التصنيفات
مقالات الضيوف

هذا العيد، تذكرة

من هو الرب الذي يأمر نبيه الحبيب أن يذبح ابنه دون سبب!

عيد الأضحى بالنسبة لي محطة مهمة في العقيدة.. فإذا تأملنا طلب الله القاسي شكلا لكرهناه، فمن هو الرب الذي يأمر نبيه الحبيب أن يذبح ابنه دون سبب!

أن يذبح ابن انتظر مجيئه حتى شاب شعره، ابنه قرة عينه!

دعى ابراهيم بالذرية لعقود طويلة، واستجاب الله ورزقه اسماعيل، ثم جاء الأمر العجيب، اذبح من دعوتني عقود لأرزقك به!

لن أميته، لن آخذه منك واختبر رضاك وصبرك، بل أريدك أن تذبحه! بنفسك، بيدك، بإرادتك..

وأريدك أن تخبر ابنك بأمر الذبح.

لا أتصور أن يأتيني أبي ليقول لي: إني رأيت في المنام إني أذبحك دون أن اتهمه بالجنون، أو دون أن أهرب منه حفاظا على روحي.

ولكن النبي صارح ابنه، أنه أُمِر بذبحه! ليطيعه الابن ويمتثل للأمر، فيقول له افعل ما تؤمر!

المشهد من الخارج لا يمكن تصور جديته أو حقيقته. ولكن النبي يعلم أن الله لا يختبره إلا ليعلّمه، لا يختبره إلا ليضبط بوصلته..

وكان الاختبار الحقيقي، هل تعلقت بالدنيا وتعلقت بابنك حتى انشغل قلبك عن حقيقتها الزائفة الفانية؟

هل تؤمن بي كربِ يحبك، ويريد لك الخير ويحيط بما لم تحط به؟

هل حقا اسلمت وسلمت ليكل أمرك، ما يسعدك وما يؤلمك إيمانا بي كرب لا يريد أن يشقيك؟

أبو الأنبياء ابراهيم كان يعلم أن الاختبار لقلبه، هل يحب الله أكثر أم ابنه؟

امتثل ابراهيم لأمر ربه ونجح، ثم صارح ابنه فامتثل ونجحش، فهما يعرفان أن هذه الدنيا لا تساوي جناح بعوضة، وأن حب الله الخالص هو المنجي

وفقط حين نجحا في التخلي عن حب الذرية، وحب الحياة، حين تعلقت قلوبهما بالله وحده، أنقذهم الله، وفداهم.

وُهِبت الحياة لاسماعيل في نفس لحظة تخليه عنها..

وحفظت ذرية ابراهيم لحظة تخليه عنها..

درس أن التسليم منجي، وأن الله لم يكن ليعذبهم، لك يكن إلا ينقي قلوبهم من حب الدنيا، لأن التعلق بها سبب الهلاك..

هذا العيد، تذكرة، أن الله سيفديك ما أن ترضى، سينجيك ما أن تتخلى، وسيحفظ كل نعمة زهدت فيها لأن لي التخلي سلامة لقلبك.. درس أن اختبارات الله القاسية شكلا في الأصل مُحِبة ومربية ومنجية.. لتصبح حر من كل حب إلا حبه..

كل عيد وأنتم بخير، وقلوبكم قادرة على التخلي عن حب الدنيا، ومتنعمة في حضرة ومعية الله.

عيد أضحى سعيد..

المصدر