هل فيه تفسير لسلوك هادية غالب إللي الناس شايفاه مستفز لمعظم طبقات المجتمع المصري؟ هل فعلا الهبوط من عربية ثمنها مليون لعربية ثمنها ٣٥٠ ألف شيء يستحق الزعل والحزن ويستاهل نستحضر على أساسه الرضا؟
طيب هل البنت إللي طالبت الناس بحب البساطة وإنهم يكتفوا بشقة في التجمع بدل أماكن أرقى ومرتب ٢٠ ٣٠ ألف شهريا مش مليون جنيه وسفرية لتركيا بدل المالديفز مجنونة؟
الأثنين رغم اختلافهم مضمونهم واحد، والتفاعل عليهم مضمونه واحد: نسبية المال!
فيه نظرية في الاقتصاد السلوكي اسمها Prospect theory
بتقول ببساطة أن الناس تقديرها لقيمة الفلوس مش مرتبط بالقيمة الحقيقة للفلوس ولا بكمها، ولكن تقديرهم بيجي من مقارنتهم للمال مع نقطة مرجعية للتقييم Reference point
النظرية دي بتشرح إن القيمة النهائية للمال مش مؤشر حقيقي لتقدير قيمتها، لكن قيمتها بالنسبة لنقطة مرجعية معينة هي اللي بتحدد ده؟ يعني ايه؟
يعني لو حضرتك كان معاك صفر وكسبت مليون هتكون فرحان جدا، لأن النقطة المرجعية بتاعتك كانت صفر، فشعورك السعيد جاي من شعور بالمكسب والزيادة.
لكن لو حضرتك كان معاك ٣ مليون وخسرت ٢ مليون وبقى معاك مليون، اللي هو نفس قيمة المال اللي مع الشخص الأول فأنت هتكون حزين وده عشان النقطة المرجعية بتاعتك كانت ٣ مليون فشعورك مرتبط بالخسارة..
وعشان كده رغم أن الرقم النهائي للمال واحد في الحالتين، العامل الرئيسي في تحديد سعادتك أو تعاستك هي النقطة المرجعية مش قيمة المال نفسها..
وده طبعا يفسر ليه الناس مكنتش فاهمة أن هادية بتتكلم عن أهمية الرضا لما مامتها اضطرت تغير عربيتها.. لأن المنتج النهائي إللي بالنسبة لحضرتك هدف ورزق كبير وحلم، بالنسبة لهم مرتبط بالخسارة لأن النقطة المرجعية بتاعتهم مكنتش صفر، كانت عربية بتلات أضعاف الثمن.
نفس الفكرة، البنت إللي طالبت الناس بالاكتفاء بشقة في التجمع بدل من أماكن أرقى، غالبا النقطة المرجعية بتاعتها سكان قطامية هايتس مثلا، أو كومباوندات فاخرة التي تحتاج ل ٥ مليون فيما فوق. فالشقة في التجمع ذات ال ٢ مليون بالنسبة لنقطتها المرجعية شيء يحتاج الرضا ويدل على البساطة..
عموما موضوع المال هيفضل شيء نسبي جدا، مستحيل الناس تتفق على تقديره بنفس الشكل لأن نقاطتنا المرجعية وبيئتنا عوامل مهمة جدا في العملية دي.
فالتريقة والسخرية الكبيرة دي غالبا بسبب أن مواقع التواصل قابلت طبقات متناقضة ببعضها، فمهم نفهم قبل ما نحكم.
إحنا كتير أوي ومختلفين.