التصنيفات
مقالات الضيوف

الخناقة السنوية بتاعة زكاة الفطر

الخلاف المعتبر

اختلاف الأئمة المتبوعين في أحكام الشرع مبني على اختلافهم في فهم النصوص ودلالتها، مش مبني على اختلاف في استحسانهم العقلي، يعني ايه؟

يعني فيه فرق بين إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول حاجة فأنا أحترمها وأنت تحترمها ثم نختلف في فهمها مع أهليتنا احنا الاتنين لذلك، وبين إنه صلى الله عليه وسلم يقول حاجة فأنا أقول لأ والله أنا شايف المصلحة في شيء مختلف وأتجاوز النص النبوي الشريف، اختلاف الأئمة المتبوعين كله مبني على النوع الأول، اختلاف في فهم النص نفسه، مش في إن واحد قاعد في حتة طراوة راح مقرر من نفسه كدة يجتهد اجتهاد يتجاوز بيه النصوص.

الشاهد الأشهر في ذلك هي حادثة بني قريظة المعروفة، الصحابة اختلفوا في فهم النص، ناس فهموا من النص إن المقصود هو المعنى الحرفي وناس فهموا إن المقصود هو الإسراع، والنبي ما أنكرش على الاتنين، إنما مهم هنا يكون واضح إن الفريقين محترمين النص واجتهادهم جاي من النص، مش من بنات أفكارهم، محدش فيهم قرر يتجاوز النص وكأنه لم يكن.

الخناقة السنوية بتاعة زكاة الفطر، مهم يكون مفهوم إن إخراج القيمة -على قول من قال بذلك- أو عدم الاقتصار على الأصناف المذكورة في الحديث -على قول من قال بذلك- مهواش مبني على مجرد الاستحسان العقلي، يعني الفقيه مكانش قاعد كدة بيفكر في الهوا فراح قايل (وايه يعني لما نطلعها بالقيمة؟ اه والله فكرة حلوة يللا نحطها في المذهب بتاعنا)، ولا قال (يااه دي الفلوس كانت شحيحة زمان إنما دلوقتي متوفرة فيللا نطلع بالقيمة ونسهل ع الناس وخلاص)، ولا قال (الفقير عايز ياكل أصناف تانية غير الأصناف المذكورة في الحديث فيللا بينا نزودهاله علشان نفرحه)، ولا حتى قال (ما تيجي نشوف فين مصلحة الفقير) من نفسه كدة، وإنما لما نظروا في نصوص الشرع لقوها هي اللي بتدلهم على ذلك، هي اللي بتدلهم على اعتبار مصلحة الفقير أو عدم الاقتصار على الأصناف المذكورة، بالتالي القضية الخلافية مبنية على (فهم نصوص) في مقابل (فهم آخر للنصوص)، وليس إنه خلاف مبني على (فهم نصوص) في مقابل (رأي شخص بيجوّد في الشرع من دماغه بعد ما تجاوز النصوص).

ليه -من وجهة نظري- مهم يكون المبدأ ده مفهوم وواضح؟

أولا، علشان محدش من الإخوة يظن سوءا بالصحابة والأئمة ويفتكرهم إنهم ممكن يقدموا رأيهم الشخصي واستحسانهم العقلي على النصوص الشرعية أو يجودوا فيها، لو كانت النصوص الشرعية لا تحتمل إلا إخراج أصناف معينة أو الحبوب بشكل عام كان كل المسلمين وأولهم الفقهاء الأعلام والصحابة الكرام التزموا بذلك وقالوا سمعنا وأطعنا.

ثانيا، وده مهم أوي بردو، علشان محدش من الإخوة التنويريين يعتقد إن الأئمة بيقدّموا المصلحة -من وجهة نظرهم- على النصوص فيقولنا (اقفش المبدأ ده حلو يللا نستخدمه على طول)، مهم يكون واضح إن الفقهاء -اللي قالوا بذلك- مراحوش قالوا للناس خرجوا زكاة الفطر بحسب مصلحة الفقير إلا لما لقوا النصوص الشرعية هي اللي سمحتلهم بذلك في المسألة دي، إنما فيه مسائل تانية النصوص الشرعية ما ربطتش الحكم أصلا بالمصلحة، فمش هتلاقي حد مثلا منهم بيقول يللا بينا نعمل الحج في ربيع الأول السنة دي علشان الجو هيبقى حلو وده فيه مصلحة الناس.

الخلاف المعتبر دايما بيحصل بعد ما الفريقين يحترموا النصوص ويجتهدوا في فهمها مع أهليتهم لذلك، مش بإن أحد الفريقين يقرر يتجاوز النصوص.

المصدر