التصنيفات
مقالات الضيوف

– أنتم بتقدسوا البخاري؟

– أنتم بتقدسوا البخاري؟
– لأ مش بنقدّسه

– طب ليه بتزعلوا لما بنشتمه ونتبرأ منه؟
– لأننا بنحترمه، وبنحترم كتابه

– بتحترموه ليه؟
– لأنه قام بمجهود علمي عظيم في تحقيق المرويات عن النبي عليه الصلاة والسلام بمنهج محدد، اشترط فيه إنه يتأكد من مقابلة كل رواي للي روى عنه، ويتحقق من صفات الرواي، وتاريخ حياته، ولف العالم القديم كله علشان يتأكد من مصادره، وعانى الاضطهاد والفقر في حياته علشان يخدم سنة الرسول. فاحنا بنحترم الشخص، وبنحترم مجهوده

– يعني أنتم مش بتنقدوه؟
– تعالى معايا المكتبة دلوقتي وأنا أطلع لك عشرين تلاتين ألف صفحة كتبها علماء طول أطوار التاريخ لنقد صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرها من كتب الحديث. إحنا نقدناه كويس جدا جدا ولم نحترم مجهوده إلا بعد نقد ودراسة.

– يعني كل الأحاديث اللي فيه قطعية الثبوت؟
– لأ طبعا. أغلب الأحاديث اللي في البخاري ظنية الثبوت. الكلام ده كل علماء المسلمين عارفينه.

– شفت.. أديك اعترفت أهو؟
– اعترفت بإيه يا صديقي. بقول لك ده أمر مستقر يعرفه كل من له أدنى اتصال بعلوم الحديث.

– يبقى مش لازم نعمل باللي فيه طالما هو ظنّي.. مش كدة؟
– لأ. الظن بيُعمل بيه لو فيه مقابلة الوهم، ولا يُعمل بيه في مقابلة القطع. يعني لو عندي دليل ظني ومافيش قدامه معارض بعمل بيه، ولو دليل ظني يعارضه دليل قطعي بشوف: لو قدرت أفهم كل واحد فيهم على وجه يصححه يبقى كويس، ماقدرتش يبقى أترك الظني وأعمل بالقطعي.

– يعني لو البخاري عارض القرآن هتعمل إيه؟
– لو قدرت أفهم الحديث بشكل لا يتعارض مع القرآن يبقى تمام، ماقدرتش يبقى هعمل بالقطعي.

– طب أنت عارف إن البخاري بيقول إنه اختار أحاديثه من 600 ألف حديث.. وده أصلا لا يعقل؟
– يا صديقي.. 600 ألف حديث مش مقصود بيهم اللي أنت فاهمه. هما كانوا بيعتبروا كل سند لكل حديث اسمه حديث مستقل. يعني لو فيه سبعين صحابي رووا حديث معين، بيعدوه على إنه سبعين حديث لأن كل سند بيعتبروه حديث. فلو البخاري قال: حدثني فلان وفلان وفلان بكذا.. دول اسمهم 3 أحاديث مش حديث واحد.
ولو البخاري بحث في سند (حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر) ولقاه سند صحيح يبقى كده هو حكم على كل الأحاديث اللي بالسند ده بالصحة.

– طب أنت عارف إن البخاري بيقول إن الميت هيتعذب ببكاء أهله عليه.. مع إن القرآن بيقول (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)
– البخاري مش بيقول .. البخاري بينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وبعدين العلماء بيفهموا الحديث ده في إطار القاعدة المستقرة (لا تزر وازرة وزر أخرى). فبيقولوا إنه المقصود بالحديث أن الميت قد يعذّب ببكاء أهله عليه إذا كان أوصاهم بالبكاء عليه واللطم والعويل وما شابه. وفيه أفهام أخرى للحديث.

