لما سيدنا لوط عليه السلام حاول يستفز مروءة قومه وشرفهم لما راحوا له عايزين يعتدوا على ضيوفه “إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون” عكسوا الآية، بدل ما حد منهم يحس على دمه ويبص في الأرض ويقول لهم آه والله يا جماعة ما توصلش لدرجة اننا نتهجم على ضيوفنا كمان وبقية القبائل تشهّر بينا وتعيب فينا قالوا “أولم ننهك عن العالمين”!!
بقى هو الغلطان..!!
أصلهم لما الغلط انتشر فيهم افتكروا ان ده الطبيعي، وما بقاش كلام ربنا له وزن عندهم، ولا نصح رسوله له معنى عندهم، وأصبح المرجع هو منطقهم مش تعليمات ربنا وتوجيهات رسوله..
فلما ده حصل وضعوا لسيدنا لوط حدود، لو مش هتعمل زينا يبقى تقتنع باللي بنعمله، مش هتقتنع يبقى تلتزم بالحدود اللي هنحددها لك: ما تعلقش على اللي بنقوله، ما تستضيفش حد، ما تقولش ربنا قال، ما تتدخلش في حريتنا الشخصية..
فما تجيش دلوقتي تقول “أليس منكم رجل رشيد” و”إن هؤلاء ضيفي” و”اتقوا الله”، انت اللي خرجت عن الوضع المحدد ليك، مش احنا الغلطانين، تؤ تؤ تؤ، ابسليوتلي، انت اللي خارج عن سياق المجتمع بتاعنا ومش بتسمع الكلام..
“أولم ننهك عن العالمين”!!
سبحان الله، ده بيتكرر في كل زمان ومكان، أي مكان يكون للباطل فيه مجتمع فرعي بنشوف ده، وبنلاقي أصحاب الحق بيشدوا في شعرهم، بيتكلموا في بديهيات دينيه وبتيجي الردود عليهم مالهاش علاقة بصحيح الدين..
بقى فيه بدائل للدين مسيطرة في بعض المجتمعات الفرعية، منها “العقل والمنطق”، منها “العادات والتقاليد”، منها “الرحمة والإنسانية”، منها “التوجهات الدولية”، منها “الآراء الفقهية الشاذة”..
اتكلم عن أي حاجة واضحة وثابتة في الشرع، حرمة الربا، وجوب طاعة الزوج، حرمة التماثيل، التوكل على الله في الرزق، حرمة الطعن في الصحابة، فرضية الحجاب، حرمة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، حسن النية لا يغير من طبيعة الذنب، وهتلاقي هجوم من المجتمعات اللي مستمتعة بالحاجة دي -عكس أوامر الله- وبتهاجمك استنادا على كل ما ليس له علاقة بصحيح الدين مما سبق ذكره..
ويبدأ يرن في ودننا الحديث الشريف “بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ”..
دي مش دعوة للإحباط، ده رفع للواقع، وبالعكس، المطلوب ان صوتك يظهر ويكون مسموع لما ده يكون له مجال، عشان تبقى عملت اللي عليك ونفذت أمر ربنا بالنصح والدعوة إلى الله، ويكون بالطريقة الصحيحة “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن”، لا بالاستفزاز ولا برمي الكلام ولا بالأساليب اللي من شأنها تنفير الناس.
هدف مهم من النصح والدعوة ان الناس اللي زيك يعرفوا ان فيه ناس زيهم موجودين، مش كل واحد فاكر انه لوحده اللي مقتنع بأمر ربنا، ومع الوقت ومع تراكم الباطل يروح للتشكيك في اللي هو مؤمن بيه ومقتنع بيه.
ربنا يهدينا جميعا ويهدي بينا، ويتقبل منا ويختم لنا بالصالحات.