التصنيفات
مقالات الضيوف

أبرز أسباب فشل علاقات الجيل الحالي

حيث الاختيارات المفتوحة والمقارنات الشرهة، والمنافسات التي لا تأخد استراحة!

من أبرز أسباب فشل علاقات الجيل الحالي،
أننا نحاكمه بمعايير الجيل السابق!
رغم اختلاف الظروف والنفسيات والمتطلبات!

كيف تقارن بين زواج “الروقان” حيث لم يكن للأسرة منافذ على الحياة الخارجية إلا من
جهاز تليفزيون وحيد بقنوات محدودة وبرامج تخضع لرقابة مشددة،
وجهاز راديو يحوي برامج منفرة أكثر من جاذبة،
وجرائد إما قومية وإما صفراء (والتي كانت تعد أحد منافذ المنحرفين!)تخضع محتوياتها للرقابة أيضا!
وقتما كانت الطريقة الوحيدة لمشاهدة فيلم “ثقافي” من خلال جهاز الفيديو، وبشراء شريط للفيديو يجبر فيه البائع على التعامل مع شخص ودفع مال، ثم ينتظر سفر الأسرة أو نومها لينعم صاحب النوايا الرذيلية ببضع دقائق مسروقة من التلصص على العالم الآخر ؟
وقتما كانت تجبره الحياة بوتيرتها الرقابية بطبيعتها على الانضباط؟
وقتما كان للعمل ساعات آدمية، وكانت أعداد السكان محتملة ولم يكن الطريق من وإلى العمل روتين إهانة يومي يلتزم به العامل ليقبض ما يضمن دورانه في ساقية الاستعباد المعيشي!
فكان الموظف رجل أو امرأة يستطيع العودة لمنزله في الثانية ظهرا!
وقتما كان كل شيء رخيص ومعظمه مدعم..
وكانت المدارس الدولية عملة نادرة والطبقة الوسطى وهي عامود المجتمع ترسل أبناءها إلى المدارس الخاصة والتجريبية ذات المصروفات الطبيعية دون شعور بالذنب!
حين كانت الجامعات الحكومية وجهة المحترمين وكانت الجامعات الخاصة عنوانا للفشل الدراسي والتدليل!
فكان الشخص يحصل على تعليم جيد بمجهوده لا بماله؟
حين كانت العلاقات مقتصرة على محيط الأسرة والأصدقاء وقليل من الزملاء؟
والانفتاح مقتصر على تجارب السفر المحدودة لبعض أفراد الأسرة؟
وقتما كان لكل مواطن شقة من الدولة،
والإنتاج القومي هو السلعة الرسمية دون غزو الماركات العالمية ذات الأسعار الخرافية!
حين لم يكن هناك تكنولوجيا ولا قوائم عالمية للأغنياء وحتى الفنانين المشاهير كانت أجورهم زهيدة ومعظمهم يموت فقير لأنه كان يعمل من أجل الفن!

