ليه سيدنا جبريل كان بيغلط في النحو ؟
فيه عدد كبير من المستشرقين والمستعربين والمرسلين الغربيين اشتغلوا على نقد الإسلام بأدوات “النقد العالي” والنقد الواطي” ودي أدوات كان طورها الملحدين الغربيين لنقد المسيحية من قبل، وبقى المرسلين يستخدموها لنقد الإسلام عشان يثبتوا إنه غلط وإن المسيحيةصح، دنيا دوارة طبعا. المهم الشباب عملوا كتالوج كامل للي بيقولوا عليه أخطاء القرآن، اللي تاريخي واللي جغرافي واللي علمي واللي منطقي واللي تناقض بين قصتين وهكذا، وكمان قائمة طويلة من “الأخطاء” النحوية والإملائية، والحقيقة هما ما جابوش حاجة من عندهم، الكلام ده معروف من زمان، وتناقش فيه بتوع النحو وبتوع الفقه وغيرهم لقرون، وكانوا لقوا أكتر من تفسير أو تخريجه، أسهلهم وأكثرهم منطقية إنه ماكنش فيه نحو أصلا لما نزل القرآن فلا يمكن القياس بأثر رجعي طبعا، والتخريجة التانية هو محاولة تفسير كل “غلط” من دول لوحده وفهم الجملة بشكل تاني عشان النحو يستقيم، وده قريب من مفهوم في اللسانيات بيقولوا عليه قاعدة “عدم الثبات” أي مثلا إن جملة واحدة يمكن فهمها على أكثر من وجه فيمكن إعرابها بأكثر من شكل، ودي قاعدة شائكة جدا ممكن تخلي بتوع النحو زي ترزية القوانين بتوع مجلس الشعب عندنا قادرين يبرروا أي حاجة، ويمنطقوا نفس الحاجة بأكتر من طريقة، ولما يعجزوا خالص يدخلوا في “غير القياسي” أو “التكسير” وغيره، يعني طالما هما حطوا في دماغهم لسبب ما إنهم يثبتوا إنها صح. المهم نرجع لموضوع غلطات سيدنا جبريل في النحو ، فيه حكاية شائعة في الادبيات التبشيرية عن مرسل بروتستانتي قابل شيخ ريفي من مصر (في الأغلب صوفي) وحب يحرجه وقعد يطلع له آيات المنصوب فيها مجرور والمذكر مؤنث والمثنى مفرد أو مجموع وهكذا، المهم فضل الشيخ يقوله تمام تمام ، وبعدين المرسل قال له إيه هو جبريل بيغلط في النحو ؟ والراجل غالبا كان ممكن يرد عليه بشكل تفصيلي ومنطقي، لأن الردود معروفة، بس واضح إنه كان مبضون من هيافة المرسل وتفاهة اللي بيقوله. فراح ضارب له كرسي في الكلوب، وقال له بما معناه، هو جبريل ذنبه إيه ؟ ده بيبلغ بس. فطبعا المرسل اتخض وقاله: يعني إيه ربنا بيغلط في النحو ؟ إزاي ؟ فالشيخ راح قفلها له خالص وقال له: ربنا بقى، هو فيه حد يقدر يقول لربنا إزاي! …وبعدين يعني ربنا ولا النحو ؟
المهم هذه القصة الساذجة يرويها المبشرين عشان يدللوا على قد إيه المسلمين غير منطقيين، في حين إنها في الحقيقة بتقول العكس يعني قد إيه قد إيه بتوع “النقد الواطي” دول اللي هايفين وجهلة كمان باللسانيات وتطور اللغات وطريقة وضع قواعدها، ويعني دي لغة تعطي للشاعر رخصة تكسير قواعد اللغة وتجاوزها، فما بالك بربنا. ففي الآخر ، وكالعادة، وسعوا صدوركوا شوية، دول قالوا على سيدنا جبريل نفسه بيغلط في النحو.