التصنيفات
مقالات الضيوف

الدرجات_الخمسة_للنفع_والضرّ

عليك أن تتوقّف لحظة قبل أن تتّخذ أيّ قرار لأيّ فعل – وتسأل نفسك

حضرتك كحدّ مستثمر – بتتعامل بالفلوس مع ناس – وبتتعامل بالمنتج مع عملاء ومنافسين – وبتتعامل مع الموظّفين – لازم تفهم التسلسل ده لدرجات النفع والضرّ

1 – أن تنفع نفسك وتنفع غيرك

2 – أن تنفع نفسك ولا تضرّ غيرك

3 – أن تضرّ نفسك ولا تضرّ غيرك

4 – أن تنفع نفسك وتضرّ غيرك

5 – أن تضرّ نفسك وتضرّ غيرك

لازم أيّ قرار تاخده – تسأل نفسك – هوّا فين على المسطرة دي ؟

ولو لقيته في درجة ما – تسأل نفسك – هل أقدر أرفعه درجة ؟!

ولازم تعرف الخطّ الفاصل بين ال 5 مراحل دول – وتنزل لحدّ فين وتقف وترفض تنزل أكتر من كده

الدرجة الأولى /

#أن_تنفع_نفسك_وتنفع_غيرك

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل

فالأصل في كلّ أفعالك أن تتخيّر منها الفعل ذا النفع العامّ – الذي يجلب الخير لك وللناس

وبالمناسبة /

هذه الأفعال لا تقتصر على الأعمال الخيريّة فقط كما يظنّ البعض

بالعكس !!

فالأعمال الخيريّة تندرج تحت درجة ( أن تضرّ نفسك وتنفع الناس ) – وهي درجة غير مذكورة في الخمس درجات السابقة – لأنّها نادرة جدّا – مثلها مثل أفعال الأبّ والأمّ مع أبنائهم !!

بينما غالب أعمال الناس تندرج تحت درجة ( أن تنفع نفسك وتنفع الناس )

فالتاجر مثلا الذي يذهب لمكان صيد الأسماك – ويأتي بالسمك للقرية أو المدينة – هو بذلك ينفع نفسه وينفع الناس

ولا يشترط أن يعطي للناس السمك مجّانا حتّى يقال أنّه قد نفع الناس

وبالمناسبة /

لا يعتبر دفع الناس لثمن السمك مضرّة لهم

بالعكس !!

فدفع الناس لثمن السمك هو منفعة لهم – لأنّ ثمن السمك أقلّ من قيمته بالنسبة لهم – وإلّا لما كانوا اشتروه

فالمقارنة الحقيقيّة هي المقارنة بين ثمن السمك في القرية – ومجموع التكاليف التي كان يجب أن يدفعها الشخص العادي لو قرّر أن يذهب لمكان صيد السمك بنفسه

لكان بذلك تحمّل تكاليف السفر والنقل – ولكان بذلك أضاع من وقته الكثير – ناهيك عن احتمال فساد السمك أثناء نقله له – لعدم خبرته بهذا المجال

فالشاهد من الكلام السابق – هو ان أنبّهك لاستحضار نيّة نفع الناس في كلّ الأفعال التي تفعلها – وعدم اقتصار تخيّلك لأفعال الخير على ( الأعمال الخيريّة ) فقط

الدرجة الثانية /

#أن_تنفع_نفسك_ولاتضرّ_غيرك

لو لم تجد طريقة لنفع الناس بينما تنفع نفسك – فعليك الانتباه لعدم مضرّة الناس

مثال /

قد يكون من طريقتك في ترويج منتجك في البداية – أن تقلّل الأسعار عن سعر التكلفة لفترة محدّدة – فتكون كأنّك تضحّي بتكاليف إضافيّة على المنتج لفترة نظير الانتشار

أنت بذلك نفعت نفسك – من باب الانتشار

ولكنّك في نفس الوقت – ألحقت الضرر بمنافسيك

فقد أصبح لزاما عليهم أن يضرّوا أنفسهم هم أيضا لمجاراتك

فأنت بذلك نفعت نفسك – وألحقت الضرر بالآخرين !

