بخصوص القطة على كتف الإمام.. فيه خاطرة بتلح عليا فحبيت أكتبها للتذكرة..
الموقف المرة دي -موقف القطة والإمام- حصل فيه ان الرحمة بمفهوم الشرع الإسلامي “صادفت” الرحمة بمفهوم الإنسانية..
الرحمة بمفهوم الشرع هنا بتدعو للعطف على الحيوان.. وجواز التعامل مع القطة في المسجد وفي الصلاة دون حرج لأنها طاهرة.. وجواز الحركة البسيطة في الصلاة.. وبشكل عام الرفق بالحيوان فيه قصص وأحاديث للرسول صلى الله وعليه وسلم كثيرة ومفصلة وجميلة..
في الوقت نفسه الرحمة بمفهوم الإنسانية بتدعو برضو للرفق بالحيوان والتعامل معاه بعطف..
فلما غير المسلمين شافوا الملمح ده في الإسلام انبهروا وأعجبوا بالرحمة دي وحتى بعضهم سأل عن اللي الإمام بيقرؤه وكده..
جميل.. ولكن..
ما ينفعش نتعود على ده..
يعني ايه..
التوافق بين الرحمة بمفهوم الشرع والرحمة بمفهوم الإنسانية مش شرط يتحقق في كل المواقف وكل الأفعال.. فيه مواقف وأفعال في الشرع بتشوفها الإنسانية قاسية ومافيهاش رحمة..
خد عندك ذبح الأضحية في العيد (وخصوصا كشعيرة احتفالية جماعية).. وحرمة تربية الكلب إلا لأغراض محددة.. واستحباب قتل البرص.. كل ده مستهجن بمفهوم الإنسانية..
وده من بند التعامل مع الحيوانات فقط.. لسه فيه بنود تانية بتمس باقي علاقات الإنسان طبعا..
فلما بينتشر فيديو فيه مسلم بيذبح عجل كأضحية هتلاقي اللي عجبهم رفق الإمام بالقطة قوّموا الدنيا على ذبح العجل.. وقتها بقى تفكير حضرتك هيكون ايه؟ هي دي النقطة اللي عايز أوصل لها..
“الإنسانية” هي مجموعة الأفكار والقيم اللي بيقررها الإنسان نفسه لنفسه.. بحيث الأفكار دي تحكم حياته وعلاقاته وتكون زي مرجع له.. وهدفها الأساسي انه يعيش سعيد..
يعني فيه -على الأقل- فرقين مهمين بين الشرع والإنسانية: مين اللي بيقرر الأفكار والأخلاق والأفعال: هنا ربنا وهنا الإنسان.. وإيه هدف وجود الإنسان: هنا العبادة والسعادة الأخروية وهنا السعادة الدنيوية.. .
وبالتالي مافيش مقارنة.. لو انت زيي معتبر شرع ربنا هو المركز اللي حياتك ما بتخرجش عن مداره وما بتبعدش عنه لمراكز تانية هتبقى “مؤمن” ان الشرع كامل الرحمة.. ببساطة لأن اللي شرعه هو الله اللي أول صفتين له في القرآن “الرحمن الرحيم” واللي هو الخالق الأعلم بكل اللي خلقه..
فحتى لو فيه أمر في الشرع ظاهره فيه قسوة بمفهوم الإنسانية فانت متأكد انه فيه رحمة سواء أدركناها أم لم ندركها..
اللي بيغفل عن النقطة دي بيقع في فخ الضلال وهو فاكر انه بيعمل عمل خير.. فتلاقيه حريص على ان غير المسلمين “يحبوا” الإسلام من مفهوم الإنسانية.. يحاول يلوي عنق النصوص عشان يثبت لهم ان الإسلام “كيوت” ورحيم بمفهوم الإنسانية.. يحاول يضعّف أحاديث صحيحة.. يحاول يستعين بتفاسير وآراء شاذة..
ليه ده فخ الضلال؟ لأن الآية المحكمة دي هي المرجع “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم”.. تخيل! ممكن مصير اللي بيحاول “أنسنة” الشرع لاكتساب رضى غير المسلمين انه يلاقي نفسه بقى في ملتهم والعياذ بالله.. ويكون رد ربنا في الآية “قل إن هدى الله هو الهدى”.. المرجع هو شرع ربنا مش أي حاجة تانية..
من حقنا نبتهج باللي حصل ونأمل أنه يكون فاتحة خير وسبب لتعرف الكثيرين على الإسلام.. وفي الوقت نفسه نبقى فاهمين ومنتبهين..