كيف تقارن زواج جيل يحيا في هذه الحياة الداعمة رغم تحدياتها بزواج اليوم، حيث الاختيارات المفتوحة والمقارنات الشرهة، والمنافسات التي لا تأخد استراحة!
حيث حالة وعي نفسي تؤدي بصاحبها إلى الهلع أكثر من الحكمة؟
وحالة انفتاح يدرك بها الشخص ما يفوته أكثر مما ينجزه؟
زواج اليوم حيث الفن الهابط الذي يضع السباب في إعلانه ويتباهى بالأدباء الإباحيين كمنارة للحرية والتقدم!
حيث الانفتاح على أي شيء وكل شيء طوال الوقت دون هدنة،
دون رقابة، دون حدود!
فالخيانة تبعد بزر واحد!
والإباحية مجانية وفي متناول اليد على جهاز خاص لا يراه أحد!
والبشر وضعوا أنفسهم وحيواتهم في قوائم مفتوحة للعلن!
حيث أصبح الجميع سلعة ومتاح للتواصل وجمع المعجبين؟
زواج اليوم حيث يكسب الطفل الذي يلعب فقط ويصور نفسه أموالا طائلة ويغرق العامل المطحون في ديونه؟
حياة اليوم حيث المتطلبات المستحدثة باستمرار والتي رغم تفاهتها تشعرك أنك دون شرائها شديد الدونية؟
كال playstation واشتراك النادي الرياضي والأجهزة التكنولوجية اللانهائية والتليفزيون الناطق والتليفون الذكي والصبارة الراقصة والساعة الصديقة وأجهزة التفاحة الشهيرة والخواتم الألماظية اللامعة!
حيث اقتصاد الأنا وليس الجودة!
حيث شراء المستوى الاجتماعي وليس السلعة.
زواج يلهث فيه الزوجان في سباق استهلاكي نفسي لا يتوقف!
زواج حيث بيئة ينتشر فيها المباهاة بكل شيء،
والشهرة دون سبب والثراء الفاحش دون عمل والعمل دون أجر مجزي!

كيف يفلت البشر من براثن الإحباط في هذا العصر الغاباتي!
وكيف يرضى؟
كيف تقارن الزواج الأول بزواج اليوم حيث الاقتصاد المتدني والزيادة السكانية المرعبة والأحلام الكبيرة والفرص النادرة رغم لا محدوديتها شكلا؟
يستحيل أن يستطيع الشخص في زواجه اليوم أن يقاوم كل هذه الاغراءات دون أن يقع في فخ ما؛
إما فخ الإحباط
أو الغرور
أو الطمع
أو الخيانة
أو تدني الأخلاق
أو حتى فخ التفاهة والأنانية
أو ببساطة فخ السخط!

السخط على شريكه وتفكيره في كل الاختيارات الأخرى المتاحة!
السخط على حياته وهو يشعر أنه دائما في مفترق طرق، يصعد باستمرار ولا يصل لشيء؟

زواج اليوم والمرأة أصبح عليها عبء آخر من الطموح والإنجاز الشخصي يتركها متأرجحة لاهثة منهكة بين متطلبات منزل لم تتغير
وطموح شخصي لم يعد يمكن التنازل عنه بسهولة
وقد ورثت من جيلها النسائي السابق تجارب من الخوف والهجر والقهر جعلها تخشى التضحية فتعيش حياتها تتجهز للحظة حدوث المأساة!

زواج مع رجل يلهث وراء مهرب ما، إما بمخدر أو بخيانة أو بمشاهدة إباحية، يبحث عن لذة لحظية يهرب فيها من بؤرة الإحباط التي تتسع؟

زواج في عصر لا يستطيع فيه أن يتوقف عن التأثر والمقارنة ثم السخط على شريكه! الحفاظ على علاقة قائمة بود و “رضا” في هذا العصر عملية جهاد!
جهاد حقيقي!

علاقات تبنى بأساسات من الخوف واللهاث وقلة الثقة والمجهود الشاق المستمر في عقلنا الباطن!
فلا يصح،
لا تصح المقارنة السطحية بأن هذا الجيل “غير صبور” وفقط!
هو جيل يحارب نفسه قبل أن يحارب العالم!
وربما لو عاش الجيل السابق في عصرنا
لوقع في نفس ذات الأفخاخ وتأثر وتغير وسخط وتمرد واحبط ومرض!

ولذلك الحلول الوحيدة للحفاظ على مستوى أدنى من الاستقرار في هذا العصر مفاتيحه مقاومة الأنا والتسامح وتقليل الانفتاح والتصبر بالآخرة وتزكية النفس بالرضا.. حرب اليوم ليست هينة.

فتحية لكل المحاربين الذين يقاومون هذا السباق بسلاح الاكتفاء الراضي بما يملكون وليس ما يمكن أن يحققوه.
وتحيات لجيل سبق كان أوفر حظا من جيلنا التعيس

المصدر