وهنا يظهر مرّة أخرى التفرقة بين مفهومين للضرر – يمكن أن نسمّيهم الضرر المقبول – والضرر غير المقبول

أقرب مثال في الذاكرة الآن – هو شركات تصدير البصل

فشركات تصدير البصل في الموسم الماضي – قامت بشراء كمّيّات كبيرة جدّا من البصل من السوق المحلّيّ لغرض التصدير

فبالتبعيّة – ارتفع سعر البصل في السوق المحلّيّ

فهذا الضرر ( من وجهة نظري ) يعتبر ( ضررا مقبولا )

فارتفاع سعر البصل بقدر قليل على المستهلك – لا يمكن أن يعتبر من قبيل الضرر – فالأسعار معرّضة طوال الوقت للارتفاع والانخفاض

ناهيك عن أنّ ارتفاع أسعار البصل في هذا الموسم – ستكون نتيجته إقبال المزارعين في الأعوام التالية على زراعة البصل – فيذهب للتصدير ما يكفيه – وتظلّ كمّيّات أخرى كبيرة في السوق – فينخفض سعر البصل – وهذا ما يسمّى بميكانيزمات السوق

وكما يقول الفلّاحون ( ما تزرعش بعد مكسب )

يعني الموسم اللي بيكون فيه مكسب كبير في محصول ما – عادة ما تنخفض أسعار هذا المنتج في الموسم التالي له – نتيجة لإقبال الفلّاحين على زراعة هذا المحصول في العام التالي

فالضرر يقدّر بقدره

لو وجدت الضرر من النوع المقبول – مثل حدوث ارتفاع طفيف في الأسعار يقع ضمن الارتفاعات والانخفاضات المعتادة في الأسواق – فهذا ضرر مقبول

أمّا لو وجدت أنّ الضرر المتوقّع قد يؤدّي إلى خراب في السوق – أو أن يتمّ إغلاق بعض شركات المنافسين وتسريح عمالتهم – فهذا ضرر غير مقبول

أذكر عندما كنت أعمل كمحاضر لبرنامج سوليدووركس – طلبت منّي شركة تدريب ناشئة أن أقوم بشرح الكورس لديهم

وسألوني عن تكلفة الكورس – فقلت لهم كذا

اتّفقنا على الكورس

وبعدها بأيّام – وجدت أحد أصحاب شركات التدريب يقول لي ( إزّاي تعطي كورس ب 150 جنيه ) ؟!!

قلت له مستحيل

قال لي انظر لهذا الإعلان من شركة كذا يقولون أنّك ستقوم بشرح الكورس لديهم بتكلفة 150 جنيه !!

تواصلت مع الشركة – وقلت لهم كيف يمكنكم عرض الكورس بهذا السعر ؟!

فقالوا لي ( نحن لن نكسب شيئا من الكورس الأوّل – ستذهب جميع أرباحه لك – نظير أن ينتشر اسم شركتنا في مجال التدريب )

فقلت لهم – أنتم بذلك تضرّون سوق التدريب بشكل كامل – فلو تمّ هذا الكورس بهذا السعر – ستضطرّ باقي الشركات لتخفيض أسعار الكورسات

وستكون نتيجة هذا التخفيض إمّا زيادة عدد المتدرّبين في المجموعة الواحدة – أو الاستعانة بمدرّبين غير أكفاء – أو تقليل عدد ساعات الكورس

فقالوا لي ( لا تشغل بالك بهذا الموضوع – أنت طلبت أتعابك – وستأخذها كاملة )

فاعتذرت عن هذا الكورس مع هذه الشركة

وكما قلنا – فعليك أن تسأل نفسك دائما – هل يمكنني رفع هذا الفعل درجة ؟!

