التصنيفات
مقالات الضيوف

فساد العلاقة

عن تراكم الأمور الصغيرة تدريجيا إلى الوصول إلى لحظة انفجار غير مفهومة للطرف الآخر

في كل أنواع العلاقات الاجتماعية من زواج وزمالة وصداقة وشراكة وقرابة ومصاهرة الخ..

المشكلة في قلة/انعدام التواصل في أية علاقة ليست فقط تراكم الأمور الصغيرة تدريجيا إلى الوصول إلى لحظة انفجار غير مفهومة للطرف الآخر، النتيجة الأخطر من وجهة نظري هي فساد العلاقة.

لنقل إن طرفًا في العلاقة (س) تصرف بطريقة أساءت إلى الطرف الآخر (ص) بقصد أو بدون قصد، فتضايق ص، وبدلا من أن يصارح س في وقت مناسب وبطريقة مناسبة كتم ذلك في نفسه.

عندما كتم ص ما يضايقه حرم نفسه من فرصة الحصول على تفسير س لما حدث، وبدلا من ذلك أرفق مع ذكرى الموقف تفسيره هو، فلو كان قد خمّن أن س فعل ذلك بدافع إهانته -مثلا- فسوف يضع على ذكرى الموقف ملصقا يقول “إهانة”..

في الموقف التالي لم تكن هناك إهانة، كان هناك تقصير بسيط، إلا أن النتيجة كانت غريبة، فقد استدعى ص المشكلة السابقة بدلا من أن يتواصل للتعبير عن مشاعره بالضيق أو حتى يحاول تفسير الموقف الجديد، استدعى المشكلة السابقة ليقرأ الملصق، وعندما وجد “إهانة” فسّر المشكلة الجديدة على أنها إهانة هي أيضا (مع أنها تحتمل تفسيرات مختلفة)..

في الموقف التالي حدث الشيء نفسه، وفي الموقف التالي، وفي الموقف التالي، إلى أن جاء اليوم الذي وجدنا فيه أن صورة س في ذهن ص عليها ملصق ضخم يقول “إهانة”..

تدريجيا بدأ ص يتصرف بطريقة فيها إهانة لـ س متصورا أنه يرد الإهانة وأن هذه هي الطريقة الوحيدة ليوقفه عند حده، وبدأ يتحدث عنه بسوء أمام الآخرين، وبدأت تتكون جفوة في قلبه بينه وبين س، وبدأت العلاقة تسوء..

سواء حاول س معرفة ما يحدث بالتواصل مع ص أو لا فقد حدث الضرر، ولم يعد لدى ص مجال للتواصل أو إدخال فهم جديد، تحول الانطباع السيء إلى قناعة، وأصبح من الصعب تغييره، فلو حدث تواصل وتمكن س من تفسير موقف واثنين فما الذي بإمكانه فعله مع المزيد والمزيد من المواقف التي حصلت كلها على ملصق “إهانة” (استمدادا من أول موقف تم تفسيره بالتخمين)؟

رأيت هذه النتيجة في العديد من العلاقات التي وُضعْت وسطها، وكانت أصعب حالات مشاكل العلاقات حلا على الإطلاق (هذا إذا كتب لها الحل).

ما يغيظ هو أن تفادي كل هذا سهل للغاية! التواصل.. فقط التواصل.. الحفاظ على قناة الكلام مفتوحة مع اختيار التوقيت المناسب والكلام المناسب، وما دامت النية المشتركة في استمرار العلاقة موجودة فسيكون للحوار هدف ومعنى، وما دام الاحترام متاحا أثناء التواصل فسيستمر وتنتج عنه نجاحات (بعد توفيق الله).

المصدر