التصنيفات
المدونة

ليه حد ممكن يكون مؤذي للدرجة دي؟

والسؤال الحقيقي اللي المفروض يفضل معاك في كل ده

من الحاجات اللي الواحد أخد فيها شوية وقت علشان يحاول يفهم فكرتها،

هي: ليه حد ممكن يكون مؤذي للدرجة دي؟

أول حاجة، تعالوا نتفق على نقطة مهمة:

آه، في ناس فعلاً الأذى عندهم بيكون هدف في حد ذاته.

مش علشان اتظلموا، ولا اتجرّحوا، ولا عايزين ياخدوا حقهم… لأ، بيأذوا لمجرد الأذى.

هتشوف ده مثلًا في طفل صغير، مسك طوبة وحدفها على كلب في الشارع من غير أي سبب. ولا الكلب عمل له حاجة، ولا فيه أي خطر، بس هو حابب يعمل كده… وخلاص.

فالحالة دي مش محتاجة تحليل كبير، دي طبيعة. في بشر جواهم حاجة “مش سوية”، وبتطلع على هيئة أذى.

لكن… مش دايمًا بيكون الأذى هو الهدف. في أوقات تانية، اللي بيكون الهدف هو الشعور اللي بييجي بعد الأذى.

يعني إيه؟

يعني الشخص اللي قدامك ممكن يكون بيأذيك علشان يحس إنه:

“متحكم فيك” – “أقوى منك” – “يقدر يعمل فيك اللي هو عايزه، من غير ما تقدر ترد”. وممكن كمان يكون بيأذيك من غير ما يقصدك إنت تحديدًا،

لكن علشان هو مش قادر يواجه موقف تاني في حياته، فـ بياخد الشعور اللي كتمه أو عاجز فيه… و”يرميه عليك”. كأنه شايل كبت قديم، موقف محرج ما عرفش يرد عليه، خناقة اتظلم فيها،

فيقرر يعوّض ده كله فيك.

الجزء التاني هو أن المخ البشري، في طبيعته، بيحاول دايمًا يريّحك…

بس مش شرط يريّحك بالحل الصح/المنطقي.

يعني تلاقي ناس كتير بتلوم الضحية بدل ما تلوم الجاني،

ليه؟

علشان مخها مش هيقدر يفكر في سيناريو يتعامل فيه مع الجاني.

فبدل ما يتعب نفسه ويقعد يصارع في: ليه ده بيحصل؟ أنا في إيدي إيه أعمله؟ إزاي أواجه؟ أو هو المفروض أتحرك إزاي؟

لأ، أنا هريّح نفسي وأقول إن الشخص المجني عليه هو السبب.

أكيد عمل له حاجة، ما يمكن هو اللي استفزه، ما هما لو مكنوش بدؤا مكنش دا هيحصلهم كده؟

خلاص كده، الضمير ارتاح، والتفكير وقف، والموضوع اتقفل.

ضيف على كده إن الناس اللي حوالين الموقف – سواء كانوا أصحاب، أهل، جيران “علي الجدود”، أو جتي مجرد شهود – بيبقى عندهم خليط من: (الخوف/اليأس/قلة الحيلة/أو ببساطة… رغبة في إنهم ما يتدخلوش) فـ الموضوع يستمر، ويتكرر ويتضخم… لحد ما الناس كلها تتأقلم عليه، وكأنه “عادي”.

فتيجي تقول: طيب، ماشي… بس ليه يوصل الأذى للدرجة دي؟

يعني حتى لو فيه أذى… ماينفعش يبقى أخف؟ يعني ليه “بالشكل ده”؟ أو “للدرجة دي”؟

السؤال ده بيرجعنا لسؤال تاني ناس كتير بتفكر فيه:

لما لا يموت ولاد الوس**؟

الناس المؤذية بيبقوا مكملين في الحياة، وبكامل طاقتهم، وبيأذوا أكتر.

و السر في كده أن طريقتهم مختلفة تمامًا عنك. هما مش شايفين الموضوع زيك، بس بزيادة سنة… أو اتنين.

لأ، هما شايفينه بطريقة تانية خالص..

إنت مثلًا لما تزعل من حد، وتفكر تأذيه،

ممكن تفتكر إنه في يوم وقف جنبك، أو كنت مزنوق وكان أول حد ساعدك؟

فاكر ضحكتكوا سوا؟ المواقف اللي عملهالك؟ الذكريات؟

كل ده بيشدك و بيهديك.

فحتى لو حاولت تعمل حاجة — من وجهة نظرك تضرّه —

فأنت هتكون لاشعوريًا متأثر بالحاجات الكويسة دي.

لكن هو؟ بالعكس تمامًا.

أول ما يفكر يأذيك، بيستدعي كل لحظة وجع بينكم، كل خلاف، كل غل، كل مشهد ضايقه منك أو حتى من غيرك!

يعني مش بس بيتعامل معاك… لأ، ممكن يبقى شايل غل من حد تاني،

ويصبه فيك.

فـ ساعتها الضربة بتكون مش بس قوية،

دي بتبقى مشحونة بكل حاجة سلبية عاشها… وانت قدامه دلوقتي.

فكده إحنا عندنا نقطتين:

1.إن اختلاف دوافع الناس، وظروفهم، وأهدافهم… بيولد أذى.

مش شرط يكون مقصود، بس بيتولد.

2.وإن درجة الأذى دي — في الأغلب — هتكون أكبر بكتير من اللي إنت ممكن تتخيله أو تتوقعه،

لأن الشخص المؤذي مش بيحسبها بنفس موازينك خالص.

طيب… والعمل؟

الحقيقة، مفيش إجابة واحدة أو سحرية للسؤال ده.

لأن أصلًا، الدنيا مش دار عدل، هي دار ابتلاء… دار اختبار.

فـ الطبيعي إنك تشوف الأذى، وتتحط في مواقف قاسية،

وتقابل ناس مش مفهومة، وتعدي بأيام مش مبررة.

السؤال الحقيقي اللي المفروض يفضل معاك في كل ده هو:

“أنا ينفع أعمل إيه؟”

في الموقف ده – في اللحظة دي – بالظروف اللي عندي،

مهما كان اللي تقدر عليه صغير، اعمله.

في الآخر، ربنا مش هيحاسبك على اللي عمله غيرك،

لكن هيحاسبك على اللي كان في إيدك… وعملته ولا لأ؟

والنقطة اللي شايفها الأهم بالنسبالي: ما تبطّـلش تعمل الحاجات الصغيرة.

مهما كانت.

استمر في المقاطعة

استمر في السعي

استمر في التبرّع

استمر في نشر الخير

استمر في إنك تكون بني آدم طبيعي… رغم كل الغير طبيعي

لأن “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل”.

وأهو لو في حاجات ممكن تساعدك في الفهم أو الهضم شوية،

فدول بعض الحاجات اللي ممكن تبدأ بيهم:

لماذا خلق الله الشر والفقر والمعاناة؟

ليه يارب؟ (فيديو)

مفتاح الرزق ومغلاق الهمّ