لم أفهم كثيرا سر الحماس الشغوف في تقرير أن فلانا من الأجانب سيكون في جهنم.
كثيرون كانوا يقولون أنه مجرد حكم شرعي لنصوص شرعية، وهم إنما يقولون بحكم النصوص…
لكن هذا الحماس المبالغ به في الأمر، كان يشي بما هو أكثر من مجرد ذلك…
في النهاية، فلان سيذهب إلى دار حقه – لتكن النار- لم أنت فرح بذلك؟ هل ضمنت أين ستكون أنت؟ هل ستكون معه أو تحته أو في نار أخف قليلا أو أشد قليلا؟ هل ضمنت مقعدك من الجنة لكي تنشغل بتحديد موقعه هو ، ومن ثم تعبر عن فرحك بالأمر؟
شيء في هذه العاطفة والحماس في الأمر كان يشير إلى أن الدافع يتجاوز مسألة الحكم الشرعي المجرد…إلى ما هو أعمق…
إلى دوافع نفسية غير واعية.
*****
اليوم أفهم أن فكرة ” الآخرة لنا – وليست لهم” عملت مقابل فكرة” الدنيا لهم، وليست لنا”…
لقد استخدمت فكرة ” حصرية الجنة لنا” للتخفيف من الشعور بالضعف والذل والتدني في مستويات الحياة لدينا…
لا أتحدث هنا عن حكم شرعي، بل عن تجيير النصوص للتأقلم مع واقع مرير يفترض أن نسعى لتغييره..لا أن نتخدر عنه بالقول أننا سنفوز آخر الآمر بالآخرة..
كان هذا الأمر يمنح شعورا نفسيا بالأمان، بالتعويض…
اليوم، عندما يأتي من يذكر أن ” تحديد من سيدخل للنار ليس شغلنا” وأن علينا أن نهتم بموقعنا بدلا من مهرحانات الفرح تجاه “حكمنا” بأن فلانا في النار، فأن هذا يواجه بردود فعل مستفزة قوية..ليس لأن ثمة مخالفة لحكم شرعي كما يتصور البعض…بل لأن هذا الطرح يسحب دعامة أمان…يسحب غطاء أمان تعودنا أن نتغطى به لنبرر مشاكلنا وتدني واقعنا أو على الأقل لنعوض به واقعنا..
في النهاية: موقع الآخرين في الآخرة أمر يجب أن لا يشغلك أصلا…في النار؟ ممكن. لكن ما علاقتك أنت بالأمر؟ هل أنت واثق من أنك لست معه؟
لقد استخدمت هذه الفكرة على نحو بعيد جدا عما تبدو عليه من أنها مجرد حكم شرعي…
استخدمت للأسف كحقنة مخدر..
وبدلا من أن تستخدم النصوص في حثك على أن تكون ” الأفضل في كل النواحي”، صار هناك من يستخدمها ليقنعك أن تبقى كما أنت دنيويا، لأنك ضمنت التفوق الآخروي…
لا يحدث هذا عمدا…
لكنه واحد من الإنحيازات الدماغية التي تورط بها العقل الجمعي، حتى صار الأمر يبدو محصنا وممنوعا من اللمس..
https://www.facebook.com/Ahmed.Khairi.Alomari/posts/2076633102354646