يعني هل يمكنني رفع الفعل من درجة ( نفع النفس وعدم ضرّ الغير ) لدرجة ( نفع النفس ونفع الغير )

وغالبا ستجد طريقة لذلك دائما بفضل الله سبحانه وتعالى

كمثال /

يمكن أن تنفع نفسك بقراءة هذا المقال مثلا – أنت لم تضرّ أحدا بذلك

لكن ممكن تشيّر المقال – فتكون بذلك نفعت نفسك ونفعت الغير !!

المرحلة الثالثة /

#أن_تضرّ_نفسك_ولا_تضرّ_غيرك

وهنا تأتي المفاضلة بين أمرين ( أن تضرّ نفسك ولا تضرّ غيرك ) و ( أن تنفع نفسك وتضرّ غيرك )

أيّهما مقدّم ؟!

وأرى أنّ المقدّم هو أن تختار أن تضرّ نفسك ولا تضرّ غيرك – على أن تنفع نفسك وتضرّ غيرك

فالقاعدة العامّة تقول ( دفع الضرر مقدّم على جلب المنفعة )

فأنت ملزم باختيار البديل الذي يدفع الضرر

تقول لي – في الحالتين ضرر !!

أقول لك – ولكنّ الحالة الثانية فيها ضرر للغير – وهو أشدّ وقعا ووزرا عليك من أن تضرّ نفسك

فأنت حين تضرّ نفسك – فأنت تعرف كيف تتعامل مع هذا الضرر

لكن حين تضرّ الناس – فأنت لا تعلم مدى تحمّل الناس لهذا الضرر – ومدى قدرتهم على التعامل معه

مثال /

لديك بعض المنتجات الغذائيّة التي انتهت فترة صلاحيتها

وأمامك بديلان

أن تضرّ نفسك ( بالتخلّص من هذه المنتجات وخسارة ثمنها ) – بينما تحمي الناس من الضرر

أو !

أن تنفع نفسك – بتغيير تاريخ صلاحية المنتجات وبيعها – فتضرّ بذلك الناس

ففي هذه الحالة – تكون ملزما بالبديل الذي تضرّ فيه نفسك ولا تضرّ فيه الناس

وتأمّل معي حكم ( المجاهرة ) !!

فالمجاهر مرتكب لذنب عظيم بجانب ارتكابه للذنب الأصليّ – ألا وهو ذنب ( المجاهرة بالذنب )

يعني مثلا /

واحد مفطر في نهار رمضان – هذا ذنب عظيم

لكن !!

أن يتناول الطعام أمام الناس – فهذا ذنب يكاد يكون أكبر من ذنب الإفطار نفسه

لانّه في الحالة الثانية ( يضرّ الناس )

فأنت مطالب بالاستتار لو ابتليت بذنب – لأنّك حتّى وإن كنت ستضرّ نفسك بارتكاب الذنب – فأنت مطالب بعدم الإضرار بالناس بالمجاهرة بهذا الذنب

الدرجة الرابعة /

#أن_تنفع_نفسك_وتضرّ_غيرك

وهي مرفوضة – وهي ما تسمّى الضرر

وهي الأنانية بعينها – ولا يتّصف بها مسلم

الدرجة الخامسة /

#أن_تضرّ_نفسك_وتضرّ_غيرك

وهي مرفوضة – وهي ما تسمّى الضرار

وفي الحديث ( لا ضرر ولا ضرار )

فالضرار هو نتاج الحقد والغلّ

وكثيرا ما تظهر هذه الصفة الكريهة بين الشركاء !!

فتجده يرتكب من الأفعال ما هو كفيل بالإضرار بالشركة – الأمر الذي يعني إضراره بنفسه بجانب إضراره بشريكه !!

ولكنّها الكراهية والحقد والعياذ بالله

فعليك أن تتوقّف لحظة قبل أن تتّخذ أيّ قرار لأيّ فعل – وتسأل نفسك

1 – أين يقع هذا القرار على مسطرة الضرّ والنفع هذه ؟

2 – وهل يمكنني ان أرفع هذا الفعل درجة ؟!

3 – وأن تحدّد الدرجة التي لا يجب أن تنزل عنها من هذه المسطرة

المصدر