– طب أنت عارف إن البخاري بيقول إن النبي كان عايز ينتحر؟
– ده كذب وتدليس أو جهل وسطحية. لأن الحديث ده البخاري نقله علشان ينفي واقعة الانتحار. لأنه نقل الحديث وجه على الحتة دي ونقل عن الراوي (وهو الزهري) قوله: (كما بلغنا) والبلاغات دي مصطلح حديثي معناه حديث مالوش سند. فالحقيقة البخاري بينفي واقعة الانتحار مش بيثبتها. قال الحافظ ابن حجر شارح البخاري: ( وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا)

– طب إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تدوين الحديث.. ييجي البخاري يدوّنه؟
– النبي نهى في أول أمر الإسلام عن تدوين الحديث لأن العرب كانت حديثة عهد بالقرآن ولم تتعرف على أسلوبه الجديد عليها تماما، فأراد صرف همتهم لحفظ القرآن وتدوينه. وبعد استقرار تدوين القرآن وإلف العرب لأسلوبه وحفظهم له أمر النبي بتدوين الحديث في أحاديث كتيرة قوي. (اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق)، (اكتبوا لأبي شاه)، (استعن على حفظك بيمينك). وصحابة وتابعين كتير قوي كان ليهم صحف لتدوين الحديث في حياة النبي وبعد وفاته مباشرة زي: عبد الله بن عمر بن العاص، علي بن أبي طالب، أبو بكر الصديق، أنس بن مالك، سعد بن عبادة، أبو هريرة، أبو رافع، سمرة بن جندب. وفيه كتاب (مطبوع) اتكتب في صدر الإسلام اسمه (صحيفة همام بن منبه)

– طب أنت عارف إن البخاري بيقول إن النبي اتسحر؟
– نعم. وسحره لم يؤثر على عقله وإنما على بدنه. وفهمنا من مجموع الروايات أن التأثير كان في جماع زوجاته. وقولهم (كان يخيل إليه أن يفعل الشيء ثم لا يفعله) أي: كان يظن أنه يقدر على الجماع كعادته ثم لا يستطيع.

– وهل سيدنا أبو بكر شتم واحد شتيمة وحشة؟
– نعم. شتم رجلا من الكفار كان يعبث بلحية النبي ويسيء إليه فقال له سيدنا أبو بكر: (امصص بظر اللات). وشتيمته في هذا المقام محمودة.

-طب أنت عارف إن فيه حديث في البخاري اسمه (حديث الغرانيق) بيقول إن النبي كان بيعظّم الأصنام؟
– الحديث مش في البخاري ولا مسلم ولا أي كتاب صحيح. ده حديث موضوع. دوّر كويس قبل ما تتكلم.

– طب ليه وجع القلب ده.. ما نمشي ورا القرآن بس ونسيبنا من الحديث كله؟
– تمام.. يلا نمشي ورا القرآن في قوله تعالى: (يـا أيـها الذين آمـنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم)، وقوله تعال: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً)، وقوله: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب)، وقوله: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا)، وقوله: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً)، وقوله: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)

– طب أنا أعرف إزاي مناهج فهم الحديث والتعامل معاه؟
– فيه علم للبحث في تاريخ الرواة وحياتهم اسمه (علم الرجال)، وفيه علم للحكم عليهم اسمه (علم الجرح والتعديل)، وفيه علم للبحث في درجات قوة الحديث وضعفه وطريقة نقد سند الحديث ومتنه اسمه علم (مصطلح الحديث)، وعلشان تستنبط منه أحكام فيه علم اسمه علم (أصول الفقه)، وعلشان تفهم ألفاظه فيه علوم اللغة العربية المختلفة ومن ضمنها بحث مخصوص اسمه (غريب الحديث)،

يا ريت تاخد فكرة عن العلوم وتقرأ فيها دي من باب الاطّلاع على الشيء قبل قبوله أو رفضه.

(الصورة المرفقة تبيّن رحلة البخاري في جمع الحديث، وقد طاف أرجاء العالم في وقته كما هو ظاهر)

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10152642441089629&set=a.148515044628.110416.512854628&type=3&theater