو لا، سبب امتناع الزوجة مش الموضوع.

المناقشة الأصلية هل هناك ما يُسمى بالاغتصاب الزوجي؟
نعم.
هل هناك إحصائية بتقول مدى انتشار الظاهرة:
لا نعلم ولن نعلم ولا يهم العدد..
شخص واحد يؤذى كفيل أن نتحدث عن أذاه.

شناعة الجريمة ليس في كثرتها ولكن فظاعة تأثيرها وأذاها والأدهى تبرير بعض أفراد المجتمع لها.

هل يمكن أن يعترف الإسلام بالاستدلال المنطقي بالاغتصاب ابزوجي، هذا ما حاولت مناقشته..
هل يسمى الزوج المكرِه لزوجته على المعاشرة مغتصب:
نعم مغتصب لجسدها وحرمتها ولو كانت زوجته.

هل يبيح له الإسلام ذلك!
أبدا.
هل نناقش القضية من ناحية قانونية وعقابية:
لا، ما يهم هو الاستهجان الثقافي والاعتراف بشناعة الفعل.

الثقافة في نظري أهم من القانون وأقوى.

وأخيرا.. هل ده رد على شيخ معين؟
لا على شيوخ ورجال وستات كتير شايفة أن للرجل حق في جسد امرأته دون رضاها طالما ينفق.
شكرا