لو واحد قال لك: (أنا شفت شجرة)، كلمات بسيطة جدا وتبدو ساذجة ومفهومة، لكنك مستحيل تفهم قصده على الحقيقة، مش هتقدر تتخيل لون الشجرة اللي هو شافها، قربها أو بعدها منه، حالته النفسية وهو بيشوفها، علاقة نور الشمس بيها، لون السما وقتها، إلخ. آلاف الأحوال والاحتمالات اللي مش هيقدر ينقلهالك، كلامه هيترجم حسب مخزون التصورات اللي عندك أنت مش عنده هو، هتفهم كلامه زي ما أنت متصور الشجرة، مش زي ما هو، صاحب الكلام، متصورها.
تخيل ده في الحاجات المحسوسة، فما بالك بالمشاعر والأفكار.
كل روح مسجونة في وحدتها، كل وسائلها في التعبير عن نفسها مجرد كلمات ورموز وسيطة، ما بتنقلهاش زي ما هي. زي خديجة بنتي اللي عندها إحساس لكن لسه ماتعلمتش الكلام.
كل تجربة دينية روحية، كل حُضن، كل سُكر وتغييب للوعي، كل فرحة عارمة أو خوف مرضي أو بطولة معجزة، كل دي محاولات للروح لفتح كوة صغيرة في الجدار الصلب، للاتصال بغيرها اتصال مباشر.
الشيخ جلال الدين الرومي قال عن الناي إنه عامل زي الروح، بيحكي ألم الفراق، لأنه اتقطع عن أصل الشجرة.
ربنا يآنس وحشتنا جميعا.
https://www.facebook.com/ahmad.fatehelbab/posts/10154682114854629