فيلم “groundhog day” يجسد مفارقة كبيرة،
فالبطل “فيل” الذي يستيقظ كل يوم فيجد أن يومه يتكرر بنفس التفاصيل،
لا يستطيع الخروج من هذا التكرار الملل والمفزع عن طريق “عيش اللحظة” واقتناص السعادات الجزئية،
أو فعل أي شيء جديد،
أو حتى عن طريق اقتراف كل ممنوع مع أمن العقاب -حيث لا يوجد “غد” يمثل موضع الحساب-،
بل -وهنا المفارقة- عن طريق “التكرار” فقط يستطيع البطل الخروج من تكرار يومه!
فالبطل لا يصل إلى الغد الغائب والمؤجل إلا بعدما يتحول لإنسان جديد كليًا،
وهذا عبر ممارسة روتينات يومية كثيرة،
يتعلم فيها العزف، ويحسِّن فيها علاقاته مع من حوله، ويفهم من جديد معنى الحب والصداقة، ويصنع لذاته بيتًا.
وربما نحن نعيش كل يوم ذات اليوم،
لا بسبب غرقنا في الروتين وعدم استطاعتنا كسر النظام،
بل بالأحرى لأننا لا نستطيع صنع نظامًا يغيرنا،
يعيد تشكيلنا حثيثًا كي نصير أفضل.
إن الغد وكما يخبرنا الفيلم، لا يأتي من تلقاء ذاته،
فليس الغد يومًا في رزنامة معلقة على الحائط،
بل أفقًا نسغى إليه، نصنعه، بأبسط الطرق،
بأن نعيد النظر في ما حاولنا، فيما بين أيدينا،
في أنفسنا،
في كلماتنا وأفعالنا التي فقدت كل معنى من فرط ما نكررها دون وعي.
معنى هذا أن القضية ليست في التكرار، وإنما في الوعي.
فالتكرار دون وعي هو السكون والموت والغياب لأي غد،
أما التكرار بالوعي فبناء،
التكرار بوعي هو خلق الجديد، هو النهاية الوحيدة لكل تكرار.