التصنيفات
مقالات الضيوف

شخص لا يكمل أى شىء، حرفيًا

أفكاره كلها تظل أفكارًا ولا تهبط لأرض الواقع أبدًا، وقته ضائع على كل شىء ليس له قيمة، وينام كثيرًا، كثيرًا جدًا

أحد أسوأ ما كان يواجهنى منذ سنوات أننى شخص لا يكمل أى شىء، حرفيًا، يفتح كتاب فيغلقه بعد 10 صفحات ويقضى وقتًا فى تأمل الكتب المتراكمة لديه أضعاف وقت قرائته الفعلى، يقرر الذهاب لكورس فيلتزم بأول ساعة فيه ثم يتبخر، كلما قابله شىء ما وضعه فى ال book marks حتى أصبح الفاير فوكس كأدغال أفريقيا، لا ينهى مشاريعه، أفكاره كلها تظل أفكارًا ولا تهبط لأرض الواقع أبدًا، وقته ضائع على كل شىء ليس له قيمة، وينام كثيرًا، كثيرًا جدًا !هناك فترة ما منذ أعوام بدأت فيها الإلتزام بشكل كامل، صحوت من النوم ذات صباح فقررت أن أصلى الخمس صلوات فى المسجد، أصوم إثنين وخميس، أذكار الصباح والمساء فى شكلها الأطول كانت تأخذ منى ساعة فى اليوم، تسبيح كامل بعد الصلاة وأذكار كاملة، سنن كاملة، ورد يومى جزء كامل من القرآن، العبادات كانت تستغرق أربع ساعات يوميًا تقريبًا .. مدهش أليس كذلك ؟!النتيجة كانت رائعة .. بعد 10 أيام بالضبط من الإلتزام بنظام كهذا توقفت لفترة طويلة عن الصلاة وقراءة القرآن وكل شىء .. كما أخبرتنى أمى أنه سيحدث تمامًا !بروفيسور جلوريا مارك .. أستاذة تحليل البيانات فى جامعة كاليفورنيا تقول أنه كل ثلاث دقائق ينفصل الإنسان تلقائيًا عن المهمة التى يؤديها، وحسب خبراتك وقدراتك تستطيع تدارك الإنقطاع ..بعد سنوات طويلة من المعاناة مع مشكلات كهذه دعنى أخبرك بما فعلته بالضبط لتطوير عادات فعالة من الإلتزام والصبر وعدم الكسل على أى شىء .. القادم طويل قليلًا لكنه مفيد .. إن كنت مهتمًا أكمل ..ــــــــــــــــــ1 – أعرف ما تفعله تحديدًا، كلما قابلت مقالًا جيدًا مرشحًا من أحدهم، كورس ما، ورقة بحثية، أى شىء، تضعه فى البوك ماركس مع وعد بالعودة، ولا تعود أبدًا ..حسنًا .. لا تفعل ذلك !لا يوجد شخص يلم بكل شىء، مستحيل، العالم يحتوى على تفاصيل محاولة الإلمام ب 0.00001 % منها كفيل تمامًا بنسف عقلك ووضعه فى أجازة للأبد .. لذلك، انتق فقط ما تريده، أشياءً تهمك وتفيدك، الإهتمام فقط لا يكفى، قسم حياتك لأولويات ..مثلًا، أنا شخص أدرس إدارة أعمال، لدى ساعة فى اليوم لقراءة المقالات الجيدة أو تحصيل شىء يفيدنى فيما بعد ولا يؤثر على أساسيات حياتى ” إدارة الأعمال ” .. بعد هذه الساعة أجد عشرات المقالات السياسية والإقتصادية والتعليمية والفيديوهات المتنوعة .. أتجاهلها تمامًا، أركز على ما يهمنى فقط، مجالى، ولا أحتفظ بشىء مثلًا لأراه فى يوم آخر .. لأننى متى احتفظت به تحول ل task فى عقلى الباطن ينبغى أن أنفذه فى أقرب وقت .. بلا وعى، واحد فوق الآخر .. تشعر بثقل ما عليك فتنسحب من كل شىء .لن تخسر شيئًا مادام ليس هو اهتمامك الرئيسى .ــــــــــــــــــ2 – التدرج ..هل تذكر ما أخبرتك به بالأعلى ؟ .. الصلاة ؟ .. أسوأ ما يمكن فعله هو أن تبدأ بكثافة تفضى بك لضياع تام ..سأعطيك مثالًا صغيرًا، عندما يسألنى أى أحد يريد أن يقرأ فى التاريخ عما يجب أن يبدأ به تكون إجابتى واحدة فى كل الأحوال ( مختصر تاريخ العالم ) لإيه إتش جومبريتش .. لماذا ؟ .. لأنه كتاب أطفال ومراهقين !أحد أهم أسباب المواظبة هو التدرج من الأسهل للأصعب، يمكننى أن أخبرك ب 10 أسماء لكتب محتواها يكفيك تمامًا لتلم بأغلب تاريخ العالم المشهور، النتيجة ؟ .. لن تكمل صفحة واحدة من ثقل المكتوب ودسامته .. بينما المفتاح هو أن تبدأ بالسهل، بما يحببك فيما تقرأ وفى المجال الذى تقرأ فيه، ثم تتدرج، حتى تصل لمرحلة إعتياد الكتاب والمعلومة، من ثم تستطيع أن تجاهد نفسك لأنك اعتدت إمساك الكتاب بالأساس ..لا تستطيع أن تكمل كورسًا واحدًا ؟ .. لأنك تدخل الكورس بصورة ذهنية معقدة، أوراق وقلم ومذاكرة وملاحظات وتلخيص وإمتحانات أون لاين وإستفادة ونتيجة نهائية وكيفية إستقبال الناس لك عندما تخبرهم بإنجازك ! .. النتيجة أن الكورس الواحد تحول لإنجاز يستحق التهنئة والإحتفاء بك كقدوة، لأنه _ تقريبًا _ لا أحد ينجز أى شىء !عندما بدأت أول كورس فى حياتى أون لاين كل ما فعلته هو أن ألقيت وراء ظهرى بكل شىء، فقط حملت الفيديوهات .. ثم شاهدتها بلا أى أوراق أو كتابة .. لا مذاكرة .. لا شىء .. كأى فيلم .. اختزنت ما يمكن إختزانه .. جعلت ال task فى أبسط صوره ..فى الكورس الثانى أحضرت ورقة وقلم، وكتبت ملاحظات بسيطة نصفها ( شخبطة ورسم ) .. كنت أسرح أقل .. أركز أكثر .. ولم أفعل أى شىء آخر أيضًا كالكورس السابق .. فى الثالث ” كان عن التسويق بالمناسبة ” قررت تلخيص الكورس بشكل مبسط .. ورقتين من الملاحظات والنقاط .. ثم ذاكرت الكورس .. واكتفيت باختبار واحد .. بعد ذلك لا وعيى بدأ يتعامل مع الأمر بتلقائية .. ثبت العادة .. أصبح أسهل شىء عندى هو إكمال كورس أون لاين .. لأن صعود السلم كان سليمًا من البداية .ــــــــــــــــــ3 – الرياضة ..لا يمكننى أن أصف لك _ سواء كنت شابًا أو فتاة _ أهمية أن تمارس الرياضة فى التأثير على معدلات نومك ونشاطك عمومًا ..اسأل نفسك لماذا تكون فى أفضل حالاتك لو نمت مبكرًا واستيقظت فى الفجر ؟ .. ببساطة لأن جسدك يكون فى أقصى حدود راحته، بالتالى العقل يجد المساحة الكافية من العمل بأقصى طاقة لا يستهلكها الجسم .. والعكس صحيح، قارن قلة معدلات النوم وإجهاد الجسد بتأثير هذا على تفكيرك .. بالتعبير العامى ” بتكون مهيبر أو مهيس ” تدخل الرياضة هاهنا .. تساعدك على رفع قوة تحمل جسدك اليومية للإجهاد البدنى الشاق، بالتالى تخفيض معدلات الإرهاق .. والإحتفاظ بنشاطك دائمًا .. هذه ليست نصائح العم ابراهيم الفقى .. هذا ما يعرفه الرياضيون بالفعل !ــــــــــــــــــ4 – عادات مصرية ..* لا تخبر الناس بما تفعل .. تأخذ الهالة ثم لا تفعل أى شىء ..عود نفسك على أننا فى ذيل الأمم، بالتالى، كل ما يفعلونه بإعتيادية فى الخارج سيبدو للناس خارقًا هنا، وعليه .. أى شخص يكمل ثلاث كورسات لكورسيرا فى 10 أيام سيصبح قدوة ترنو لها الأنظار حرفيًا .. بينما فى الخارج يمكنهم إلتهام 10 مثله على الإفطار ..هذا ليس إنهزامًا حضاريًا .. هذه المقاييس الإعتيادية تمامًا للتعليم فى الخارج، لذا لا تخبر الناس، حب الظهور وأخذ الهالة سيقتل كل مشاريعك قبل أن تبدأ !* عاقب نفسك بإستمرار .. شخصيًا ألجأ لوضع مبلغًا كبيرًا من المال مع والدتى، كلما تأخرت فى شىء ضاع على جزء منه، النتيجة أننى أبذل جهدى فى البداية لكى لا تضيع النقود، ثم أنتهى بعد فترة لنسيان النقود وإلى أننى ثبت العادة _ أى عادة _ لدى ..* انتق شخصًا ليس لديك به علاقات قوية، يشاركك ما تريد أن تفعله، وادرس أو أنهى مهمتك معه، الصديق سيلهيك، وستجد الكورس الذى كنتم ستبدأون به تحول بمعجزة ما لبلاى ستيشن وقهوة أما الصديقة فسيتحول الموضوع لمسرحية متواصلة من الضحك والنم على سكان الكوكب كلهم تقريبًا ..أما هذا الشخص فستجلس معه لأنك يجب أن تجلس معه، لغرض المذاكرة، بدون الإلتزام بأى علاقات مسبقة .. ثم ترحل .. مهمة محدودة جدًا ..* ابتعد عن مواقع التواصل الإجتماعى وصعب وصولك إليها .. هناك أدوات كثيرة لجوجل كروم أو فاير فوكس تغلق الفيس بوك أو تويتر أو إنستجرام لساعات محدودة .. فى البداية ستتجاوز كل ذلك وستضغط على Uninstall بكثرة .. لكن بعد هذا سيصيبك الكسل، وسيصبح من الشاق عليك تجاوز كل الموانع للوصول للفيس مثلًا من فرط الملل .. ستفضل أن تنهى كل شىء فى موعده ..كل ما أعلاه رهن بإرداتك، لا علاقة للأمر بتنمية بشرية أو أحلام وطموحات وإحباطات وظروف وخوف ومشاعر .. كل ذلك مفهوم لكن ليس له علاقة .. إن لم يكن لديك إرادة فهذا المقال ليس لك .

المصدر