مفيش شيء أعظم من إنك لما تموت الناس تفتكرك بالخير،
وفي كل مرة يذهب فيها شخص لدار الحقّ فجأة، تكتشف أن الباقي هو العمل الطيب، شغلك كان لنفسك وانتهى،
نجاحك كان لشخصك وانزوى، فلوسك كانت متاعك وانمحت..
ما يعود إليك هو ما كان للناس فقط..
ما أعطيته للآخرين وقت كرب،
من وقتك في نصيحة،
ومن مجهودك في عمل خير،
ومن طاقتك في مساعدة محتاج،
هو فقط ما يتبقّى لك ويعود في صيغ دعوات طيبة ترافقك في يوم ظلمة تحت التراب.
الشاب مات ومليون ألف دعوة تنهال عليه من الغريب قبل القريب لأنه في يوم كان عونًا للناس وقت ضيق، في السر دون رياء، يطعم الناس في رمضان، وربما عملها من باب الاعتياد ونسى الأمر، ولم يعلم أن هؤلاء الناس وأضعافهم سيكونوا، بدعواتهم الجارية على ألسنتهم، عونه الوحيد وقت الحساب.
محدش بيحب الموت، لكن أما وإنه قدر مفروض لا مناص منه، فلا يتمنى المرء أكثر من ميتة يعقبها ذكره الطيب على لسان الناس كتلك.
لكن الناس نسّاية وهترجع تاني للتكالب على كل شيء، ولبذل كل شيء غير أخلاقي في نواله، حقد ونفاق وغلّ محمي في الصدور..وهتكسب..جايز..لأ..أكيد.
ترقية ومنصب وعلاوة وسطوة تجعلك مهيبًا في عيون الناس..لغاية ما تغيب أسباب قوتك وتعود لما تنتمي إليه فعلًا..التراب..ولن يتبقى لك حينها مما قدّمت سوى حقيقة فعلك، ولسان إن لم ينطق عليك باللعنات، فلن تخرج على طرفه دعوة رحمة واحدة.
فتخيّر موقعك في قلوب الناس في يوم أقرب مما تتخيّل وإن طالت بينك وبينه السنون..سيأتي حتمًا!