التصنيفات
مقالات الضيوف

آفة الشعور بالتعاطف

“تسييل” معايير الصواب والخطأ.

الشعور بالتعاطف تجاه المآسي هو شعور غريزي ليس لنا الكثير من السيطرة عليه؛ في النهاية، هو جزء مما يجعلنا بشرًا.

ولكن آفة التعاطف – في أغلب الناس – هي قدرته الاستثنائية على تشويش المرجعيات، وبالتالي “تسييل” معايير الصواب والخطأ. ما يحدث هو أن الشعور بالتعاطف يصبح “هو” المرجعية.

هذا الأمر شديد الخطورة. ليس فقط لأن التعاطف هو أسهل المشاعر قابلية للاستثارة حتى في سياقات تخيلية (تذكر كل الأفلام التي بكيت أمامها)، ولكن لأنه يخلق “واقعًا موازيًا” يدفع بالفرد لتقبل تفسيرات وأحكام كان ليرفضها تمامًا في الأحوال العادية.

سرد في سياق مُحكم قد يجعلك تتعاطف مع الشيطان نفسه.

“لم يمتنع الشيطان عن السجود لآدم كِبرًا، وإنما لأنه رأى في ذلك عنصرية، وهو ما دفعه للاحتجاج برفض الانصياع لأوامر الرب. كنتيجة لاحتجاجه السلمي تم نفيه، وهو ما تسبب له في الكثير من الوحدة والمعاناة النفسية. بعد أن عَلِم الشيطان بمصيره النهائي، قرر البحث عمن يشبهونه ويشاركونه معاناته ليملأ كل منهم فراغ صدر الآخر. هذا يعني أن غواية الشيطان للبشر ليست شرًا متأصلًا، وإنما هي فقط محاولة منه لإيجاد “صُحبة” تؤنس وحشته في الجحيم. الشيطان هو مجرد ضحية لم تجد من يفهمها ويحنو عليها.”

“مرجعية التعاطف” بإمكانها جعل أشد الأحكام خطأً وأكثر التفسيرات بلاهة أمور “واردة”. تعاطف كما تريد، لكن لا تجعل تعاطفك هو مرجعيتك النهائية.

تنويه لم أعتقد أنني قد أحتاج لكتابته:

قصة الشيطان المذكورة هنا هي “مثال تخيلي” لما يُمكن للاسترسال في العاطفة القيام به، وليس على أنها صواب يجب الإيمان به!

أتمنى ألا يكون السرد قد دفع بالبعض للتعاطف مع الشيطان فعلًا. (وإن كان حدوث هذا يُثبت ما أردت إيصاله.)

المصدر