لنفترض أنك تقود سيارتك على طريق سريع ووجدت سيارة مشتعلة ومنقلبة على سقفها، ونظرت حولك فلم تجد في الطريق سواك..
في الغالب الأعم، ستوقف سيارتك، تترجل لتتفقد السائق في السيارة الأخرى، ستطلب الإسعاف..
ولن تستطيع أن تتجاهل هذا الحدث!
ستشعر بالمسئولية كونك الشخص الوحيد الذي شاهد!
طيب هل ستصدق لو أخبرتك أن نسبة ممارستك لهذا السلوك ستنحدر ل ٢٠٪ فقط إن كنت على طريق مزدحم مع سيارات أخرى؟
وأن نسبة حصول الرجل على المساعدة ستنخفض ٨٠٪ بزيادة عدد من يمرون على حادثته؟
كيف؟ لماذا!
الحقيقة باحث ألماني أجرى تجربة بسيطة من ٥٠ عام لقياس حجم مجهود الفرد وحده في مقابل مجهود الفرد كجزء من جماعة.
فطلب من المشاركين أن “يشدوا الحبل” وقام بقياس قوة “الشد” لنفس الفرد وحده وفي الجماعة، ووجد أن هناك نقصان شديد في مجهود الفرد حين أصبح جزء من مجموعة.
وهو ما سماه علماء النفس الاجتماعي ب
“Social Loafing”
هذه الظاهرة بخلاف تأثيرها على إنتاجية الفرد في العمل حين لا يعمل بمفرده لشيوع المسئولية وعدم الوضوح،
استخدمها العلماء لتفسير ال
“Bystander intervention behaviors”
أو سلوكيات المارة أو المشاهدين في الأماكن العامة.
ووجدوا أن الأشخاص يصبحون عرضة لل “لا فعل”
كلما زاد عدد الناس من حولهم،
لسبب عدم وضوح المسئولية،
وشعورهم أن شخص آخر سيتحرك بدلا منهم.
ظاهرة خطيرة إذا حسبت تأثيرها على سلوكيات الفرد تجاه القضايا الكبيرة كالتغير المناخي، نسب التلوث السمعي والبصري، الفساد،الظلم..
كلما أثرت الظاهرة على عدد أكبر من الناس كلما قل مجهود ومسئولية الفرد تجاه تغييرها..
وهنا تفهم عظمة الدين،
الذي سيحاسب كل فرد على أفعاله وحده!
فيؤكد أنك ستقابل الله فردا واحدا،
ولن يحمل عنك المسئولية أي شخص دونك!
الدين الذي حثك على تغيير المنكر بما “تستطيع” ولو كان بقلبك..
وفعل الخير ولو في أرض الفساد،
وجعل قول كلمة حق في وجه سلطان جائر من درجات الجهاد،
وزرع شجرة ولو لم يفعلها غيرك..
الدين الذي يؤكد على مسئولية الفرد،
الفرد وحده..
لأنك ستحاسب وحدك..
وأنت مؤثر وحدك..
ها هو الدين يعالج ظاهرة شيوع المسئولية
(التي لا يحاسب القانون على إثرها المجرمين في جرائم جماعية فيفلتون من العقاب)،
ليصبح الكل مسئول،
عن نفسه،
عن محيطه،
عن دائرته..
عن اختياره بغض النظر عن اختيارات الآخرين..
فيكون جزء من الكون وكأنه في الكون وحده
فتتشابك الجهود الفردية الجادة فلا يترك أحد خارجها!
الدين منهج متكامل ينظم الحياة الاجتماعية وليس مجرد شعائر!